
غرائب وعجائب حول العالم
جان ليبيرا.. الرجل الذي حمل توأمه الطفيلي في رحلة عيش استثنائية!

هدى زكي
في عالمٍ غَصَّ بالغرائب الطبية والعروض الاستثنائية، برز اسم جان ليبيرا (1884–1936)، المعروف بـ"الرجل ذو الجسد المزدوج"، كواحد من أكثر الحالات إثارة للحيرة والإعجاب في تاريخ القرن العشرين. حمل ليبيرا طوال حياته توأماً طفيلياً يُدعى "جاك"، ملتصقاً بمنطقة صدره وبطنه، يمتلك ذراعين وساقين ورأساً جزئياً، ويتشارك معه الأنظمة العصبية والدموية، في حالة نادرة لم تُسجَّل إلا مرات محدودة عبر التاريخ .
_20250215162703.jpg)
توأم طفيلي "حي"
وُلد جان في روما عام 1884، وكان أحد 13 طفلاً في عائلته، حيث وُلد شقيق آخر بتوأم طفيلي أيضاً لكنه لم ينجُ من مرحلة الرضاعة . حالة جان وجاك نتجت عن انقسام جزئي للجنين في الرحم، ما تسبب في التصاق التوأم الأصغر (جاك) بجسد جان الأكثر تطوراً. وفقاً لفحوصات الأشعة السينية، كان رأس جاك البالغ محيطه 15 سم مُغروساً داخل بطن جان، مع أطراف متحركة جزئياً .
على عكس معظم التوائم الطفيلية التي تفتقر للوعي، تشير تقارير طبية وعروض سيرك إلى أن جاك كان يُظهر علامات حركة، رغم اعتماده الكلي على جسد أخيه للبقاء . وصف الأطباء الحالة بأنها "استثنائية"، خاصةً مع اشتراك التوأم في الدورة الدموية والجهاز العصبي، ما جعل حياة جان الصحية تحديًا يومياً .
_20250215162752.jpg)
بين خشبة المسرح والحياة العادية: رحلة مقاومة
اختار جان تحويل محنته إلى مصدر رزق، حيث انطلق في عروض السيرك العالمية تحت لقب "الرجل ذو الجسد المزدوج". ارتدى الأخوان بذلات متطابقة أثناء العروض، بينما استخدم جان عباءة لإخفاء جاك أثناء تنقله اليومي . روى مصورو العروض الغريبة، مثل ديان أربوس، أن المشاهدين كانوا "يندهشون بل ويصابون بالإغماء " من مشهد التوأم، خاصةً مع تفاصيل دقيقة مثل ارتداء جاك لحفاضات وأحذية جلدية صغيرة .
رغم الشهرة، عاش جان حياةً خاصةً مفعمة بالتناقضات: تزوج وأنجب أربعة أطفال أصحاء، وهو إنجازٌ استثنائي نظراً لظروفه . تقاعد في نهاية مسيرته وعاد إلى إيطاليا، حيث وافته المنية بين عامي 1934 و1936 عن عمر يناهز الخمسين .
إرثٌ إنساني: بين الاستغلال والتمكين
لم يكن جان وجاك الوحيدين في عالم العروض الغريبة، لكن قصتهما تظل شاهدة على صراع الإنسان مع القبول الاجتماعي. فبينما استُغلت حالات مثل توأمي هيلتون بشكل مأساوي، نجح جان في توظيف حالته لتأمين حياة كريمة، متحدياً الصعوبات الجسدية والنفسية .
اليوم، تُدرس حالته في أبحاث الطب النادر، كدليل على تعقيدات التطور الجنيني وقدرة الإنسان على التكيف. رغم ذلك، يبقى جزءٌ كبير من سيرته غامضاً بسبب ندرة السجلات خارج إعلانات العروض، مما يضفي على قصته هالةً من الأسطورة .