شهادة ضمانة جديدة للاقتصاد المصرى من المؤسسات الدولية
كتبت ـ إسلام عبدالرسول وناهد إمام
بشائر إيجابية تحيط بالاقتصاد المصري، مع توالى مؤشرات التحسن الاقتصادى، إذ رفعت مؤسسة فيتش التصنيف الائتمانى لمصر على المدى الطويل بالعملة الأجنبية «IDR» إلى المستوى «B» بعدما كان «B-»، مع نظرة مستقبلية مستقرة.
وأرجعت «فيتش» قرارها برفع التصنيف الائتمانى، إلى انخفاض المخاطر الخارجية وتعديل السياسات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة، مؤكدةً أن السياسة المالية الخارجية لمصر قد تعززت بشكل ملحوظ بفضل عوامل عدة، من بينها الاستثمار الأجنبى المباشر الضخم فى مشروع رأس الحكمة، وتدفقات غير المقيمين إلى سوق الدين المصري، بالإضافة إلى التمويل الجديد الذي قدمته المؤسسات المالية الدولية.
وأشارت الوكالة الدولية إلى أن هذه العوامل ساهمت فى تعزيز احتياطيات النقد الأجنبى، مما زاد من ثقة الأسواق فى قدرة مصر على مواجهة الصدمات الخارجية، موضحة أن المرونة التي أظهرتها مصر فى سعر الصرف، فضلًا عن الشروط النقدية الأكثر صرامة، قد ساهمت بشكل كبير فى تعزيز استدامة المالية الخارجية.
وعلى صعيد المالية العامة، لفتت «فيتش» إلى انخفاض المخاطر بشكل معتدل، وذلك بفضل التدابير التي اتخذتها الحكومة للحد من الاستثمار العام خارج الميزانية وتوسيع القاعدة الضريبية، كما توقعت انخفاضًا ملحوظًا فى عبء الفائدة على الديون المحلية المرتفعة للغاية فى مصر.
من جانبها، أشادت كريستينا جورجييفا، مديرة صندوق النقد الدولى، بنجاح الإصلاحات الاقتصادية فى جعل الاقتصاد المصري أكثر صلابة وديناميكية، مؤكدة أن الصندوق يدعم الدولة المصرية بعدما تمكنت من التخلص من التراكمات وزادت من دور القطاع الخاص، فضلًا عن تعزيزها من برامج الحماية الاجتماعية مع ترشيد الدعم الحكومى لجعله موجهًا لمن يحتاجونه بالفعل.
وقالت كريستينا: «هذه التحركات أسهمت فى تعزيز الاقتصاد، مما أدى إلى ارتفاع معدل النمو»، متوقعة أن يسجل 4.2% بنهاية العام مقابل 2.4% العام الماضى، والتضخم ينخفض من مستوى 37% العام الماضى إلى مستوى 25 و26%، وهناك اتجاه للانخفاض ليصل إلى 16% هذا العام.
وأضافت مديرة صندوق النقد: «مصر أصبحت أكثر أمانًا فى عالم يتسم بالصدمات الاقتصادية، فالإصلاح ليس سهلًا وجهود الحكومة بدأت تظهر وهذا مهم للفقراء والمواطنين»، مشيدة بجهود الحكومة المصرية والشعب المصري، وعلى ثقته التامة بأنهم سيرون فوائد هذا الإصلاح.
وتابعت: «الحكومة عملت على ازدهار القطاع الخاص، وخلق الملايين من فرص العمل»، لافتة إلى أنها حضرت لمصر من أجل تقديم تقديرها واحترامها للرئيس عبدالفتاح السيسى، والشعب المصري على قوة التحمل غير المسبوقة فى الوقت العصيب الذي تواجهه المنطقة.
وأكدت كريستينا، أن مصر عززت من برامج الحماية الاجتماعية، لافتة إلى أن تحسن الأداء المالى للاقتصاد المصري وفق مصادر حكومية على الرغم من التحديات، إلا أن مجموعة من الإصلاحات فى الإدارة المالية العامة للدولة ساهمت فى تحقيق نتائج إيجابية للاقتصاد.
وكان تقرير الأداء المالى للاقتصاد المصري، قد أظهر تراجعًا فى عجز الموازنة العامة، وتحسنًا فى الفائض الأولى، نتيجة لارتفاع الإيرادات وتراجع المصروفات العامة للدولة خلال الربع الأول من العام المالى الحالى، وانخفض العجز بنسبة 2.21% من الناتج المحلى الإجمالى، مسجلًا 361.8 مليار جنيه مقابل 455.8 مليار جنيه.
فيما ارتفعت الإيرادات العامة بنسبة 40.3% لتصل إلى 470.1 مليار جنيه مقابل 335.1 مليار جنيه، وجاء ارتفاع الإيرادات العامة مدفوعًا بحصيلة الضرائب 87.9% من إجمالى الإيرادات، مسجلة 413.3 مليار جنيه بزيادة 45% على أساس سنوى.
