محمد درويش يكتب: التوكل على الله.. العبادة المنسية
يمر الإنسان بأحوال عصيبة وتعتريه الهموم والأحزان على النحو الدي يجعل الصدر ضيقاً حرجاً ولا نجاة في ذلك الوضع إلا بتحقيق التفويض الكامل لله في الأمر واتخاذ من صحيح الأسباب ما ينهي أو يقلل آثار تلك المشكلة أو ذلك الظرف.
إن الإنسان ضعيف بذاته غاية الضعف وقوي بالله كل القوة لابد للإنسان من مدد روحاني وفيض من الملأ الأعلى يجعله يقاوم في تلك الأحوال التي تنهك قواه وتستهلك تفكيره فتجعله شبحاً على قدمين هزيلاً روحاً ونفساً وجسداً. ما أكثر أحزان الحياة وبلاءاتها! ولا بد للمؤمن أن يكون قوياً منتصباً أمام تغيراتها المتتالية.. مسكين من يواجه الحياة معتمداً على قواه المحدودة التي سرعان ما تخور على عتبات تحديات الحياة وصعوبة مراسها.
إن التوكل على الله والثقة في رحمته وتدبيره لأمورنا وتخطيطه لصالحنا كفيل أن يعالج إنسان هدا العصر من همومه وغمومه. إن خوف المستقبل والتوجس مما قد يخبيه من آلام وأحزان كفيل أن يقضي على سعادة الفرد ويحوله رأسه إلى مرجل شديد الوطيس والغليان وهذا كله من وساوس الشيطان وعمله بينما الحق يتجلى في عليائه سبحانه وتعالى بقوله (الشيطان يعدكم الفقرويأمركم بالفحشاء والله يعدكم مغفرة منه وفضلاً والله واسع عليم) سورة البقرة آية 268. إن الغنى كل الغنى لهو بتحقيق الاتصال بالحق لا إله إلا هو .. اتصل به ستشعر بأنك مستغني عن هذه الدنيا بكل بريقها المزعوم وبهرجها المشؤوم إن الغنى في الإسلام ليس هو اكتناز الذهب أوالفضة وإنما هو تحقيق الاستغناء عن الخلق اكتفاء بنعم الخالق وبذلك يعيش المؤمن عزيز الرأس مرفوع الهامة مستشعراً في قوة وأنفة قوله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شئ قدراً) سورة الطلاق آية 3. إن أفضل معلم للبشرية ﷺ قد علم أصحابه التوكل على الله فأصبحوا أمثلة حية لصدق التوكل على الله. فأصبحوا أمثلة حية لصدق التوكل على الله وقوة اليقين فحققوا إنجازات ونجاحات تشبه المعجزات وما كان ذلك إلا بهداية محمد ﷺ وتربيته لهم فتحققوا بمقام التوكل على الله حالاً ومقالاً وما أحوج هذا العالم لمعلم طاهر السريرة نقي القلب والصدر والروح كمحمد ﷺ ليخلص هذه البشرية من تقديس العباد وعبادتهم حتى يتوجهوا بكلياتهم لعبادة رب العباد ومن جور تلك المداهب إلى تحقيق العدالة والمعدلة.
فما أثلج قوله عليه السلام على صدورنا وماأروعه!! حينما يتدفق بكل مشاعر الطمأنينة والسكينة حينما يقول في وصاياه الجامعة لابن العباس رضي الله عنه (احفظ الله يحفظك احفظ الله تجده تجاهك وإذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشئ لن ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لن يضروك الا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف).