
البكالوريا بوابة رئيسية لاقتحام سوق العمل محليًا ودوليًا

مينرفا سعد
خطة مستقبلية لمساعدة 3 ملايين طالب فى منظومة التعليم الثانوى على تطوير مهاراتهم بحيث تواكب نظائرهم فى الدول المختلفة، وإتاحة فرص العمل والدراسة فى مختلف أسواق العمل المحلية والعالمية، بالإضافة إلى تخفيف عدد المواد من 32 مادة إلى ما يقرب من 8 إلى 10 مواد لتكون متناسبة مع ما يدرسه الطلاب المصريون فى المدارس الدولية الموجودة فى مصر، كذلك تخفيف الضغط على أولياء الأمور والعبء النفسى والمادى المرتبط بامتحانات الثانوية العامة، كل ذلك كان كفيلًا لأن يدفع الحكومة خلال الفترة الماضية إلى إعلان مقترح نظام البكالوريا المصرية الجديد، وتم طرحه فى حوار مجتمعى موسع مع جميع الجهات المعنية للوصول إلى أفضل صياغة قبل اتخاذ أى خطوات رسمية لتطبيقه على أرض الواقع.
مرحلة ما قبل إعلان المقترح
شهدت منظومة التعليم الثانوى فى مصر مشكلات عدة خلال الأعوام السابقة ومنها العجز الكبير فى نسبة معلمى المواد الأساسية، إلى جانب ارتفاع نسبة الغياب بصورة تصاعدية كل عام فى معظم المدارس الثانوية، والضغط الشديد على الأسر فى مرحلة الثانوية العامة لما لها من عبء مادى بسبب الدروس الخصوصية التي تبدأ قبل بدء العام الدراسى بعدة أشهر، ومن ثم قامت وزارة التربية والتعليم باتخاذ عدة قرارات لإعداد منظومة التعليم الثانوى للمقترح الجديد للثانوية العامة، كان أبزرها تخفيض الكثافات الطلابية إلى أقل من 50 طالبًا بعد أن وصلت إلى ٨٠ طالبًا فى العديد من المحافظات عالية الكثافات، كذلك علاج مشكلة العجز فى أعداد المعلمين خاصة فى المواد الأساسية، فضلًا عن نسبة حضور الطلاب التي تصل حاليًا إلى أكثر من 85%، بعد أن كانت لا تتعدى من 9%، إلى 15٪ فى المدارس الحكومية.
سبب تغيير النظام الحالى
وكشفت وزارة التربية والتعليم عن أن نظام الثانوية العامة الحالى نظام قاسٍ على الطلاب وأولياء الأمور، إذ إن امتحان واحد خلال شهر يونيو من كل عام يحدد مصير الطالب طوال حياته، ويقرر له الكلية التي سيلتحق بها والمهنة التي سيعمل فيها، وليست هناك فرصة للطالب إذا تعرض لأى ظرف قهرى بتعديل مسارة أو تغيير مستقبله، فكان الهدف أن يجعل الطالب يحدد مصيره ويختار مستقبله بنفسه، وإتاحة فرصة للتحسين لأكثر من مرة حتى يتمكن من تحقيق حلمة باجتهاده.

كما أن هناك احتياجًا لوجود نظام جديد فى التعليم الثانوى يسمح للجهات الأجنبية باعتماده، ومن ثم يمكن الطلاب المصريين من العمل أو الالتحاق بالجامعات فى كل دول العالم، كما أن هناك احتياجًا آخر لوجود توازن بين نظام الثانوية العامة فى المدارس الحكومية وبين الأنظمة الأجنبية الموجودة فى مصر، مثل: شهادة الثانوية العامة البريطانية والأمريكية.
تفاصيل نظام البكالوريا
النظام الجديد المقترح، ينقسم إلى قسمين، السنة الأولى: التمهيدية التي تعادل الصف الأول الثانوي، وهى تعتبر بنفس الوضع القائم حاليًا باستثناء تغيير واحد هو إضافة مادة الدين إلى المجموع، ومادة البرمجة، وهى مادة خارج المجموع كمادة تعريفية وتمهيدية للطلاب بحيث يتعرف عليها.
وبالنسبة للصفين الثانى والثالث الثانوي، هناك 4 مواد أساسية هى الدين والعربى والتاريخ واللغة الأجنبية، بالإضافة إلى مواد التخصص التي يختارها الطالب بناء على الكلية التي يرغب فى الالتحاق بها، وبناءً على المسارات المقترحة التي وضعت بالتنسيق مع وزارة التعليم العالي.
وتشمل تلك المسارات 4 مسارات رئيسة يمكن للطالب الالتحاق بها فى الجامعات: «قطاع الطب وعلوم الحياة ـ قطاع العلوم الطبيعية والهندسة والتكنولوجيا ـ قطاع إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية ـ قطاع الآداب والعلوم الإنسانية»، وما يندرج تحت كل منها من كليات ومعاهد، والوظائف المرتبطة بكل مسار.
ويأتى اختيار هذه المسارات مواكبًا لاحتياجات سوق العمل الحالية والمستقبلية، ونظام البكالوريا المصرية الجديد يتكون من 7 مواد على عامين دراسيين وللطالب حق دخول الامتحان فى المادة مرتين فى العام الدراسي، كما يمنحه الحق فى تحديد وتعديل مساره بما يتوافق مع إمكاناته، فضلًا عن أن الاستقرار على وضع 100 درجة متساوية لكل المواد جاء لضمان أن تكون المواد الأساسية متساوية فى الأهمية، كما تم وضع بعض القواعد العامة داخل نظام البكالوريا المصرية وهى أن للطالب فرصتين لدخول الامتحان خلال العام الدراسى دور مايو ويوليو ودور يونيو وأغسطس.
الحرية فى الاختيار
إذا كانت اتجاهات الطالب تميل نحو دراسة «العلوم الطبية» سيتم دراسة مادتين أساسيتين هما «الأحياء المستوى الرفيع ـ الكيمياء المستوى الرفيع» بجانب اختيار مادة من مادتى «الرياضة أو الفيزياء»، أما إذا كانت اتجاهات الطالب تميل لدراسة «الهندسة وعلوم الحاسب» فسيتم دراسة مادتى «الرياضيات مستوى رفيع والفيزياء مستوى رفيع» بجانب اختيار مادة من مادتى «الكيمياء أو البرمجة»، أما إذا كانت اتجاهاته نحو دراسة «إدارة الأعمال» فسيتم دراسة مادتين أساسيتين «اقتصاد مستوى رفيع والرياضيات» بجانب اختيار مادة من مادتى «المحاسبة أو إدارة الأعمال»، وفى حالة إذا كانت اتجاهات الطالب تميل لدراسة «الآداب والفنون» فسيتم دراسة مادتى «الجغرافيا مستوى رفيع والإحصاء»، بجانب اختيار مادة من مادتى «علم النفس أو اللغة الأجنبية الثانية».
خلاف حول إضافة التربية الدينية للمجموع
أثارت قضية إضافة مادة التربية الدينية إلى مجموع الثانوية العامة بـ 100 درجة خلافًا بين العديد من الجهات، إذ أكد البعض أنه لا يوجد تخصص فى كليات التربية لمعلمى التربية الدينية المسيحية، كما أن حجم المناهج قد يختلف بين المادتين، الأمر الذي قد يفضى إلى عدم وجود عدالة اجتماعية بين الطلاب، إلا أن وزارة التربية والتعليم كان لها رأى مختلف، وهو أن إضافة مادة التربية الدينية إلى المجموع، يرتكز على ترسيخ القيم والثوابت الدينية والأخلاقية لدى الطلاب فى ظل الانفتاح على العالم.

