العالم الأثرى الدكتور حسين عبدالبصير لـ«روزاليوسف»: 60% من الآثار المصرية لم تكتشف بعد
حوار - نسرين عبدالرحيم
قال العالم الأثرى الدكتور حسين عبدالبصير، مدير متحف الآثار بمكتبة الإسكندرية: “إن مصر تحظى بحضارة مميزة أذهلت العالم عبر التاريخ، فلم يكن قدماء المصريين مجرد أجداد بل هم رمز للقوة والإبداع، إذ نحتوا كمًّا كبيرًا من التماثيل ونقشو المقابر بأجمل الرسومات وبنوا الأهرامات التي ما زالت تحير العالم، واحتفظوا لأنفسهم بالكثير من الأسرار والعجائب.
“روزاليوسف”، التقت العالم الأثرى ليتحدث حول الكثير من الأمور الخاصة بالحضارة المصرية القديمة، وأيضًا الآثار المكتشفة بالإسكندرية، ومقبرة الإسكندر الأكبر
فإلى نص الحوار:
■ انتشر مؤخرًا فيديو عن اكتشاف 4 جثث لأنبياء، فما حقيقة ذلك الأمر؟
- لا يوجد دليل تاريخى أو علمى يؤكد اكتشاف جثث لأنبياء محفوظة بشكل غير متحلل فى منطقة وادي الملوك، فالتقارير المنتشرة بشأن مثل هذه الاكتشافات هى شائعات غير موثقة، وتنشر بهدف جذب الانتباه أو إثارة الجدل، لذلك من المهم التحقق من مصادر الأخبار وعدم الوثوق بالمعلومات غير المؤكدة التي تنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعى أو المصادر غير الرسمية.
■ هل انتهت مصر من اكتشافاتها الأثرية؟
- بالطبع لا.. فمعظم الآثار المصرية المكتشفة لم تتجاوز نسبة الـ30 أو40% من التراث الكلى، ويرجع ذلك إلى عدة عوامل، منها الحاجة إلى معدات متطورة للبحث عن الآثار تحت الأرض والمياه، فمع استخدام التقنيات الحديثة مثل المسح الرادارى والتصوير بالأقمار الصناعية، أصبح هناك إمكانية للوصول إلى مواقع أثرية جديدة.
■ ماذا عن البحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر؟
- ما زال اكتشاف مقبرة الإسكندر الأكبر من الموضوعات الغامضة التي تجذب اهتمام علماء الآثار حول العالم، فيعتقد البعض أنها تقع فى الإسكندرية، وجسده مدفون فى مكان مجهول بالمدينة، ولكن لم يعثر على المقبرة حتى الآن، والأبحاث مستمرة فى عدة مواقع داخل وخارج الإسكندرية، وسط آمال باكتشافها مستقبلًا.
■ ما رأيك فى المتحف المصري الكبير؟
- يعد المتحف المصري الكبير نقلة نوعية فى عرض التراث المصري وإبراز عظمته، ويهدف إلى استقطاب السياح والباحثين من جميع أنحاء العالم، إذ يضم مجموعة واسعة من القطع الأثرية الفريدة، بما فى ذلك مقتنيات توت عنخ آمون، وتماثيل رمسيس الثانى، ومجموعة من التماثيل الضخمة التي تعرض لأول مرة.
■ هل هناك إمكانية لإنشاء متاحف جديدة فى الإسكندرية؟
- الإسكندرية واحدة من أهم المدن الأثرية فى العالم، وأرجو أن يتم إنشاء المتحف الغارق فيها لكى يعرض آثارًا من المدينة الغارقة تحت البحر، وهذا المتحف من المتوقع أن يصبح وجهة سياحية فريدة، ستمكن الزوار لمشاهدة آثار المدينة القديمة، مما يعزز من التراث الثقافى والسياحى لها.
■ ما حقيقة الفيديوهات المنتشرة حول بناء الأهرامات؟
- هى محاولات لطمس الهوية المصرية، فنسب بناء الأهرامات لقوم عاد أو كائنات فضائية تفتقر للأدلة العلمية، فهذه النظريات تعتمد غالبًا على فرضيات غير مثبتة وتسعى لإثارة الجدل، والأهرامات بنيت بعبقرية هندسية فريدة، واستند بناؤها إلى فهم متقدم للرياضيات والهندسة الفلكية فى ذلك الزمن.
■ ماذا عن سر الأهرامات؟
ليس هناك معجزات وراء بناء الأهرامات، بل كانت نتاج تخطيط هندسى دقيق واستغلال الموارد البشرية والطبيعية، إذ استخدم المصريون القدماء أدوات حجرية متقدمة وتقنيات رفع ذكية، كالمنحدرات الرملية، لرفع الأحجار الثقيلة، مما يعكس عبقريتهم، ويعتقد أن آلاف العمال المهرة كانوا يجرون الأحجار على زلاجات خشبية، ما يتطلب قوة بشرية وتخطيطًا متقنًا لتوفير المواد اللازمة.
■ حدثنى عن مكتبة الإسكندرية القديمة؟
- كانت مكتبة الإسكندرية مركزًا للمعرفة فى العالم القديم، إذ احتوت على مخطوطات ودرسات مهمة فى مجالات متعددة منها الفلك والهندسة والرياضيات، وخصوصًا من العلماء اليونانيين، وتجمع فيها أيضًا المعارف الهندسية والفلسفية والعلمية من جميع الحضارات،
لكن معظم هذه الوثائق دمرت فى الحريق الشهير.
■ كيف ترى ملف استعادة الآثار المصرية بالخارج؟
- حققت مصر تقدمًا فى استعادة بعض القطع الأثرية المهمة من الخارج، بفضل جهود الدبلوماسية الثقافية والقانونية، فبعض القطع الأثرية المهمة تم استردادها، وهناك محاولات أخرى لاسترجاع القطع التي تم تهريبها.
■ هل تسببت ثورات الربيع العربى فى سرقة آثار من مصر؟
- خلال فترات الاضطراب السياسى فى العالم العربى، تعرضت بعض المواقع الأثرية للنهب، وتم تهريب العديد من القطع إلى الخارج، ومن ضمن الدول المتضررة العراق وسوريا واليمن وليبيا، إضافة إلى بعض المواقع المصرية.
■ ما مدى تقدم المصريين القدماء فى مجال الطب؟
- المصريون القدماء كانوا من رواد الطب فى العالم القديم، تركوا آثارًا تظهر تطورهم فى هذا المجال، إذ تمكن المصريون من إجراء جراحات بسيطة مثل علاج الكسور وعمليات قطع الأطراف وتنظيف الجروح، كما كانت لديهم طرق متقدمة لتشخيص الأمراض، وأتقنوا علم الفحص الجسدى وأعراض الأمراض، فضلًا عن استخدامهم الأعشاب والعقاقير الطبيعية لعلاج الأمراض، وقد تم توثيق استخدامهم لمئات النباتات الطبية فى بردياتهم، مثل بردية إيبرس، التي تحتوى على 877 وصفة طبية، وكانوا أيضًا بارعين فى علاج أمراض الأسنان، وقد وجد العلماء هياكل عظمية تشير إلى أن المصريين القدماء عالجوا خراجات الأسنان وملأوا تجاويفها ببعض المواد.