

سعد حسين
يا ليت الشعب كله بديع
لا أعرف غير اسمه "بديع"، ساقه القدر ودعوة كان أبويا دائمًا يدعوها لي: "ربنا يجعل لك في كل خطوة رفيق، وفي كل بلد صديق"، من يعرف أبويا الحاج حسين قد ناله من دعواته نصيب.
قبل أن أروي سبب أمنيتي بأن يصبح الشعب كله بديع، فقد يكون البعض تعرض لهذا الموقف، لكن لم يتعرض لهذا الكم من الشهامة والرجولة، ولا مفر من أن نعترف بأنها بدأت تندثر بسبب ضغوط الحياة، أو تغير أنماطها.
وغالبًا مقولة الإنسان له نصيب من اسمه حقيقة.
لظروف مرض الست الوالدة، تحركت بسيارتي من مكان سكني، وتوجهت إلى مسقط الرأس في محافظة أسيوط.
السيارة منذ أن سلكت "الصحراوي الغربي" وبدأت "تنتش" وشعرت بمشكلة لكن ليس لدي بديل غير مواصلة المسير، وفجأة سمعت صوتًا عاليًا من الموتور.. و«فصلت السيارة».
وصاحب التوتر والقلق على الست الوالدة، صدمة الموقف الذي لم أتعرض له من قبل، فالتوتر والقلق ومكان وزمان توقف السيارة زاد الصدمة حدة.
فحاولت تشغيلها لكنها لم تستجب، اتصلت بزميلي باسم بدر، الذي لديه خبرة بالسيارات فحاول مساعدتي، وفيما يبدو أن العطل لا تُجدي معه نصائح تليفونية مع شخص مثلي.
اتصلت بـ«محمد السيد حافظ» صديقي منذ عقود، ويسكن بالقرب من مكان تعطل السيارة، فحاول التواصل مع ميكانيكي دون جدوى، لأن عطلتهم الأحد.
اتصلت بزميلتنا الفاضلة علا الحيني، مدير مكتب روزاليوسف بمحافظة المنيا، التي سارعت بالاتصال بونش لنقل السيارة.
وسبق كل هذه المحاولات المشكورة، وقوف سيارة دفع رباعي، نزل منها شابان، من على بعد، بعد أن لاحظا جلوس زوجتي في السيارة، ألقيا السلام وعرضا عليّا المساعدة.
حاولا أن يتوصلا لسبب العطل وإصلاحه، ولكن لم يحالفهما الحظ.
ظننت أن الأمر سينتهي عند هذا، وسوف يستأذنان، خاصة أنهما سمعا اتصالات عديدة تعرض المساعدة، خاصة الحاج كرم، الأخ والصديق الذي يمتلك مزرعة بالقرب من مكاني، وطلب الانتظار حتى يأتي للمساعدة، وظل بن عمي عبد التواب إبراهيم يتابع والحاج كرم ويصف لي أقرب مكان بالقرب مزرعة الحاج كرم واستمر على تواصل معي باتصال مفتوح بيننا.

ولكن البديع عرض عرضًا لا أبالغ إن قلت لم يتلقاه أحد من قبل، الشاب الذي لم أكن أعرف اسمه بعد، أخرج مفتاح سيارته وطلب مني أن أكمل بها طريقي وأترك لهما سيارتي "وهما هيتصرفوا".
فتعجبت من العرض، واندهشت من الإصرار عليه، شخص ليس لديك سابق معرفة به، يريد أن يعطيك سيارته، لتكمل مشوارك!
فرفضت الطلب وشكرتهما، وسرعان ما عرضا البديل، وهو أن يقطراني للميكانيكي.
استجبت لهذا العرض، وبعد أن وصلنا لورشة الميكانيكي، طلب مني بديع أن نتوجه لمنزله لنتناول العشاء، إلى أن ينتهي الميكانيكي من إصلاح السيارة.
وهنا اتصل بي «نافع» ابن شقيقتي، الذي كان بالفعل على الطريق الصحراوي لنجدتي، فحاولت أنا وبديع أن نرجعه فرفض وأكمل طريقه لمكاني، بعدما سمع زوجتي منزعجة بعد أن دخلت في رصيف أثناء الدوران في ملف على الصحراوي.
حاولت مع بديع أن يتركني أعود، حيث كان ينتظرني ابن أختي فرفض وأقسم بأنه لن يتركني حتى آخذ واجب الضيافة.
ذهبنا إلى منزله وشعرت من صدق وكرم البديع أنني في منزلي.
على باب المنزل وقفت زوجته وبناته وشقيقته لاستقبال زوجتي، دخلت للمضيفة، في ثوانٍ حضر العشاء، تناولنا منه ما استطعنا، تحدث مع الميكانيكي الذي أخبره بأن السيارة تحتاج لقطع غيار ليست متوافرة حاليًا.
فتركت له السيارة، وكان يتحدث إلى الميكانيكي وكأنها سيارته، يريد أن تعود أفضل من ذي قبل.
فور دخولنا لمنزلي، وكأنه كان معي، اتصل بي للاطمئنان على الوالدة، وبعدها بدقائق اتصلت زوجته بزوجتي للاطمئنان عليها وكأنهما أشقاء.
"فيا ليت الشعب كله عبد البديع محمود فرج".