عاجل
الخميس 2 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي

مجلة عالمية: البنية التحتية والحكومة القوية تمنعان تعرض مصر لنقص المياه

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

نشرت مجلة "فيجن أوف هيومانيتي" العالمية، التابعة لمعهد الاقتصاد والسلام “IEP”، تقريرا عن السبب الحقيقي لخطورة نقص المياه حول العالم.



 

وبدأت المجلة، الناطقة بالإنجليزية، بالتأكيد على عدم وجود ارتباط يذكر بين كمية المياه المتجددة المتاحة في أراضي بلد ما ومستوى مخاطر المياه فيه.

وأوضحت أنه لا يحصل مليارا شخص على مستوى العالم، أي ربع السكان، على مياه شرب آمنة، ويفتقر 3.6 مليار شخص إلى الوصول إلى خدمات الصرف الصحي الآمنة، لافتة إلى إعاقة نقص المياه التنمية الاقتصادية وإنتاج الغذاء، ما يعرض صحة ورفاهية السكان للخطر، كما يمكن أن يؤدي إلى التوتر الاجتماعي والصراع والنزوح.

وأبرزت المجلة تقرير التهديدات البيئية لعام 2024 هو الإصدار الخامس من التحليل الكمي للتهديدات البيئية في 207 دولة ومنطقة مستقلة. ومن بين التهديدات البيئية الأربعة التي تم فحصها في تقرير التهديدات البيئية خطر المياه، والذي يقيم نسبة السكان الذين لا يحصلون على مياه الشرب النظيفة.

  • عوامل نقص المياه

ويكشف هذا الإصدار من التقرير أيضًا بعض العوامل المحفزة لنقص المياه، مقارنا مخاطر المياه بمؤشر السلام الإيجابي (PPI)، والذي يمكن استخدامه كبديل لقوة الحكم والبنية الأساسية والتماسك الاجتماعي في بلد ما. وسمحت هذه المقارنة بتحليل مستويات مخاطر المياه في سياق كيفية إدارة الحكومات لمواردها المائية المتاحة.

بحسب المجلة، لم يجد التقرير أي ارتباط يذكر بين كمية المياه المتجددة المتاحة في أراضي بلد ما ومستوى مخاطر المياه فيه، ولكن كان هناك ارتباط بين مستويات مخاطر المياه وأداء البلدان على مؤشر السلام الإيجابي.

ونوهت المجلة بتمتع بعض البلدان ذات أعلى مستويات مخاطر المياه، مثل بابوا غينيا الجديدة والجابون، بأعلى كمية من موارد المياه الداخلية للفرد في العالم ولكنها تسجل درجات منخفضة على مؤشر السلام الإيجابي. وعلى العكس من ذلك، فإن البلدان ذات مستويات مخاطر المياه منخفضة، على الرغم من امتلاكها لموارد مائية محدودة، تميل إلى تحقيق مستويات عالية من السلام الإيجابي.

  • أهمية الحوكمة والبنية الأساسية

وتؤكد هذه النتيجة على أهمية الحوكمة الفعالة والاستقرار المجتمعي في إدارة التحديات المرتبطة بالمياه، كما تشير إلى أن كمية الموارد المائية الداخلية داخل حدود بلد ما ليست العامل الأساسي الذي يحدد أمن المياه ــ بل إن أنظمة الحوكمة القوية والبنية الأساسية الفعالة تشكل أهمية بالغة.

استشهدت المجلة بحصول أيسلندا والإمارات العربية المتحدة على درجة 1 على مقياس مخاطر المياه، ما يشير إلى أدنى مستوى من المخاطر، رغم الاختلافات الشاسعة في مواردهما المائية.

 

 

تمتلك أيسلندا مثلا 459000 متر مكعب من المياه المتجددة للفرد، في حين أن الإمارات لديها 16 متر مكعب فقط للفرد.

