الأربعاء 26 مارس 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

د. إيمان ضاهر تكتب: والقلب يخفق صبوة.. رمضان البر والإحسان في طاعة الرحمن

ما نمنحه بحب وما نزرعه من خير يمتد أثره في الحياة كما تمتد الأشعة الذهبية للشمس تلامس الأرواح وتُحيي الآمال في القلوب.



السنة شجرة، والشهور فروعها، والأيام أغصانها والساعات أوراقها، وأنفاس العباد ثمرتها، فشهر رجب أيام توريقها، وشعبان أيام تفريعها، ورمضان أيام قطافها،  وفي نفوسنا المسلمين، ترتعش قلوبنا فرحاً بتغريد أرواحنا.  شهر رمضان استراحة زمنية ونفسية. يتم تعطيل إيقاعات الحياة، وتهتز العادات، ويتم إيقاظ الوعي. فكيف وصف النبي عليه الصلاة والسلام الملامح العجيبة للسماء لدى قدوم رمضان؟ أليست دفق من الايمان:"  اذا كانت اول ليلة من شهر رمضان،  قال الله لجنّته: تجهزي وتجملي لعبادي يوشك أن يأتيهم مقري وكرمى فيستريحوا من كرب الدنيا"  انه وقت العطاء والكرم العادل في الخير. ويحث النبي ﷺ المؤمنين على تكثيف جهودهم للنهل من شلالات الرحمة الإلهية: "لقد جاءكم رمضان!" إنه شهر البركة. رب العالمين يحيطكم بالسلامة وينزل الرحمة. يغفر الذنوب ويستجيب الدعوات. إن الله عز وجل يراقبكم وأنتم تتنافسون على هذا الهدف، ويباهي بكم أمام ملائكته. فأروا الله  تعالى أحسن ما في أنفسكم فإنه من حرم رحمة الله عز وجل. أليس شهر رمضان هو شهر التغيرات كلها. كل امر يتغير للأجمل؟ إن الكتب العظيمة بنية التحولات التاريخية الكبرى التي ارتقت بالبشرية نحو منتهى اجزل وامثل،  التوراة، والإنجيل، وزبور داود.. وأخيراً القرآن الكريم نزلت في شهر رمضان. عزيزي القارئ المؤمن، تأمل اشراقة الكون في شهر رمضان.. تفتح أبواب السماء وتنزل الملائكة على الأرض وحتى جبريل عليه السلام ينزل على الأرض، تفتح أبواب الجنة فلا يغلق أحد، وتغلق أبواب الجحيم فلا يفتح أحد، وتتعطل الشياطين ثم تقيد، وتمتلئ المساجد بالمصلين من أول فجر إلى ساعة متأخرة من الليل، ويتحول الناس إلى الخير ويبتعدون عن الشر، ويقرأ كتاب الله كثيراً، ويزداد الناس حرصاً على الطهارة. ويصبح البحث عن الخير موضوع بحث لكل المسلمين. كل شيء يصبح مناسبا للتحسين. إذن ماذا علينا أن نفعل؟ يجب عليك أن تستجيب لصوت المنادي الذي يقول:"  أسرعوا إلى فعل الخير، فالظروف متاحة ،  لم يعد هناك حواجز: فمنذ الليلة الأولى من رمضان يتم  تقييد الشياطين. أليس رمضان روضة للعابد، ونعيم للمطيع المتقي، وباب مفتوح للتائب؟. فلنهلل لشهر رمضان بالتوكيل والتوبة إلى الله تعالى، بالاستغفار، والندم على ذنوبنا، والعزم على طاعته، راجيين أن نعتق من النار، وممن يمهد  من عباده الصالحين، ويكفل لهم أعلى الدرجات في الجنة. فيا نفسي اللطيفة ، المؤمنة،سمو الروح وطهارتها،  روحانية الجسد والوحدة العاطفية واليس هذا هو الوئام الكبير؟  يا نفسي، أسرعي إلى التوبة، من دون ابطاءاو ارجاء أو إهمال. يا نفسي كيف عليك التالق بشهر رمضان؟ بالتوبة والرجوع إلى ربك تعالى، أم بالإعراض وترك التوبة؟ يانفسي اليس هو وقت الصواب؟  يا قلبي، أما آن لك أن تسكن وتتعبد لذكر الله وأمام اليقين العادل الذي تجلى؟ يا نفسي، ألم يأن لك أن تستفيدي بهداية وارشاد الله  عز وجل وذكره جل جلاله؟ يا نفسي إن ربك تعالى يناديك ويردد برحمة: يا عبادي إنكم تذنبون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم. يانفسي، رمضان مفتاح تغيير حياتي ، حياة صادقة مليئة بالطاعة والمودة، مع خوف الله تعالى ورجاء ثوابه ومحبته وتمجيده والتوبة والرجوع إليه. أسرعي يا نفسي إلى اركان الإيمان والجنة الفسيحة، والدوام والمثابرة على الصيام وقيام الليل، وتلاوة آيات القرآن. فنرجو أن يحيط بنا ملائكة الرحمن،  الذاكرين الله كثيراً،  في هذا الشهر الكريم. يارب العالمين، وفقنا للعمل الصالح إلى يوم الممات، وأعنا على ذكرك وحسن عبادتك، واجعلنا من عبادك المتقين. اليس رمضان هو صوم المصطفين؟ رمضان عند المصطفين من بين المصطفين : «صوم المصطفين من بين المصطفين يمر بالقلب؛ يجب الصيام عن الاهتمامات والأفكار الدنيوية، والابتعاد تمامًا عن التفكير في أي امر غير الله».  وأخيرا،  يا نفسي قد سبقك عباد الله واحتلوا الأماكن الأولى. ألا تريدين اللحاق بقافلتهم والتنافس مع الآخرين لاحتلال أعلى المراتب؟ يا نفسي،  ها هي نسمات الإيمان قادمة، ورياح الجنة تهب، ولحظات الرحمة تبدأ في الفجر. وهنا الجنة مزينة وأبوابها مفتوحة وسهلة ورحبة. وهنا الجحيم في غضبه وقد اوصدت ابوابه وهنا الشياطين مربوطين مسجونين. يا نفسي رمضان جنة العابدين المتقين وحسن الصاحب للمتحابين في الله تعالى. رمضان جئت إلينا تحنو سماك علينا، أهلاً قدمت ومرحباً، سقنا إليك حنيناً، رمضان ليتك دائم لكي  نفوز بجنة هبة الكريم إلينا. وعن الشوق المتكرر: يبقى الشوق لرمضان يتكرر كل سنة اللهم بلغنا رمضان وأنت راض عنا واجعله شهرًا تتبدل فيه ذنوبنا إلى حسنات وهمومنا إلى أفراح.

أستاذة متخصصة في الأدب الفرنسي واللغات والفن الدرامي، من جامعات السوربون في باريس.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز