د.إيمان ضاهر تكتب: حتى لا ننسى ما كنا عليه وأين أصبحنا
٣٠ يونيو، موعد آخر للقاء مع العطاء، وعبقرية الشرفاء.
يقول الشاعر: "وغدا نهتف مع النور، نور الهداية في كل حكاية، غدير ذكرى ذات الحسب والمجد طوال هذا العهد لهذه الامة المباركة".
ما هي الأمة "الأمة هي روح، مبدأ روحي. شيئان هما في الحقيقة شيء واحد فقط، يشكلان هذه الروح، هذا المبدأ الروحي. أحدهما في الماضي والآخر في الحاضر. "الأول هو ملكية مشتركة لشعب ما. الإرث الغني من الذكريات، والآخر هو الموافقة الحالية، والرغبة في العيش معًا، والرغبة في الاستمرار في تأكيد التراث الحضاري الذي تلقيناه غير مقسم. يقول الفيلسوف إرنست رينان، هذا الماضي الذي سنحميه هو أولاً وقبل كل شيء ماضي الرجال العظماء، أولئك الذين جلبوا المجد للأمة. «ماضٍ بطولي، ورجال عظماء، ومجد، هذا هو رأس المال الاجتماعي الذي نبني عليه الفكرة الوطنية». لكن هذا الماضي هو أيضًا وقبل كل شيء ماضي جماعي. "المعاناة المشتركة توحد أكثر من الفرح!
وفيما يتعلق بالذكريات الوطنية، فإن التلاحم أفضل من الانتصار، لأنه يفرض واجبات، ودوما جهدا مشتركا من كل أبناء الأمة. "وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين»..
وتبقى الذكرى شكلا من أشكال اللقاء، الذي لا يمحى أليست حلويات الذاكرة؟ وتاريخ البشرية يحمل بين طياته أحلى الذكريات يخزنها القلب، طوال الدرب، يوصد عليها الباب حتى لا يسلبها أحد منا، علينا تكريمها، وفي عيدها الاستيقاظ باكرا، للقائها.
فلنستعد لإحياء الذكرى، ذكرى حراك كل قلب يسكنه عشق سلام مصر، ذكرى النصر المبارك، للذة تنتقي وترتقي، لتبقى لمدى العمر أصيلة، طاردة لظلال الأشباح وبقايا الدم.
وفي مواجهة الإرهاب والشائعات والأقاويل للوجوه القبيحة، ما زال، يتدفق الينبوع دائما ليس بقوته فقط، بل بمثابرته... نحو المجد.. فالكمال العظيم مثل الماء لاشيء يقاومها، ولا شيء يهزها... الوجود كله كفاح وصراع والحياة انتصار ولا قتال يستحق الجهد إذا لم يتم بالنصر مقدما. كل المعارك عظيمة للمنتصر، وأليس النصر وحده هو الجميل؟ ثورة ٣٠ يناير، إنها النضال وعلى أرض غارقة في دماء الفيلق لاتغرب الشمس أبدا ،بل تعد القمر بحلول ليال جميلة لاحباء هذه الأرض. إنه النصر الموعود المحب للجهد الدوؤب لأجل الوجود، والزاخر بالمجهود لينتج فاكهة الغلبة على القهر والحرمان وسلطات التامر والارهاب القاتل، ومن الصفحة الاولى للثورة حتى اليوم لديها بطلان لا غير.. شعب وقائد، ولكن أهي تمرد؟ لا يا سيدي، إنها ثورة مخملية تجاهد بجميل التطور والإقدام، كل يوم منذ سنوات لأجل قضية عادلة لأمة قائدة وكل إنجاز أصبح ظفر وفلاح مجابهة للهزيمة والاخفاق. ألا يقال إن النصر ينظم، إن النصر يبني.. "هذا هو الكوكب الذي سوف يدور حول العالم" نموذج ولادة الروح الجمهوري للشعب المصري الشجاع حيث تفتح له الحرية ذراعيها وإذ قيل لأبنائه يوما:" كونوا عبيدا للارهاب..." فأجابوا: "لنكن من أعظم الجنود المقاتلين...."، وفي كل أوان تستعيد مصر في ذاكرتها وحتى لا ننسى ذاكرتها " صرخة المجد التاريخية". صرخة ثورة انطلقت لتمزق سنين طويلة من صعوبات نظامية وتراجع في كل المجالات الحياتية، السياسية والاجتماعية، الاقتصادية والثقافية وكل هذا التراكم الشديد أنهك كاهل الشعب ليصاب بالغضب وليؤكد للعالم أجمع أن "مصر تبقى حبلى بالثورة"، وهو النطاق الاخلاقي لاي ثورة كما يقول الفيلسوف كانط في كتابه "صراع الكليات".
إن الثورة أخلاقية في جوهرها، إنها كما يقول كبار الأدباء المصريين بقلب ثوروي.. تنطلق من عمل دائم يتم تشغيله دائما في حدود المدينة الفاضلة.. أليس هذا الينبوع الفياض تجسيد لعناد الينابيع؟ وأجيب بأنه الكفاح وحتميته النصر لأنه تدفق لكل الينابيع كما نراها كل يوم في أم الدنيا. النصر لا يوجد إلا أن أقام الشعب بإجباره، أنه الرغبة في الاستمرارية وصلابة الإرادة وصفاء الذهن.
