صندوق النقد الدولي يحذر من ارتفاع الدين العالمي إلى 100% بحلول 2030
أ.ش.أ
حذر فيتور غاسبار مدير إدارة شؤون المالية العامة في صندوق النقد الدولي من ارتفاع الدين العالمي إلى 100% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2030 مما يشكل تحديًا كبيرًا للعديد من الاقتصاديات حول العالم ..كاشفا عن زيادة هائلة في مستويات الدين العام العالمي بلغت حوالي 100 تريليون دولار في عام 2024، وهو ما يمثل 93% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وقال غاسبار ، خلال مؤتمر صحفي عقده اليوم الأربعاء لاستعراض تقرير الصندوق حول الأوضاع الحالية للدين العام العالمي والتوقعات المستقبلية ، إن هناك تفاوتًا بين الدول في مستويات الدين حيث تشير التوقعات إلى أن ثلثي الدول تقريبًا ستشهد استقرارًا أو تراجعًا في ديونها خلال السنوات المقبلة..مشيرا إلى أن مستويات الدين ستظل أعلى من المتوقع قبل جائحة كوفيد-19.
وأضاف مدير إدارة الشؤون المالية في الصندوق أن البلدان التي تمثل أكثر من نصف الدين العالمي وحوالي ثلثي الناتج المحلي الإجمالي العالمي ، تواجه صعوبات كبيرة في العودة إلى المستويات السابقة للجائحة، وهذه التحديات تتطلب استراتيجيات أكثر قوة وفعالية لتجنب تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية..لافتا إلى أن هناك عدة عوامل قد تؤدي إلى تجاوز مستويات الدين التوقعات الحالية، مما يزيد من المخاطر المالية على الصعيد العالمي.
وأوضح غاسبار أن التحولات السياسية والمالية في العقود الأخيرة ، أصبحت موجهة بشكل أكبر نحو زيادة الإنفاق الحكومي، خصوصًا في قضايا مثل التحول الأخضر، الرعاية الصحية لكبار السن، والتحديات الأمنية..لافتا إلى أن هذه الضغوط تضاف إلى التحديات الحالية مثل عدم اليقين السياسي والمالي، مما يزيد من احتمالات ارتفاع مستويات الدين في المستقبل. وقال: إن تجارب الماضي أظهرت أن التوقعات المالية غالبًا ما تقلل من تقدير مستوى الدين الفعلي، حيث تتجاوز نسب الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي التوقعات بنحو 6 نقاط مئوية في المتوسط على مدى السنوات الثلاث التالية، وهذا يزيد من احتمالية أن تواجه الدول صعوبات كبيرة في تحقيق استقرار الدين دون اتخاذ خطوات تصحيحية عاجلة.
وأشار غاسبار إلى أن التقرير عرض إطارًا جديدًا أطلق عليه "الدين المعرض للخطر"، وهو مفهوم جديد لتقييم المخاطر التي تحيط بتوقعات الدين..متوقعا أن يصل الدين العالمي المعرض للخطر إلى 115% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2026، وذلك في ظل السيناريوهات المعاكسة المتطرفة.
وأوضح أن هذا الارتفاع في مستويات الدين يرجع إلى تأثير تشديد الأوضاع المالية العالمية وزيادة الفروق في العائدات بالإضافة إلى تباطؤ النمو الاقتصادي في العديد من الدول..مشيرا إلى أن هناك تفاوتًا كبيرًا بين البلدان فيما يتعلق بمستويات الدين المعرض للخطر حيث سجلت الاقتصادات المتقدمة تراجعًا طفيفًا عن ذروة الجائحة، لكن مستويات الدين ما زالت مرتفعة، حيث تقدر بحوالي 134% من الناتج المحلي الإجمالي بينما في الاقتصادات الصاعدة والنامية ارتفع الدين المعرض للخطر إلى حوالي 88% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس الفجوة الكبيرة بين البلدان المتقدمة والنامية في القدرة على تحمل أعباء الدين.
وأكد غاسبار أن الخطط المالية الحالية غير كافية لتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل..مشيرًا إلى أن هناك فرصة سانحة الآن لإعادة بناء هوامش الأمان المالي، وذلك مع انخفاض التضخم وتخفيف السياسات النقدية من قبل البنوك المركزية.
وحذر من أن التأخر في اتخاذ الإجراءات اللازمة سيؤدي إلى تكاليف أعلى في المستقبل خصوصًا في الدول التي تشهد استمرارًا في ارتفاع مستويات الدين مثل البرازيل، فرنسا، إيطاليا، جنوب أفريقيا، والمملكة المتحدة بالإضافة إلى الولايات المتحدة..موضحا أن هناك عدة إجراءات وتصحيحات مالية ضرورية يجب اتخاذها لضمان استقرار الدين منها تحديد حجم التصحيح المالي، حيث يتطلب التصحيح المالي التراكمي لزيادة احتمالات استقرار الدين أو خفضه حوالي 3% إلى 4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في المتوسط، وهو ما يتجاوز بكثير التوقعات الحالية.
وأشار إلى أنه يتعين على البلدان المتقدمة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق، إصلاح نظام المستحقات، وزيادة الإيرادات من خلال ضرائب غير مباشرة أكثر كفاءة، أما في الاقتصادات الصاعدة والنامية فمن الضروري تحسين الأنظمة الضريبية وتوسيع القاعدة الضريبية فضلا عن بناء المصداقية، حيث تحتاج الحكومات إلى خطط مالية واضحة ومدروسة ضمن إطار مالي متوسط الأجل، ومن شأن الرقابة المالية المستقلة أن تعزز مصداقية الحكومة في إدارة مواردها المالية.
وحول تعزيز الحوكمة المالية العامة .. دعا مدير إدارة الشؤون المالية في الصندوق الدول إلى تحسين إدارتها للمخاطر المالية والخصوم المحتملة وخاصة تلك المرتبطة بالشركات المملوكة للدولة مع تعزيز الشفافية والإفصاح عن الديون بشكل كامل والتصدي لحالات المديونية الحرجة ، أما الدول التي تعاني من ارتفاع الديون وتجاوزها للقدرة على تحملها يتعين عليها اتخاذ تدابير عاجلة تشمل إعادة هيكلة الدين وتبني إجراءات مالية تصحيحية فورية لاستعادة الاستقرار المالي.
وقال غاسبار ، في ختام المؤتمر الصحفي ، "إن الوقت حان لاتخاذ إجراءات حاسمة لضمان استقرار الدين العام العالمي".. مؤكدا أن الصندوق سيواصل العمل عن كثب مع الدول لمساعدتها في تنفيذ سياسات مالية فعالة ومستدامة.