أشارت المجلة إلى أن قدرة الإمارات على إدارة مواردها المائية المحدودة ترجع إلى مواردها المالية الكبيرة، والتي تساعد في دفع درجة مؤشر أسعار المنتجين المرتفعة للغاية، ما يعكس حوكمة قوية وبنية أساسية، مثل محطات تحلية المياه الواسعة النطاق، والتي توفر 42 في المائة من مياه الشرب في البلاد.

وفيما يتعلق بمصر، ذكرت المجلة أن البنية التحتية للمياه في مصر والحكومة القوية تمنع البلاد من مواجهة مستويات مماثلة من مخاطر المياه التي تواجهها البلدان القاحلة الأخرى، مثل اليمن المجاورة.

وأكدت أنه على الرغم من أن اليمن لديها ما يقرب من أربعة أضعاف موارد المياه للفرد، إلا أنها تواجه مخاطر مائية أعلى بكثير من مصر. ويرجع هذا إلى حد كبير إلى ضعف الحوكمة والبنية التحتية في اليمن، كما ينعكس انخفاض درجة مؤشر أسعار المنتجين.

ولا يتمتع سوى 30 في المائة من سكان اليمن بالقدرة على الوصول إلى شبكة مياه موثوقة، ويفتقر 17.8 مليون شخص إلى الوصول إلى المياه الآمنة، ما يسفر عن مشاكل صحية عامة خطيرة، بما في ذلك تفشي الكوليرا.

 ويؤدي الصراع المستمر في اليمن إلى تفاقم هذه التحديات، ما يؤكد أهمية الحوكمة والبنية التحتية القوية في إدارة موارد المياه وتخفيف المخاطر، وخاصة في البلدان ذات الموارد المحدودة.

بينت المجلة كذلك، أن بابوا غينيا الجديدة تعتبر مثالا آخرا على أن الموارد المائية الطبيعية الوفيرة لا تضمن انخفاض مخاطر المياه. فعلى الرغم من وجود أكثر من 80 ألف متر مكعب من موارد المياه الداخلية للفرد، تواجه بابوا غينيا الجديدة مخاطر مياه عالية بسبب البنية التحتية غير الكافية والحوكمة الضعيفة، كما ينعكس في درجة مؤشر أسعار المنتجين المنخفضة.

ويفتقر العديد من الناس في بابوا غينيا الجديدة، وخاصة في المناطق الريفية، إلى الوصول إلى المياه النظيفة ومرافق الصرف الصحي. وتعاني البنية التحتية للمياه في البلاد من سوء الصيانة والتغطية المحدودة، فضلا عن الحواجز الاجتماعية والاقتصادية والتهديدات البيئية مثل الفيضانات.

وشددت المجلة على أن تحديات الحوكمة تعيق الإدارة الفعالة للمياه، خاصة في أوقات التهديد البيئي المتزايد، مما يسلط الضوء على أن المؤسسات القوية ضرورية للتخفيف من مخاطر المياه.

  • النظام المائي الفريد لمصر

أوضحت المجلة أنه توجد بعض البلدان في حالات شاذة على هذا الرسم البياني، ويرجع ذلك جزئيا إلى أنظمتها المائية الفريدة، مثل مصر التي تتميز بمخاطر مائية منخفضة رغم امتلاكها لموارد مائية ضئيلة ودرجة منخفضة على مؤشر أسعار المنتجين.

ورأت المجلة أن الوضع المائي في مصر يرجع إلى الإدارة الاستراتيجية لنهر النيل، الذي يوفر حوالي 98 في المائة من مواردها المائية المتجددة.

ولفتت المجلة إلى مشروع السد العالي في أسوان والذي وصفته بالمحوري للبنية الأساسية وتنظيمه تدفق نهر النيل، وتوفير المياه الأساسية للري وتوليد الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، استثمرت مصر بشكل كبير في تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي لتكملة إمدادات المياه وجودتها.

وتوضح هذه الجهود كيف يمكن للاستثمارات المستهدفة والابتكارات التكنولوجية أن تخفف بشكل كبير من مخاطر المياه، حتى في البلدان ذات الموارد الطبيعية المحدودة أو تحديات الحوكمة، وفق المجلة.

