جمال عبدالصمد
عدو المرأة المجهول
تُعد قضايا العنف من أهم القضايا الشائكة والمعقدة التي تواجه المجتمعات في مختلف أنحاء العالم، فعندما تتردد إلى أذهاننا مقولة "العنف ضد المرأة" تتجه أصابع الاتهام حينذاك نحو الرجل، الذي يقع عليه اللوم والعتاب وذلك دون أن نتحقق أو نستكشف نوع العنف الواقع على المرأة، أو من الشخص الذي شارك في هذه الجريمة التي يعاقب عليها القانون، ولكن في الحقيقة أن العنف ضد المرأة غير مقتصر على الرجل فقط، فقد يمارس العنف أيضا من قبل نساء أخريات.
تتنوع الأسباب والدوافع التي تدفع المرأة إلى ممارسة العنف ضد امرأة أخرى، فمنها عوامل اجتماعية وثقافية واقتصادية ونفسية. حيث تعاني بعض النساء من اضطرابات نفسية مثل الاكتئاب أو القلق، بالإضافة إلى التوتر والإجهاد الناتج عن ظروف الحياة الصعبة مما يؤدي إلى تفجير العنف الكامن بداخلها ويحفزها على ممارسة العنف.
كما تلعب التنشئة الاجتماعية دورًا حاسمًا في تشكيل سلوك الأفراد، فالأفكار النمطية المتوارثة عبر الأجيال حول الأدوار داخل الأسرة "الجندرية"، بالإضافة إلى الضغوط النفسية الناتجة عن المعاناة من العنف الأسري، والفقر، والمشاكل الصحية، مما يدفعهن إلى توجيه هذه الضغوط نحو نساء أخريات.
وقد تولد العلاقات المعقدة بين النساء مشاعر من الحسد والغيرة، مما يدفع بعضهن إلى إيذاء الأخريات، بالإضافة إلى تنافس النساء على النفوذ والسلطة داخل الأسرة أو المجتمع، خاصة في بيئات العمل أو العلاقات الاجتماعية، مما يؤدي إلى الشعور بالعدوانية والرغبة في الانتقام من النساء الأخريات.
يتخذ العنف بشكله العام وضد المرأة بشكل خاص أشكالًا متنوعة، منها: العنف اللفظي والذي يتضمن توجيه"الإهانات، الشتائم، التهديدات"، والعنف الجسدي الذي يشمل "الضرب، الشد، الدفع"، بينما العنف النفسي يتضمن" التحقير، الإذلال، التلاعب بالعواطف"، بالإضافة إلى العنف الاقتصادي ويتمثل فى "الحرمان من الموارد المالية، أو تدنيها وكذلك التفرقة في الاجور"، فضلًا عن العنف الاجتماعي الذي يشير إلى" التمييز، عزل المرأة عن مجتمعها، تشويه سمعتها".
يترك العنف ضد المرأة بوجه عام سواء من جانب المرأة أو الرجل آثارًا سلبية عميقة على المرأة من بينها: اضطرابات نفسية قد تؤدي إلى الاكتئاب، القلق، اضطرابات النوم، اضطرابات الأكل، بالإضافة إلى صعوبات في العلاقات الاجتماعية ومنها العزلة، انعدام الثقة بالآخرين، فضلًا عن مشاكل صحية" أمراض مزمنة"، مشاكل جسدية، وأثر سلبي على الأداء الوظيفي من خلال انخفاض العملية الإنتاجية، الغياب المتكرر، وعدم الانضباط.
في النهاية، بعد أن استعراضنا قضية العنف ضد المرأة، يجب أن يكون هناك تعاون وثيق بين جميع الأطراف والجهات المعنية المنوطة بملف المرأة والأسرة لاتخاذ مجموعة من الإجراءات منها: التوعية اللازمة بكل أشكال العنف ضد المرأة وأسبابه وآثاره على محيط الأسرة والمجتمع، بالإضافة إلى توفير الدعم النفسي والاجتماعي لضحايا هذا العنف وتسهيل حصولهن على الخدمات القانونية، وتغليظ العقوبات على مرتكبي العنف ضد المرأة بشكل صارم.
ختامًا.. في إطار احتفال دول العالم بحملة الـ16 يوما لمناهضة العنف ضد المرأة التي انطلقت يوم الاثنين الماضي ٢٥ نوفمبر ٢٠٢٤م وستنتهي يوم الثلاثاء ١٠ ديسمبر ٢٠٢٤م، والذي يوافق اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وبذلك فهي تُعد حملة عالمية تهدف إلى رفع الوعي نحو هذه القضية الخطيرة، والدعوة إلى اتخاذ إجراءات فعالة من أجل القضاء عليها.
أخيرا.. علينا ألا نغفل أن المرأة تعيش عصرًا ذهبيًا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، حيث شهدت هذه الفترة العديد من الإنجازات والمكاسب والنجاحات غير المسبوقة في حياة المرأة بجميع المجالات؛ حيث تم تمكينها اقتصاديًا واجتماعيًا، بالإضافة إلى تعزيز ثقافة المساواة بين الجنسين، مما جعلها تحظى بمكانتها التي تستحقها والتي سبق وأن كفلها لها ديننا الإسلامي.