الإثنين 21 أبريل 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

شحاتة زكريا يكتب: مصر.. الدرع الحصين أمام مخططات التهجير

شحاتة زكريا
شحاتة زكريا

منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة في 7 أكتوبر 2023 كان واضحا أن ما يجري ليس مجرد رد فعل على عملية عسكرية، بل جزء من خطة أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد الجغرافي والسياسي في المنطقة. 



وبينما تحركت القوى الكبرى لدعم إسرائيل، وقفت مصر بثبات، لترسم خطا أحمر واضحا: لا لتهجير الفلسطينيين، لا لتصفية القضية، ولا لأي محاولة للعبث بالأمن القومي المصري.  

على مدار الأشهر الماضية تعرضت القاهرة لضغوط هائلة، من تلويحات سياسية إلى حملات إعلامية ممنهجة، تهدف إلى دفعها للقبول بفتح أبواب سيناء لاستقبال النازحين الفلسطينيين. لكن مصر لم تكن يوما دولة تخضع للابتزاز أو تتأثر بالحملات الدعائية بل تعاملت مع الأزمة بواقعية استراتيجية مستندة إلى إدراك عميق لتاريخ الصراع ومخاطر الانسياق وراء الحلول السطحية.  

كانت الرسائل المصرية واضحة منذ اللحظة الأولى، سواء في خطاب الرئيس عبد الفتاح السيسي أو عبر بيانات الخارجية أو من خلال التحركات الدبلوماسية على كافة المستويات. لم تكتفِ القاهرة بإعلان رفضها بل عملت على تعزيز موقفها عربيا ودوليا، وحشدت الدعم لضرورة وقف العدوان والتحذير من تداعيات التهجير التي لن تؤدي إلا إلى مزيد من الفوضى في المنطقة.  

ومع تصاعد الأحداث لم يكن غريبا أن يلجأ الاحتلال الإسرائيلي إلى أساليبه المعتادة من التهديدات غير المباشرة إلى الحملات الإعلامية المضللة. فصحيفة "جيروزاليم بوست" لم تتردد في نشر تقرير يحمل تلميحات خطيرة بشأن الرئيس المصري في محاولة لخلق ضغوط على القيادة المصرية.  كما جاءت تصريحات دونالد ترامب حول إمكانية تهجير الفلسطينيين إلى سيناء لتعكس جهلا واضحا بطبيعة الدولة المصرية، التي لم ولن تكون ساحة لتنفيذ المخططات الصهيونية.  

لكن المثير في المشهد أن بعض الأصوات الداخلية عن وعي أو عن جهل تبنّت نفس الخطاب الإسرائيلي وبدأت تردد دعاوى فتح المعابر بدعوى الدوافع الإنسانية، متناسية أن الهدف الحقيقي ليس حماية الفلسطينيين، بل استغلال معاناتهم لفرض واقع ديموغرافي جديد. هؤلاء ممن اعتادوا التشكيك في قرارات الدولة لم يدركوا أن مصر لا تتخذ مواقفها تحت ضغط العواطف أو المزايدات، بل بناء على حسابات دقيقة تضمن أمنها القومي ، وتحمي الفلسطينيين من مخطط يهدف إلى محو وجودهم من أرضهم.  

وفي ظل هذا التصعيد كان الموقف العسكري المصري يبعث برسالة أخرى لا تقل أهمية. فمنذ سنوات حرصت الدولة المصرية على تحديث قواتها المسلحة رغم حملات التشكيك التي حاولت التقليل من أهمية هذا التحديث. 

لكن اليوم وبعد أن اتضح حجم التهديدات المحيطة، أدرك الجميع أن مصر لم تكن تستعد لحروب وهمية بل كانت تتحسب لسيناريوهات أصبحت واقعا.  وليس أدل على ذلك من رد مندوب مصر في الأمم المتحدة على التساؤلات الإسرائيلية بشأن تسليح الجيش المصري عندما قال بوضوح: "الدول الكبرى تحتاج إلى جيوش قوية لحماية أمنها القومي".  

ومع مرور الوقت لم تنجح إسرائيل في تحقيق أهدافها ولم تتمكن من فرض مخطط التهجير ، لأن القاهرة رسمت حدودا واضحة لا يمكن تجاوزها. وبينما تتزايد الأصوات الدولية التي ترفض مخطط التهجير يتضح أن مصر لم تكن مجرد دولة تتخذ موقفا مبدئيًا بل كانت الدرع الحصين الذي منع كارثة كان يمكن أن تغير معالم المنطقة بأكملها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز