نيويورك تايمز: وضع اللاجئين السوريين في وطنهم بعد هروبهم من لبنان سيئ
منيرة الجمل
سلطت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، في تقرير لها اليوم الاثنين، الضوء على عودة اللاجئين السوريين في لبنان إلى وطنهم وسط العدوان الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.
ورصدت الصحيفة قصة فلاح يدعى "علي خير" هرب بعائلته من الحرب الأهلية في سوريا منذ أكثر من عقد إلى لبنان، حيث عمل في زراعة البرتقال والموز.
وقال "خير"، يبلغ من العمر 37 عاما، إن حياته في لبنان كانت صعبة لكنها شعر بالأمان.
وذكرت الصحيفة أن هذا الشعور بالأمان اختفى الشهر الماضي، عندما شنت إسرائيل حربها على حزب الله، مضيفة أن "خير" اختار التخلي عن حياته الجديدة في لبنان وهرب بأسرته إلى سوريا حيث يكافحون لبدء حياتهم من جديد مرة أخرى.
وأكد "خير": "عليك إصلاح كل ما فقدته، لكن لا أزال في صدمة."
نوهت الحكومة اللبنانية إلى نزوح 1.2 مليون شخص من منازلهم بسبب الحرب الإسرائيلية.
ووفقا لمنظمات الإغاثة، عبر أكثر من 470 ألف شخص، معظمهم من السوريين، إلى سوريا خلال الأسابيع الستة الماضية.
جدير بالذكر، أنه منذ محاولة المعارضة السورية الإطاحة بالحكومة عام 2011، حارب الرئيس بشار الأسد للبقاء في السلطة، حيث قصفت قواته وحاصرت مجتمعات المعارضة واستخدمت الأسلحة الكيميائية بشكل متكرر، بحسب الصحيفة.
وقد اجتذبت الحرب روسيا والولايات المتحدة والإرهابيين من تنظيم داعش وقوى أخرى، ما أدى إلى نزوح حوالي 12 مليون نسمة، أو أكثر من نصف سكان البلاد.
تم تسجيل أكثر من 1.1 مليون سوري كلاجئين في لبنان، معظمهم من الفقراء الذين يعيشون في مجتمعات لبنانية تريد منهم المغادرة. وقرر بعض هؤلاء اللاجئين الآن تجربة حظهم في بلدهم المدمر بدلاً من الهرب تحت القنابل في لبنان، ولكن يتعين عليهم أن يتنقلوا بين الاقتصاد السوري الممزق والمجتمعات المتضررة.
وأوضحت الصحيفة أن حكومة الأسد تسيطر على معظم المدن الرئيسية في سوريا، لكن أجزاء كبيرة من البلاد تهيمن عليها إما جماعات مسلحة مدعومة من تركيا في الشمال الغربي أو ميليشيا بقيادة الأكراد تدعمها الولايات المتحدة في الشمال الشرقي، لافتة إلى تحذير منظمة هيومن رايتس ووتش مؤخرًا من أن السوريين العائدين إلى ديارهم قد يواجهون القمع من قبل الحكومة.
وعاد عم "خير" ويدعى "عبد المجيد دحدوح"، 48 عاماً، مؤخراً من لبنان وقال إن الحرب السورية ومرور الزمن غيرا شكل قريتهم سيلام، مؤكدا أن القصف ألحق أضراراً بمنزله وقام اللصوص بنهبه، ما جعله الآن يقترض الفرش والبطانيات لعائلته.
عندما غادر "عبد المجيد" سوريا، كانت المعارضة تحارب الحكومة السورية، أما الآن تدعم تركيا القوات الأمنية المحلية وتمدها بالخدمات الأساسية.
ويواجه "عبد المجيد" مشكلة كبيرة الآن، وهى عدم اعتراف السلطات المدعومة من تركيا حديثا ببطاقة هويته السورية، ما يعيق تسجيل أطفاله في المدرسة أو توصيل منزله بخدمة الكهرباء.
وبين عبد المجيد أن حالتهم في سوريا سيئة جدا، إذ يشحن هاتفه المحمول في منزل قريبه، وتعيش أسرته ليلا في الظلام الدامس.
وأشارت الصحيفة إلى صعوبة حياة سوريين آخرين في وطنهم بعد العودة من لبنان، مثل محمد نجار، 42 عاما، الذي غادر منزله ومتجره لبيع الأدوات المنزلية في بلدة أعزاز على الحدود التركية في عام 2013 للذهاب إلى لبنان، حيث باع الملابس في سوق مفتوحة وعمل كعامل يومي في الزراعة. وقال إن عائلته سجلت نفسها كلاجئين لدى الأمم المتحدة، لكنها توقفت عن تلقي المساعدات منذ سنوات.
وسرعان ما أصبح العمل نادرًا مع انزلاق لبنان إلى أزمة اقتصادية عميقة بدأت في عام 2019، وتفاقمت بسبب جائحة فيروس كورونا. لذلك عندما بدأت إسرائيل قصف القصف قرب منزله، قرر العودة لوطنه سوريا.
وبين "نجار": "كانت حربا، ولم يتوفر المال، وقلقنا على الأطفال. كيف يمكنك دفع الإيجار؟ أين وكيف سنعيش؟ لذلك قررنا العودة إلى سوريا."
عاد مع زوجة شقيقه وتدعى "حميدة بريمو"، ذهبت إلى لبنان في سن العاشرة وعادت إلى الوطن وهي أم لثلاثة أطفال تبلغ من العمر 22 عامًا.
تزوجت "حميدة" في لبنان، لكن زوجها لم ينتقل إلى سوريا معها وأطفالهما، على حد قولها، لأنه كان يخشى أن يُجبر على الخدمة في الجيش السوري.
وعبرت "حميدة" عن قلقها على زوجها، لكنها تأمل لكنها تأمل أن تكون هي وبناتها على الأقل في أمان بسوريا.
واختتمت حديثها مع "نيويورك تايمز" قائلة: "لقد عدنا، لكننا لا نعرف كيف ستكون حياتنا هنا. علينا أن نعود ونبدأ من جديد".