سياسة تجويع ممنهجة:
عاجل.. مواطنو غزة: الاحتلال يمنع اللحوم والدواجن ويسمح بـ"الكابتشينو"
عادل عبدالمحسن
سطرت وكالة وفا الفلسطينية، اليوم الجمعة، تقريرًا تحت عنوان “سياسة تجويع ممنهجة: الاحتلال يمنع اللحوم والدواجن ويسمح بـ"الكابتشينو".
وقالت إن حرب الإبادة المتواصلة التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، المواطنين بشكل عام، وأهالي خان يونس، جنوبه، بشكل خاص، حرمتهم من عادتهم التجمع لتناول وجبة غداء دسمة عامرة باللحوم والحلويات يوم الجمعة، لأن الحصول عليها أصبح مستحيلا أو ضربا من الخيال.
وأضافت وكالة وفا: منذ بداية الحرب والقطاع يتعرض لسياسة تجويع ممنهجة، إذ يتم منع المواد الغذائية الأساسية التي تساعد على بناء الجسم، خاصة للأطفال والشباب، والسماح بإدخال المواد المعلبة والمصنعة التي تحذر وزارة الصحة من كثرة تناولها لما تحويه من مواد حافظة تضر الصحة.
وأشار إلى أنه عند النظر لما يسمح بإدخاله للقطاع، فهو معلبات بأنواعها المختلفة، إضافة إلى كميات قليلة من المواد الغذائية الأساسية مثل الطحين والخضروات والفاكهة واللحوم، الأمر الذي يجعل أسعارها مرتفعة جدا نظرا لقلة المتوفر منها.
وقال المواطن الفلسطيني يحيى شراب إن القطاع أصبح يفتقر للحوم الحمراء والدواجن، وذلك لهلاك ونفوق أعداد كبيرة من المواشي، وتدمير مزارع الدواجن والأغنام والأبقار كافة.
وأوضح أن الاحتلال الإسرائيلي منع إدخال اللحوم المجمدة أو سمح بإدخال كميات قليلة منها لا تكفي لتغطية احتياجات المواطنين كافة، ما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل مبالغ فيه.
وعبّر شراب عن حزنه الشديد لعدم تمكنه من إطعام أبنائه اللحوم منذ أربعة أشهر، رغم مطالبتهم له بشكل دائم بإحضارها لهم، وعند توفرها لا يمكنه أن يشتريها بسبب سعرها المرتفع.
وقالت المواطنة الفلسطينية تهاني مسلم: "ذهبت للسوق على أمل الحصول على دجاج طازج أو مجمد لكي أطعم أحفادي الذين استشهد والدهم، ولكن ما سمعته من أسعار لا يتخيله عقل، حيث وجدت محال تبيع الدجاج البلدي بأسعار تتراوح بين 200 إلى 600 شيقل للطير الواحد وفقا لنوعه وحجمه".
من جانبه، أكد التاجر وسيم العبدساوي أن هناك قائمة أصناف يتم حظرها من الاحتلال الإسرائيلي، لذلك فإن التجار مجبرون على الأصناف المتاحة، وأن أي صنف ممنوع يوجد على الشاحنات قد يؤدي إلى إتلافها بشكل كامل أو إعادتها على أقل تقدير.
وأوضح أن الزبائن يطلبون قوائم لمواد أساسية إلا أنهم كتجار يتفاجؤون برفض معظم تلك المواد والسماح بإدخال مواد ثانوية وبأسعار مرتفعة، ونظرا لحاجة السوق الماسة، فهم مجبرون على الحصول على المسموح لهم بإدخاله.
وأكد أن من أبرز الممنوعات اللحوم الحمراء والبيضاء والمجمدة والبيض والحليب بمشتقاته، التي تدخل بكميات قليلة جدا، إضافة إلى ما يحبه الأطفال من شوكولاتة وبسكويت وشيبس وحلويات وغيرها.
وقال: "إن قائمة الممنوعات تدل على أنها لم توضع جزافا بل بشكل علمي مدروس، حيث توفر للمواطنين ما يقيتهم وليس ما يفيدهم".
