وليد طوغان
جرائم لا تسقط بالتقادم
ماذا يريد إخوان الإرهاب من الدولة المصرية؟
الإجابة: هم لا يريدون دولة.. ولا يعتبرون بمؤسسات. لا يريدون إلا خرابًا.. فإما الأخونة وإما الخراب.
لذلك لا يكف غربان الجماعة الإرهابية عن النعيق.
المعركة مستمرة. وستظل.
مستمرة بين الدولة وبين ملاسنات الشياطين وألعوبانات تجار الأوطان وسماسرة الدين.
فى الأسطورة اليونانية أن زمارًا يعزف لحنًا أسطوريًا يحاول به أن يسحب أطفال القرية إلى بئر مهجورة خارج القرية.. ليقعوا فيها، ثم يعود من جديد ليسمع اللحن لأطفال آخرين ثم يأخذهم إلى البئر من جديد.
هكذا أراد الإخوان بالمصريين. هكذا فعل الإخوان بالمصريين.
قتلوا المصريين بحجة حماية الديمقراطية. وحرقوا الكنائس بحجة إقامة دولة العدالة. بعدها فخخوا المساجد ومحطات أتوبيس النقل العام بحجة إعادة الحق لأصحابه وإعادة الأرض لسكانها الأصليين!
ماذا قدمت جماعة الإخوان للمصريين سوى الإرهاب.. منذ نشأة الجماعة، وحتى سقوطها المدوى فى 30 يونيو؟
ماذا لدى جماعة إرهابية سرية لتقدمه لشعوب حديثة، فى دول حديثة، بمعادلات حديثة، ومحددات أكثر حداثة؟
لم يقدموا سوى الخراب.. والأفكار المسمومة.. والجدليات الشيطانية، قبل أن يلعبوا على أحبال الفوضى، ليريقوا دماء المصريين فى الشوارع وعلى النواصى.. بحجة الديمقراطية.. وحقوق الإنسان.. وكلام ربنا!
لإخوان الإرهاب جرائم مشهودة فى حق هذا البلد. فى أعناقهم دماء.. وفى رقابهم عنف وسلاح أبيض وشعارات مزيفة وكلام مزوق فى باطنه السم.. وفى أيديهم متفجرات!
لا تسقط جرائم الإخوان بالتقادم.
(1)
كانت يناير 2011 سببًا وطريقًا ممهدًا لجلوس الإخوان على كرسى الحكم فى فترة ما يعلم بها إلا ربنا.
فترة لن تعاد.. ولن تعود.
وكانت 2013 سببًا فى بدء حلقات من سلاسل انتقامية، مدفوعة بممارسات جماعة إرهابية لم تستطع أن تستوعب هزيمتها فى معركة وجود بعد الإطاحة بها فى 30 يونيو.
جعل إرهاب الإخوان كل فئات المصريين هدفًا مشروعًا.
صمدت مصر بدم الشهيد.. وصمدت روح الشهادة فى سبيل تراب مقدس.. على يد رجال منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.. وما بدّلوا تبديلًا.
صحيح كشف ما يسمى بالربيع العربى.. هشاشة بعض الأنظمة، لكن فى الوقت نفسه كشف الربيع العربى أيضًا مدى استعداد إخوان الإرهاب لاستغلال كل الفرص، واستعدادهم للتحالف مع باقى الشياطين للانقضاض على السلطة والاحتفاظ بها إلى ما لا نهاية.. حتى ولو دماء المصريين ثمنًا!
إن جيت للحق، ستظل تداعيات سوداء لما يسمى بالربيع العربى لائحة.
لا تزال آثار الربيع العربى تتفاعل فى دول عربية كثيرة. وهنا يظل السؤال الملح.. حتى لا ننسى: ليبيا إلى أين؟ سوريا إلى أين؟ اليمن إلى أين؟
تحوّل «الربيع» إلى كابوس لا نهاية قريبة منه.. أو له.
فى مصر.. لم تكن الحرب على الإرهاب سهلة. كانت الحرب على الإرهاب أقوى من حروب منظمة أخرى كثيرة فى التاريخ، أدت إلى تغيير الخرائط.
تكبدت مصر خسائر شديدة على مستويات الاجتماع والاقتصاد بعد يناير 2011. كانت الكلفة أكثر على معايير متعددة فى الحرب على الإرهاب.. وفى استعادة سيناء، بالتوازى مع بدء التنمية فيها.
اليوم.. بعدما هزمت مصر الإرهاب، وأنزلت جماعاته إلى أرض سابعة حيث يصْلَون سعيرًا، لا تغيب عن الأذهان سيرة رجال مخلصين، نزلوا هناك.. فكفّوا يد الشيطان.. وحرقوا الرايات السوداء مهما كان الثمن.
بدأت الدولة التنمية الشاملة، بالتوازى مع الحرب على الإرهاب. حروب التنمية فى مصر وأركانها.. لا تقل عن حروب الإرهاب.
تقتل التنمية هى الأخرى الإرهاب، وتوئده.. وتقطع التنمية الطريق على الأفاقين وتجار الأوطان وتجار الأديان.
مرة أخرى لم تكن المعركة سهلة.. صعوبتها، كانت فى التوازى بين العمل على التنمية بالبناء.. بالتوازى مع العمل على الأرض بالسلاح فى مواجهة أصحاب الجلابيب البيضاء.
تولى عبدالفتاح السيسي القيادة فى مرحلة مفصلية.
مرحلة كانت فيها الدولة تترنح خروجًا من ما سمى من باب الأدب بالربيع العربى.
تولى عبدالفتاح السيسي بتكليف من المصريين.. وقبلها كان قد خرج بتكليف من المصريين أيضًا.. لإعادة مارد الإخوان إلى القمقم.