وتتم الإضافة وفق معايير محددة، من بينها تحديد كتاب للتربية الدينية الإسلامية، وكتاب للتربية الدينية المسيحية، بالتنسيق والتعاون بين الإدارة المركزية لتطوير المناهج والأزهر الشريف والكنيسة، على أن تتناول الموضوعات المدخل الأخلاقى والقيم مع ضبط الوزن النسبى للكتابين، وتصحيح امتحانات هذه المادة ستتم إلكترونيًا، إذ أن التربية والأخلاق تعد من العناصر الأساسية التي يجب أن تكتمل بها عملية التعليم، إذ لا يتوقف دور العلم فقط على نقل المعرفة والمهارات، بل يمتد ليشمل تشكيل الشخصية وبناء القيم الأخلاقية والسلوكيات الإيجابية، مثل الأمانة، والإيثار، واحترام الآخر، وغيرها من القيم التي تعمل على تهيئة الطلاب ليكونوا مواطنين فاعلين فى المجتمع.
سوق العمل محليًا ودوليًا
ويعد توفير عمالة مدربة لسوق العمل المحلية والعالمية هدفًا أساسيًا من تطوير المنظومة التعليمية، من أجل الوصول إلى طالب مؤهل بالجدارات والمهارات اللازمة لمواكبة التطورات التي شهدها سوق العمل، ومتابعة المستجدات التي طرأت فى مختلف المجالات المهنية والتخصصات التكنولوجية الحديثة، الأمر الذي ينطبق على منظومة البكالوريا المصرية الجديدة بالتزامن مع تطوير البرامج الدراسية فى الجامعات لتناسب ما حدث من تداخل فى التخصصات العلمية الحديثة.
السنة التأسيسية فى الجامعات
نظام السنة التأسيسية يهدف إلى تهيئة الطالب للالتحاق بالمرحلة الجامعية، وتقليص الفجوة المعرفية بين مخرجات التعليم العام ومتطلبات الأداء فى المرحلة الجامعية؛ بهدف تزويد الطالب الجامعى بالمهارات والكفاءات التي تؤهله لدخول سوق العمل وتُمنح للطالب الذي لم يحصل على الحد الأدنى من الدرجات المؤهلة لتخصص معين بفارق 5%، ما يتيح له فرصة الالتحاق بالتخصص المرغوب، إذ أن الهدف من هذه السنة تعزيز مهارات الطلاب الأكاديمية والتقنية؛ ما يسهم فى تقليص الفجوة بين مخرجات التعليم العالى ومتطلبات سوق العمل، ويؤدى إلى توفير كوادر مؤهلة تلبى احتياجاته.
كما أنها تهدف إلى تقليل أعداد الطلاب المغتربين الذين يسعون للحصول على فرص دراسية فى الخارج، وهو النظام المعمول به عالميًا، وكذلك فى فروع الجامعات الأجنبية الموجودة فى مصر، كما أنه يتسم بالمرونة ويعتمد على نظام الساعات المعتمدة، ويهدف إلى توفير فرص القبول فى الجامعات الخاصة والأهلية والتكنولوجية.
الحوار المجتمعي
إطلاق حوار مجتمعى حول نظام البكالوريا المصرية الجديد كان توجيهًا رئاسيًّا للحكومة منذ عامين تقريبًا، إذ كلف الرئيس عبدالفتاح السيسي، الحكومة، بأن تقوم بعمل حوار مجتمعى شامل حول نظام التعليم الجديد بهدف طمأنة الطلاب وأولياء الأمور قبل تطبيق هذا النظام، ومن ثم قامت وزارتا التربية والتعليم والتعليم العالى بإجراء العديد من الاجتماعات بين النواب ورؤساء الجامعات والوزراء السابقين والإعلاميين والمعلمين ومديري المدارس ورؤساء الأحزاب ومجالس الآباء على مستوى الجمهورية بهدف الوصول إلى أفضل صياغة للمقترح الجديد قبل أن يتم تقديمه إلى المجموعة الوزارية للتنمية البشرية، ومن ثم إلى مجلس الوزراء، ثم إلى مجلس الشعب لإصدار القانون الخاص بالنظام الجديد.