وأضاف العبدساوي: هل يعقل السماح بإدخال النسكافيه والكابتشينو والشوكو والمشروبات التي تعتبر رفاهية وبأسعار مرتفعة ويمنع إدخال المواد الغذائية الأساسية؟
وبين مربي الدواجن والأغنام سالم الفرا لـ"وفا" أن الحصول على اللحوم الحمراء الطازجة أو المجمدة أصبح مستحيلا نظرا لندرة توفرها وبأسعار خيالية حيث تتراوح بين 120 إلى 360 شيقل للكيلو.
وأوضح أن الحرب على غزة تسببت في تدمير المزارع كافة، التي كانت تنتشر في المناطق الزراعية التي يقع معظمها شرق وشمال القطاع، تلك المناطق التي سيطرت عليها قوات الاحتلال وحولتها لمنطقة عازلة لا يوجد بها أي مظهر للحياة.
وقال: "كنت أملك في بلدة القرارة شمال خان يونس مزرعة للدواجن وأخرى للأغنام، ولكن عندما أجبرنا على النزوح تركتها نظرا لعدم قدرتي على نقلها، ما أدى إلى نفوقها نظرا لتعرض منطقتنا للتجريف بما فيها من مزارع وأشجار".
وأكدت أخصائية التغذية هالة الفرا أن جسم الإنسان بحاجة إلى بروتينات وفيتامينات يجب أن يحصل عليها بشكل دوري، وهي ليست لبناء الجسم كما يعتقد البعض فقط ولكن لتقيه العديد من الأمراض الخطيرة.
وأوضحت أن ما يتناوله أهالي غزة من أطعمة لا يوجد بها الحد الأدنى من المواد المطلوبة للجسم الحصول عليها وخاصة اللحوم بأنواعها المصدر الأساسي للبروتينات.
وشددت الفرا على أن عدم حصول الإنسان على البروتينات، سواء من اللحوم أو بعض المنتجات البديلة مثل الحليب إضافة للنباتات التي تحتوي على كمية كبيرة منها، يعرض جسم الإنسان لأمراض كثيرة وللشيخوخة المبكرة.
وأكدت أن كل ما شاهدته بأسواق غزة من مواد غذائية لا يتطابق مع مواصفات التغذية العالمية، بل يفتقر لأبسط القواعد والأسس الصحية، مبينة أن انقطاع التيار الكهربائي وعدم توفر الطاقة البديلة بشكل دائم ينذر بتلف وفساد اللحوم المجمدة المتوفرة في الأسواق.
ومنذ 15 شهرا، يتعرض قطاع غزة لحرب إبادة إسرائيلية لم تقتصر على القصف بالطائرات الحربية والمدفعية والقذائف التي أودت بحياة عشرات الآلاف، بل هناك حرب من نوع آخر تحدثت عنها الأمم المتحدة واليونيسف وحذرتا منها، وهي حرب التجويع بحظر المواد الغذائية التي يحتاجها الإنسان بشكل أساسي.
ووفق لتقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، فإن أزمة الغذاء في قطاع غزة لا تزال الأكثر حدة في تاريخ التقرير العالمي عن الأزمات الغذائية، مع وجود ما يقرب من 2.2 مليون شخص من السكان ما زالوا في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة.
ويحظر القانون الدولي الإنساني تجويع السكان المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب. كما منعت "الأمم المتحدة" استخدام التجويع كسلاح في النزاعات، بعد قرار من مجلس الأمن صادر عام 2018، وتعتبر ذلك "جريمة حرب".
فيما تنص المادة الثامنة من نظام المحكمة الجنائية الدولية على أن "تجويع المدنيين عمدًا بحرمانهم من المواد الضرورية التي لا غنى عنها لبقائهم، بما في ذلك تعمد عرقلة الإمدادات الإغاثية الإنسانية" يعد جريمة حرب.
ويعد ذلك نوعا آخر من أنواع العقاب الجماعي، وهو مرفوض وفقا للقانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف خاصة المواد "33" و"55" و"59"، وتُوجب المادة 27 على قوات الاحتلال بألا تجعل من المواد الغذائية والمياه والمواد الطبية بأي حال من الأحوال نوعا من العقاب الجماعي ضد المدنيين بالمناطق المحتلة.