وهكذا بات القدر يحول خيانة أعداء الأمة المهزومين إلى اكتمالات وانتصارات تحسن العقل وتجمل القلب. فما هو النصر الحقيقي؟ أليس الذي يجعل الأيادي تصفق والقلوب تنبض؟ ويبوح لنا الفوز بسره الدفين.. أن تعرف خصمك لتصرعه، لتعرف نفسك، ولن تعرض انتصارك للخطر. أن تنظر إلى السماء وتعرف الأرض ليكتمل نصرك وتقبل بالتحديات وتتحمل المشقات حتى تتلذذ بنعمة النصر.
ثورة الينبوع ولادة مملكة جديدة حضارة أسطورية تتألق وترقى بصعود مذهل. أليست ذروة كفاءات الدولة وإنجازاتها الفرعونية العظيمة؟. أليست عالما من الإصلاح المضيء لتاريخ أرض مصر الغالية الأبية تاريخ مصر سطرته من جديد قيم الجمهورية الجديدة وقبطانها القائد عبد الفتاح السيسي، هو العلم والممارسة، هو هدفا عاليا، ويرى على نطاق واسع، بحارا، متقدما في كل الامور المشتركة قائدا، ليكافح في شرائح ضيقة كما كان يقول شارل دي غول اعظم حكام فرنسا. يقول كاتب "الكيميائي" باولو كويلو الشهير: "احتفل بفوز الأمس، اليوم؛ لتحصل على المزيد من القوة في معركة الغد.. أليست حكمة الجمهورية الجديدة التي غيرت بوضوح رائع تاريخ هذه الأمة. ولكن كيف تم هذا التغيير والتحديث؟ لم تولد انتصارات مؤقتة وهشة إنما اكتمال وتحقيق عظيم يقود الشعب المصري إلى محيط معابر المجد بدون أصوات مدافع أو انفجار قنابل إنما بالعمران والإصلاح وحركة لامتناهية لقائد مثالي لا يعرف الراحة إنما يهلك كل من يضطهد ويهلك ويهدد أي شبر من أرض أم الدنيا الحبيبة.
وفي مواجهة الإرهاب، يسود التيار دائما ليس بقوته فقط إنما بمثابرته. وتجارب الحياة لقنت هذا الشعب بمعونة قائده التواضع في الفوز وشكر الهزيمة على دروسها الأليمة.
ولا يزال ميثاق الجمهورية بالولاء والاتحاد والإخلاص يعمل على تطوير أركان الأمة وتغيير وجهها ليظهر للعالم أجمع كون سياسي واجتماعي واقتصادي وصناعي وخاصة ثقافي وإنساني لأمة قوية بسيادتها وكيانها لوحدنا نذهب اسرع، معا نذهب إلى أبعد من ذلك.. إنه الوعد بالنصر مع الرئيس المصمم، المهندس والعازم بحزم وبموهبة الشجاعة والاستمرار والإصرار كل يوم على اختراع الثورة لتبقى في طور الاكتمال ولتضع المواطن في قلب التجديدفي الثقافة الواحدة غير القابلة للتجزئة. لن يكون الشعب المصري بعد الآن إلا نهر واحد متحد في فيضان واحد بالرغم من تبدل الأنظمة السياسية الاقليمية والعالمية والازمات الاقتصادية والظروف البيئية.
وأخيرا، لقد فهمت جيدا وأنا أشرب من الماء الطيبة لثورة الينبوع أن أحلام اليقظة هي كون منبثق، نفس عطري يفوح من الاشياء من خلال وسيط حالم، قائد عالم بالدور المهيمن للنهر والينابيع في أرض أمته الراوية المروية. "الينبوع" لون وشكل افكار القائد بعد ان تخطى جداول سوداء تركت وراءها أراض جافة وعقيمة.
ثورة، رمز لأصل هذه العائلة الكبيرة المصرية المرتبطة بتربتها الأصيلة وتاريخها الحضاري العريق. سميتها الثورة المخملية إذ إن شريعتها محبة وإحسان ووداعة، اسلحتها سلام ووحدة بشرية حقيقتها جوهرية تجسيدا مصورا للرئيس القائد الاعلى الذي يضع كلامه موضع التنفيذ اولا ثم ليتحدث وفقا... نهاية، علينا ترجمة ابداعات ثورة ٣٠ يناير والتي لا تزال حية، في شتى لغات الأرض مضمونة في معاجم الثورات الملحمية وهويتها الأزلية.. إنها قدرة مقدام إذا الحرب التهبت، ولا ينثني إلا وقد ادرك العلى. واردد مع الشاعر جبران خليل جبران: يا راسخ العزم في كفاح الليالي ياباسم الوجه في قطوب العوادي.. وستبقى ثورة الينبوع تحفر بحروف من ذهب عظمة جمهورية جديدة وقائد يقود بنجاح لامثيل له، وربما في العالم أجمع، سفينة أم الدنيا لتجعل التاريخ الحديث في الشرق والغرب يتحدث عنها ويحلم دائما الا بلقائها.
أهدي مقالتي هذه بكل تواضع وعنفوان للرئيس القائد عبد الفتاح السيسي، وشعب بلدي الشقيق مصر الحبيبة.



