كاميليا عتريس
حقا .. إنه شعب لا يقبل الهزيمة
في ندوة أقامتها لجنة المعاشات برئاسة الزميل أيمن عبد المجيد بنقابة الصحفيين بمناسبة أنتصارات أكتوبر المجيدة وتحدث فيها الكاتب الصحفي الكبير عبده مباشر عن ذكرياته منذ يونيه 67 حتى أكتوبر 73 مما جعلني أسترجع الزمن والأيام وأفتكر أول مشهد وأنا طفلة فى السويس مساء يوم 6يونيو 67 والمدينة مملوءة بالجنود العائدين من سيناء والكل يساعدهم فالشباب يذهب بالجرحى للمستشفيات ويتبرع بالدم واما الامهات والرجال كانوا يقدموا لهم كل ماعندها من أكل وشرب وكلمات التشجيع والعطف وتحولت المدينة واهلها الى خلية نحل تستقبل الجنود العائدين من معركة لم يشاركوا فيها نتيجة غدر العدو الأسرائيلى وما هي إلا أيام قليل وأفصح العدو عن وجهه القبيح وبدأ يطلق طائراته وصواريخه على مدينتنا السويس ومع كل غارة يستشهد عشرات من أهل المدينة وتهدم عدة منازل ورغم ذلك لم يفكر أحدا في ترك المدينة والكل يواصل عمله في المصانع والمصالح الحكومية حتى صدر قرار عدم فتح المدارس وعلى أهل المدينة الهجرة للمدن الأخرى بعيدا عن أعتداءات العدو وحفاظا على أرواح المدنيين وكان قرار صعب على أهل مدينتنا..
وأتذكر عندما أرسل لنا أخوات أبي وامى من الشرقية سيارات تنقلنا اليهم وكان العدو قد ضرب مستودعات البترول وأصبح ليل المدينة نهارا وكان الكل يبكى ونحن نرحل عن مدينتنا وانتقلنا لمدينة الزقازيق حيث تقيم عائلة ابى وامى وكانت اخبار المعركة التي لم تنته بينا وبين العدو الإسرائيلي نتابعها دائما فلم يمضى الا شهور قليلة فضربت السفينة ليبرتى ونتابع أخبار أنتصار جنودنا فى معركة جزيرة شدوان وفرحتنا بانتصارنا بضرب المدمرة أيلات ثم ميناء ايلات وأخبار انتصارات أبطال منظمة سيناء العربية وحرب الأستنزاف التي تأكد للعدو أننا شعب لايهزم حتى جاء يوم العبور في 6 أكتوبر و الجيش يعبر سيناء والشعب في حالة تاهب وفرحة ويحاول يقدم ويساعد وكانت طوابير المتبرعين بالدم لا تنتهي..
وأتذكر مشهدا أمام أحد المستشفيات الأطباء يرجون من سيدات أتين من القرى البعيدة للتبرع بالدم بالعودة لقراهم قبل توقف المواصلات والليل فى منتصفه ..فردت أحدهن وهي ست فلاحة بسيطة على الأطباء قائله بكل قوة وحماس ..مش حنمشى من هنا ولا حنبعد عن المستشفى إلا بعد ما نتبرع بالدم مهما كانت الأسباب ولأدنا بتحارب وأحنا نقعد في بيوتنا؟!! كلنا حنحارب معهم باللي نقدر عليه ..
وأتذكر أيضا يوم 24 أكتوبر عندما حاول العدو الإسرائيلي دخول مدينتي السويس وكيف تصد له الشعب بكل شجاعة واستبسال ولم يجعله يخطوا خطوة نحو المدينة رغم الحصار الذي فرضه عليها 100 يوم عاش الناس فيها بلا كهرباء ولا طعام ولا مياه.. وصمد الشعب وانتصر لأنه شعب لا يقبل غريبا يحتل جزءا من أرضه..إنه حقا شعب لا يقبل الهزيمة