وعلى النقيض من مصر، تظهر بيرو مستويات عالية نسبيا من السلام الإيجابي وموارد مائية وفيرة ولكنها تواجه مخاطر مائية أعلى من المتوسط. وعلاوة على ذلك، مثل مصر، تتمتع بيرو بمصدر فريد من موارد المياه، حيث تعتمد بشكل كبير على الجريان الجليدي للري، وخاصة في المناطق الساحلية القاحلة.

وتعد بيرو موطنا لحوالي 70 في المائة من الأنهار الجليدية الاستوائية في العالم، والتي تعد حاسمة لتوفير المياه خلال موسم الجفاف. ومع ذلك، تقلصت هذه الموارد المائية الحيوية بأكثر من 40 في المائة منذ سبعينيات القرن العشرين، ما جعل شكلًا قديمًا من أشكال الري غير موثوق به وغير كافٍ بشكل متزايد لتلبية احتياجات البلاد من المياه.

وبسبب الذوبان السريع الأصلي، تلوثت موارد المياه بسبب الجريان السطحي من الأراضي الزراعية ومواقع التعدين والمعادن الصخرية الطبيعية التي لم تكن على اتصال سابقًا بالجريان السطحي للأنهار الجليدية. ومع ذلك، في السنوات الأخيرة، مع تراجع الأنهار الجليدية بشكل أكبر، تزيد احتمالات انخفاض الجريان السطحي الجليدي الذي تعتمد عليه العديد من المناطق في بيرو كشكل من أشكال الري الطبيعي.

ويشهد حوض كورديليرا، الذي يضم العديد من الأنهار الجليدية في بيرو، بالفعل انخفاض تدفق المياه في موسم الجفاف. وتسلط هذه التحديات الجغرافية الفريدة الضوء بشكل أكبر على تعقيد مخاطر المياه وكيف أن حتى البلدان ذات المؤسسات القوية نسبيًا والموارد الوفيرة مثل بيرو معرضة للتغيرات البيئية السريعة والتهديدات البيئية الجديدة.

  • أسباب تحسن مخاطر المياه

رغم هذه التهديدات البيئية الجديدة، فقد تحسنت مخاطر المياه في بيرو بفضل تعاون الهيئة الوطنية للمياه مع مكتب الأمم المتحدة لخدمات المشاريع وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة.

وتعمل هذه المنظمات معًا في بيرو منذ ما يقرب من عقد من الزمان لتحسين أنظمة الري والإدارة المتكاملة للمياه. بالإضافة إلى ذلك، أصدرت الهيئة الوطنية لخدمات الصرف الصحي في بيرو خطة جديدة لمعالجة مياه الصرف الصحي لمكافحة مخاطر المياه في مارس 2024.

من وجهة نظر المجلة، فإن استجابة بيرو للتهديدات البيئية الناشئة والضغوط غير المسبوقة على إمدادات المياه تؤكد على الحاجة الماسة إلى حوكمة فعالة وخدمات وطنية قوية لمعالجة التحديات التي يفرضها التقلب المناخي.

واختتمت المجلة تقريرها بأن فهم مخاطر المياه يتطلب النظر في عوامل بيئية ومجتمعية مختلفة، بجانب الأخذ في الاعتبار أن قوة الحكم والمؤسسات هي العامل الرئيسي لتحديد مستويات مخاطر المياه في أي بلد.

ومن المشجع أن البلدان في جميع أنحاء العالم تظهر أن المؤسسات والبنية الأساسية القوية يمكن أن تتغلب على نقص الموارد الطبيعية لتوفير مياه الشرب الآمنة لمواطنيها. ومع تزايد الضغوط المائية على العالم وزيادة تعرضه للأحداث الجوية المتطرفة مثل الجفاف والفيضانات، فإن فعالية الحكومات في الحفاظ على البنية الأساسية للمياه وحماية الموارد الطبيعية لبلدانها سوف تصبح أكثر وأكثر أهمية.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز