واشنطن بوست: فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية ليس أمرا جيدا للمناخ لكن التعامل معه سيكون ضروريا
وكالات
اعتبرت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية أن فوز الرئيس المنتخب دونالد ترامب ليس أمرا جيدا بالنسبة للمناخ ، وفي ظل غياب الزعامة الأمريكية، من المرجح أن تضعف الجهود العالمية لخفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي، غير أن التعامل معه في هذه القضية أمر ضروري .
وقالت الصحيفة في مقال افتتاحي أوردته اليوم الأربعاء إنه فيما يتعلق بالهدف الضيق المتمثل في الحد من الانبعاثات المحلية، فمن المرجح ألا تحدث رئاسة ترامب فرقا كبيرا كما قد يتصور المرء.
وربما يتبنى دعاة حماية البيئة المنزعجون من وعود ترامب بإنهاء تبني واشنطن للطاقة المتجددة، وجهة نظر أكثر تفاؤلا على الأقل في البداية: فقد تتاح لهم فرص لتعزيز بناء اقتصاد خال من الكربون من خلال تسخير اهتمام ترامب بإلغاء القيود التنظيمية وزيادة إنتاج الطاقة.
وأضافت الصحيفة أن سجل الولايات المتحدة في الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي كان مشجعا على نحو غير متوقع خلال فترة ولاية ترامب الأولى، وذلك من خلال عدم بذل أي جهد خاص من جانبه.
وعلى الرغم من وعوده بتعزيز الوقود الأحفوري، إلا أن الانبعاثات بالكاد تحركت خلال السنوات الثلاث الأولى من تولي ترامب لمنصبه، قبل أن تنخفض خلال جائحة فيروس كورونا. ونمت الطاقة المتجدد بنسبة 49 في المائة خلال إدارته، في حين انخفضت حصة الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء من 65٪ في عام 2016 إلى 60٪ في عام 2020.
وأشارت واشنطن بوست إلى أن دعوات ترامب بإنتاج أكبر للنفط والغاز في الولايات المتحدة غير لائقة، نظرا للحاجة الملحة لإنهاء استخدام الوقود الأحفوري، غير أن هذا ليس المكان الذي ستُربح فيه أو تُخسر فيه معركة المناخ.
فقد ارتفع إنتاج النفط خلال إدارة بايدن، ومع ذلك، انخفضت انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي في الولايات المتحدة على مدى العامين الماضيين مدفوعة بزيادة إنتاج الطاقة المتجددة ومن المحتمل أن يستمر ذلك.
ولا تزال الإعانات المقدمة للطاقة المتجددة في قانون خفض التضخم وقانون البنية التحتية للحزبين، والتي شجعت على الاستثمار الجديد الهائل في إنتاج الطاقة النظيفة، قائمة وهناك حجة معقولة لاستمرارها. فقد ذهبت الكثير من الأموال إلى الولايات التي يسيطر عليها الجمهوريون حيث تتوفر موارد الرياح والطاقة الشمسية بكثرة وتواجه البنية التحتية للبناء عقبات تنظيمية أقل. ولا شك أن حكام هذه الولايات وأعضاء الكونجرس سيضغطون للحفاظ على تدفق المساعدات الفيدرالية، بحسب الصحيفة.
ولكن حتى لو أقنع ترامب، الكونجرس بإنهاء الدعم بالكامل، فمن المحتمل أن يستمر إزالة الكربون من الطاقة في الولايات المتحدة، وإن كان ربما بسرعة أقل وعلى نطاق أصغر، وفقا للصحيفة التي أشارت إلى أن توليد الطاقة المتجددة رخيص بما يكفي لدرجة أنه لم يعد يتطلب إعانات لإحداث تقدم كبير. وفي العديد من الولايات، وتسير عملية إزالة الكربون بشكل أسرع مما تتطلبه تفويضات الطاقة النظيفة الفيدرالية.
ومضت الصحيفة تقول إنه من المؤكد أن هناك الكثير مما يدعو للقلق في رئاسة ترامب الثانية، ففي حين أن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري العالمي سيكون جزءا من المعركة لاحتواء تغير المناخ، إلا أنه ليس الأكثر أهمية.
إذ تمثل الولايات المتحدة 13٪ فقط من انبعاثات العالم. ومن ثم فإن منع كارثة مناخية يتطلب إحراز تقدم هائل في خفض نسبة 87% الأخرى. وسوف يكون هذا أكثر صعوبة إذا سحبت واشنطن الدعم.
وأضافت أنه على الرغم من الانخفاضات في الولايات المتحدة وأوروبا، فمن المتوقع أن ترتفع الانبعاثات العالمية هذا العام.
وسوف تكون مدفوعة في الغالب بالانبعاثات من الهند حيث ينمو العرض من الطاقة المتجددة بشكل أبطأ من الطلب الإجمالي على الطاقة والفحم يملأ الفجوة، ومن المتوقع أيضا أن تنمو الانبعاثات من البلدان الفقيرة الأخرى جنبا إلى جنب مع الطلب على الطاقة.
وأشارت الصحيفة إلى إن خفض الانبعاثات في هذه الاقتصادات سوف يتطلب تقنيات جديدة تحتاج الولايات المتحدة إلى الاستثمار فيها في الداخل - سواء لتطويرها أو جعلها رخيصة. وسوف يتطلب الأمر أيضا توفير المال للدول النامية.
ورأى الخبراء في محادثات المناخ الدولية في باكو، بأذربيجان، هذا الأسبوع أن البلدان الأقل نموا سوف تحتاج إلى حوالي تريليون دولار سنويا من المساعدات الخارجية. وهذا رقم سيكون من المستحيل تحقيقه بدون الولايات المتحدة .
واختتمت الصحيفة الأمريكية مقالها قائلة إن التعامل مع ترامب سيكون ضروريا. ولعله من الممكن اقناع الرئيس القادم بأن الصين سوف توفر التكنولوجيا والتمويل ما لم تفعل الولايات المتحدة ذلك، فتتولى دورا مهيمنا في توفير البنية الأساسية الحيوية للعالم. ويتعين على المهتمين بالمناخ أن يحاولوا على الأقل تحقيق أقصى استفادة من السنوات الأربع الطويلة المقبلة.