
محمد دياب يكتب: قبلة الأسير.. صفعة على وجه الاحتلال

في لحظة صادمة تحمل معاني أبلغ من أي بيان رسمي، انحنى الأسير الإسرائيلي عومر شيم كوف ليطبع قبلة على جبين أحد عناصر حماس.
لم يكن مجبراً على هذا الفعل ولم يكن هناك أي ضغط يمليه عليه أحد، بل كانت شهادة حيّة تُسقط الأكاذيب الإسرائيلية التي تحاول شيطنة المقاومة الفلسطينية.
هذا المشهد ليس مجرد لقطة عابرة بل إعلان مدوٍّ بفشل آلة الدعاية الإسرائيلية ورسالة قاسية لحكّام تل أبيب: المقاومة لم تكن يوماً كما تصفونها وأنتم لم تكونوا يوماً كما تدّعون. لقد عاين الأسير الحقيقة بأمّ عينيه رأى من بذل المستحيل للحفاظ على حياته وسط نار الحرب بينما كانت دولته تساوم عليه بلا مبالاة غير آبهة بمصيره.
وفي الجهة المقابلة خرج الأسرى الفلسطينيون من سجون الاحتلال محملين بأوجاعهم، بجلودهم التي نخرتها الأمراض، بأجسادهم التي أنهكها التعذيب، بحكاياتهم التي تشهد على الوحشية التي تنتهجها إسرائيل خلف القضبان. دولة تملك أضخم ترسانة عسكرية في المنطقة لم تستطع أن تتحلى بذرة من الإنسانية في تعاملها مع أسرى لا حول لهم ولا قوة.
رغم كل هذا يواصل بنيامين نتنياهو عرقلة أي اتفاق جديد لتبادل الأسرى مدفوعاً بهوس البقاء في السلطة مدركاً أن نهاية الحرب تعني نهايته السياسية والشخصية وتعني فتح أبواب المحاكم الدولية لمحاسبته على جرائمه التي يظن أنها ستُطوى بالنسيان.
لكن اللعبة لم تعد في يد نتنياهو وحده فالدعم الأمريكي المطلق هو ما يبقيه في المشهد حتى الآن، رغم كل الفضائح والمذابح، رغم كل الدماء التي سالت بلا حساب. ازدواجية الغرب التي تدّعي الدفاع عن حقوق الإنسان تتجلى بأبشع صورها هنا حيث تُرتكب أبشع الجرائم تحت غطاء الشرعية الدولية المزعومة.
إن قبلة الأسير الإسرائيلي على جبين المقاومة لم تكن مجرد لفتة عاطفية بل كانت صفعة مدوية على وجه الاحتلال واعترافاً غير متوقع بحقيقة لا يستطيع الإعلام المضلِّل طمسها: إسرائيل تخسر الحرب ليس فقط عسكرياً بل أخلاقياً وإنسانياً وكل يوم يمر يكشف زيفها أمام العالم. اليوم بات واضحاً أن الاحتلال يعيش أيامه الأخيرة في نظر التاريخ فقبلة الأسير كانت بمثابة إعلان إفلاس أخلاقي وسياسي لدولة بُنيت على الخداع. لكن السؤال الذي يطرح نفسه: متى يدرك الإسرائيليون أن مشروعهم الزائف ينهار أمام أعينهم وأن ما تبقى لهم ليس سوى سراب لن يطول؟