الهنود ودورهم في ازدهار تجارة أفريقيا منذ القدم

كان لـلتجار الهنود من جانب آخر دورٌ مهم لاسبيل لإنكاره في نمو التجارة وازدهارها عبر "بحر الهند" بين كل من بلاد الزنج من ناحية، وأسواق جنوب شرق آسيا لاسيما الصين من ناحية أخرى. غير أنه لابد من التأكيد على أنه لامقارنة البتة بين الدور العُماني من جانب، والدور الهندي أو السيرافي من جانب آخر في حركة التجارة بين سكان كل من ساحل شرق أفريقيا والصين، إذ إن العُمانيين كان يسيطرون لحدٍ كبير على النشاط التجاري خلال أكثر فترات العصر الوسيط . 

  يمكن القول بأنه كان للتجار العُمانيين، والسيرافيين، وكذلك الهنود، دورهم بشكل أو بآخر في التجارة البحرية عبر سواحل بحر الهند. وعن دور التجار الهنود يشير البعضُ، ولعل من أبرزهم أوليفر رولاند Roland Oliver، إلى أنه مع نمو النشاط البحري في المحيط الهندي، لاسيما خلال عصر "أسرة سري فيجايا" بجزيرة سومطرا، فإن ملوك هذه الأسرة تمكنوا من السيطرة على التجارة في كثير من المناطق التي تطل على سواحل المحيط الهندي خلال الحقبة التي تمتد من القرن 8م (القرن الثاني الهجري)، وحتى القرن 12م (القرن السادس الهجري) . 

  بأية حال، لقد أدى تنوعُ المنتجات والسلع التي كان ينتجها سكان بلاد الزنج من ناحية، والمنتجات التي كان يقوم بها الحرفيون والصناع الآسيويون لوجود ثمة حاجة ضرورية لدى كل منهما للحصول على منتجات الآخر، لاسيما مع اختلاف البيئة، والظروف المناخية في هذه البلاد عن الأخرى. لهذا لم يكن غريباً أن تأتي السفن الصينية دوما بحسب المصادر العربية والصينية إلى الموانيء الواقعة على سواحل بلاد الزنج . ثم كانت تلك السفن تبحر حتى سواحل بحر القلزم (أي البحر الأحمر)، وكانت هذه السفن تحمل على متنها المنتجات والبضائع التي كانت تتميز بها بلاد الصين في ذلك الوقت . 

تشير بعض الإشارات التي وردت في المصادر التاريخية إلى قدوم السفن الآسيوية إلى سواحل بلاد الزنج خلال القرن 9هـ/15م، وكان قدوم هذه السفن يتم في الغالب بأعداد كبيرة في ذات الآن ، مما يشير لأهمية أسواق بلاد الزنج للتجار الصينيين. ومن جانب آخر، كان بعض ملوك الصين قد أظهروا اهتماما واضحا بالتجارة بسبب الظروف الاقتصادية التي كانت تمر بها بلادهم، وكان من أبرزهم ملوك أسرة سونج الصينية المعروفة، ولهذا وجد حكام هذه الأسرة ضالتهم في ازدهار بلادهم اقتصاديا عبر الاهتمام بالتجارة البحرية لاسيما مع الأسواق الموجودة في بلاد الزنج والساحل الأفريقي الشرقي .