فى المقابل، ارتفعت المصروفات بنسبة أقل من الارتفاع المحقق فى الإيرادات بواقع 4.7% ليصل إلى 827.7 مليار جنيه فى الربع الأول من العام المالى 2024/2025، فيما سجلت مدفوعات الفوائد وخدمة الدين العام 452 مليار جنيه من خلال تحسين إدارة الدين العام عن طريق توزيع المدفوعات على مدار العام المالى وتنويع مصادر التمويل.
وارتفع الإنفاق على الدعم والمنح والمزايا الاجتماعية، خلال الربع الأول من العام المالى الحالى بنسبة 39.8% على أساس سنوى، ليصل إلى 133 مليار جنيه، وشمل ذلك الزيادات المستهدفة لدعم السلع التموينية بواقع 26.1 مليار جنيه.
من جهته، قال الدكتور خالد شافعى، مدير مركز العاصمة للدراسات الاقتصادية، إنه من المتوقع أن تحسن المؤشرات الاقتصادية يدفع بقية مؤسسات التصنيف الدولية للتحرك نحو إجراء مماثل مما يعد دفعة قوية للاقتصاد المصري، رغم التحديات العنيفة فى المنطقة، منها تأثر الإيرادات العامة بشكل قوى جراء تأثر إيرادات قناة السويس.
وأضاف «شافعى»، إن هذا التحسن بالمؤشرات سيعزز موقف مصر فى مفاوضاتها مع صندوق النقد الدولى، الأمر الذي قد يحسن من بعض الشروط ويمد الأجل الزمني للبعض الآخر لتقليل التضخم وحماية الطبقات الاجتماعية التي تضررت من رفع أسعار الوقود وارتفاع أسعار السلع.
قال الدكتور رشاد عبده، رئيس المنتدى المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية والخبير الاقتصادى: «إن قرار مؤسسة التصنيف الدولية يعكس ثقة المؤسسات الدولية فى الاقتصاد المصري، خاصة أن الدولة تهدف إلى تحقيق معدل نمو 4.2% فى العام المالى 2024/2025»، مشيرة إلى أن ذلك التصنيف الأول من وكالة فيتش بتعديل نظرتها للاقتصاد المصري منذ عام 2019، يمثل دفعة جديدة للاقتصاد المصري، وخطوة إيجابية على الطريق الصحيح لدعم خطط الاقتصاد.
وتوقع «عبده»، المزيد من تدفق الاستثمارات الخارجية للبلاد، حيث يبعث التصنيف رسالة قوية للمستثمرين المحليين والدوليين، ويسهم فى جذب المزيد من الاستثمارات، فى ضوء أن المستثمر الأجنبى الذي يراقب التقارير الدولية وبناء عليها يدرس فرص الاستثمار فى أى دولة والاستغلال الأمثل لها أو ترويج لفرص استثمار واعدة، خاصة مشروعات التوطين فى الصناعة، وهذا يأتى لصالح الاقتصاد.
وأضاف «الخبير الاقتصادى»: «أن ارتفاع حجم الاحتياطيات النقدية الأجنبية بالبنك المركزى إلى 46.5 مليار دولار، يعكس قدرة الحكومة على جذب رءوس الأموال وتعزيز الثقة بين المستثمرين».
وأوضح المهندس رامى غالى، كبير استشارى نظم إدارية ورئيس لجنة رجال الأعمال باتحاد المستثمرات العرب، أن تغيير النظرة المستقبلية للاقتصاد المصري، بمثابة شهادة ثقة، ويؤكد الجدارة الائتمانية للاقتصاد الوطني، وقدرات الدولة على الوفاء بالتزاماتها الخارجية، لافتًا إلى أن تصنيف وكالة فيتش يدل على أن الدولة تسير بخطوات جادة وسليمة نحو برنامج الإصلاح الاقتصادى.
أكد «غالى»، أن الاقتصاد المصري أصبح الآن أكثر صلابة فى مواجهة التغيرات والتحديات، وأنه يسير على الطريق الصحيح نحو برنامج الإصلاح الاقتصادى، مشددًا على أن تغيير النظرة المستقبلية أيضًا لمصر، بمثابة حافز لجذب عدد أكبر من المستثمرين الأجانب للاستثمار فى السوق المصرية، نظرًا للفائدة العالية على السندات، ما سيؤدى إلى زيادة الأموال المتدفقة للاقتصاد المصري.
وتابع الاستشارى بالنظم الإدارية: «أن تلك النظرة المستقبلية، ستساعد فى التأثير على الأوراق المالية والسندات الحكومية التي تصدرها الدولة، كما ستكون أكثر ثقة ومصداقية على المستوى العالمى»، موضحًا أهمية الاستمرار فى تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، بما يساعد على تعزيز مكانة مصر كوجهة جذابة للاستثمارات الأجنبية، وتحقيق التنمية المستدامة.