(2)
لا تخرج الشعوب من مراحلها المفصلية بالساهل.
لا تنجح الشعوب فى هزيمة «عفاريت الزمن» التي تخرج فى مراحل معينة فى التاريخ بيسر. ويبقى دائمًا أثر الشهيد الذي يمهد الأرض للحياة.. ويعيد تصاريف الزمن.. لأبناء البلد فى الطريق للمستقبل.
فى كثير من البؤر على الخريطة، كانت عفاريت الزمن أقوى من محاولات الشعوب من الخروج من المراحل الخطرة.
استدرجت شعوب كثيرة من المراحل الخطرة إلى مراحل أكثر خطورة. استُدرجت شعوب أخرى من المراحل الأكثر خطورة إلى مراحل «خيوط العنكبوت». ومن مراحل خيوط العنكبوت، دخلت شعوب مراحل «اللى يروح ما يرجعش».
للآن تعافر تلك الشعوب رغبة فى استقرار مفقود.. وأملًا فى تماسك مفقود.. ورغبة فى حدود آمنة مفقودة.
تعافر بعض شعوب، من أجل مجرد خطوة موحدة لتشكيل حكومة. هذا غير تأثيرات شديدة السلبية على الهوية، وعلى النسيج الاجتماعى، وعلى الاقتصاد، وعلى شكل الدولة، وعلى تشكيل مؤسساتها.. وعلى ماهية عمل تلك المؤسسات.
حاربت مصر الإرهاب نيابة عن المنطقة. وروى أبناء مصر بدمائهم.. تراب خلاص المصريين.. نيابة عن الإقليم.
حاربت مصر نيابة حتى عن دول أوروبا.. ودول الغرب، ولو أن بعض دول الغرب كانت هى التي وضعت بذوره، وبعض دول الإقليم كانت هى التي تغذى نباته.
(3)
ما زال إخوان الإرهاب يحاولون.. بالشائعات تارة.. وبالقصص الملفقة تارة أخرى.
هم لا يستوعبون أن كل محاولة تفشل، وأن كل مؤامرة لا تكتمل.
هم لا يعرفون أن المصريين تحصنوا ضد الإخوان.. وألاعيب الإخوان.. وتحصنوا ضد وسوسة شياطين الإخوان.
لكن الإخوان لا يستوعبون.. أو قل إن الإخوان يحاولون الإيهام بأنهم ما زالوا قادرين.
لا الإخوان قادرين.. ولا المصريون ممكن أن يسمحوا مرة أخرى للثعابين بالخروج من الجحور.
لكن هل تنهى تلك الواقعة رغبات الإخوان المحمومة فى الاستمرار فى التخرصات؟
الإجابة لا.
لدى الإخوان حساسية مزمنة.. دفعتهم تلك الحساسية إلى الدخول فى دوامة عصية. دخل الإخوان، بعد 30 يونيو، دوامة كبرى مستمرة حاولوا بمقتضاها الإيهام بقدرتهم على تحريك الشارع المصري.
يعرف الشارع المصري جيدًا من هم هؤلاء.
لكن لن يكف الإخوان عن المحاولات. وفى الوقت نفسه فإن فشلهم كل مرة فى خلق مشهد صالح للترويج هو الذي يعمق من أزمتهم.. وإحباطهم.. بكثير من مشاعر الفشل وعدم القدرة.. ما يدفعهم للمحاولة من جديد.
يدخل أهل الشر كل يوم جديد دوامة للشر.. لكن على مين؟
هم لا يستوعبون للآن أو لا يصدقون أن المصريين الذين خرجوا للثورة فى 30 يونيو، كانوا يضعون بخروجهم هذا نقطة فى آخر السطر. استدعى المصريون الجيش لكتابة نهاية الإخوان.
سقط الإخوان من عل.. وتهاوت معهم الشعارات وانهدمت أسوار الحيل والألاعيب.
لأول مرة منذ نشأة الجماعة فى عشرينات القرن الماضى، وكل هذا العدد من المصريين يفطن إلى الحقيقة.
فى عهود سابقة، استطاع الإخوان خداع بعضهم، ونجحوا فى استدراج البعض الآخر.
انكشف الإخوان فى سنة الحكم، وانكشفوا بعد أن طردوا منه.
عرف المصريون أن هؤلاء لا هم أهل الله ولا هم أهل الدعوة إلى الله. بالعكس.. كله سياسة فى سياسة، وعلموا أن الذين سبق وصدورا أنفسهم على أنهم أهل قال الله وقال الرسول، كشفوا فجأة عن السلاح وعن القنابل تحت الجلابيب البيضاء.
ستظل فى حلوق الإخوان غصة.. ويظل فى قلوبهم حقد. سيظل فى قلوب الإخوان نار وسيصلون سعيرًا.
سيظل لدى الإخوان ألف طريقة للعب من تحت لتحت.. ومليون طريقة لمحاولات الضرب تحت الحزام.
ستظل استراتيجية الجماعة مستمرة فى بث الأكاذيب وإثارة الشائعات ونشر الدعايات السوداء ضد الدولة المصرية والهدف إسقاطها. محاولات الإخوان يائسة دائمًا، رغم أنها فى الغالب ما تكون أقل حجمًا وأكثر سذاجة.
كان لدى الإخوان ثأر مع الدولة الوطنية منذ بداياتهم فى الإسماعيلية. ثأرهم مع دولة 30 يونيو اليوم.. أكبر.
وفى رقبة جماعة الإخوان الإرهابية جرائم ارتكبوها فى حق الناس والشعب والدولة.. لا تسقط بالتقادم.
نقلاً عن مجلة صباح الخير