عاجل
الخميس 17 يوليو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي
البنك الاهلي

رضا طاهر الفقي يكتب: عيد ميلاد "صفية العمري".. زهرة تفوح فنًا حتى الآن

رضا طاهر الفقي
رضا طاهر الفقي

أرأيت يومًا المدينة السامرة العامرة، أن أردت أن تراها فعليك بالذهاب إلى مدينة المحلة، تلك المدينة المصرية العريقة الصاخبة بالحياة الممزوجة بصوت ماكينات الغزل وطيبة وعراقة أهلها تراهم بسطاء المعشر، شامخين في مواجهة الحياة، كرماء، زرع طيب وأصل متجذر بأرض الأخلاق، أنبتت الكثير من الزهور والعمالقة بجميع المجالات.. من بينهم زهرة برية تخطف الأنظار بجمالها قوية تستطيع أن تتحمل رياح الحياة العاصفة، ولكنها محتفظة برقتها كندى الصباح، ورقتها كالزرع الأخضر، تحتويك كمدينة تعين سكانها على النهوض والاستمرار بالسعي، متجاهلة متصيدي الأخطاء، كما يتجاهل الطفل الغرباء.



 

 وما أجمل أن يمتلك الإنسان قلبا نقيا كطفل وعقلا ناضجا حاد الذكاء وإحساسا لا يخيب، ملامح وجهها متفاعلة مع محيطها، عليه مسحة من الجمال الطبيعي، دون ضجيج أو صخب، جمال يتسلل دائما إلى الآخرين  يونسهم، ولا يصدمهم، عليه دهشة وترقب الانتظار للحظات السعيدة هي الأجمل دائما، لأنها اللحظات التي تسبق  ميلاد الفرحة، ويا لها من لحظات، على وجهها سمو يرفعها دائما في تسامح وتقبل الناس والحياة كما هي، عينها عليها دائما آثار كلام تبدو واضحة في النداوة كأنها بقية دمع، عينها ناطقة بألف معنى، يجعلك تستمتع بالحديث معها واكتشاف جمال آخر لديها.. وذهبت من جديد إلى عالم الذكرى والسلوى، تقف أمام ألبوم من صور الذكريات، الأب الأم الإخوة، مآذن المحلة التي هي بعدد أيام السنة، وتقول إن أعظم اختراع هو الكاميرا، لأنها تحبس لنا الزمن وتوقفه بمشاعره وأحاسسيه، وتأملت معها صورها، فإذا بها تخرج لتوها وكأنها  أسطورة من أساطير إغريقية، مفعمة بالحب، وإذا أردت أن تصف جمال هذا  الوجه الذي ظهر من الألبوم، فتظل حائرا محيرا فيه جمال نفريتي وروعة أفروديت وبعد نظر زرقاء اليمامة، ضجيج المدينة العجفاء، وصخب حياة الفن والفنانين، لم يغير من عفوية الوجه وببساطته، الوجه ما زال يحمل طيبة وبراءة الزمن الجميل، وقلبها خال دائما من الشر والغموض تتسم بالبراءة والنقاء، عندها إحساس فطري يشهد دائما على صدق ما تؤمن به، تجمع بين العقل والقلب، واليقظة والخيال الرحب المسافر حالمة رهيفة، تتنقل من ذكرى إلى أخرى عساها تحفف من أحزانها الدائمة، بين واقع مرفوض ترفضه ومفروض تتطلع إليه دائما روحها، البدايات قالت ولدت في بيت الأب كان يدللها ويشجعها على كل شيء تحبه، وأم تتفهم ولا تشتكي، وهي تطالع ألبوم الصور إطلالتها على عالم الروح عالم الماضي السعيد، وقالت إنها دائما تهرع إلى صورة والدها حينما يداهمها عصر أو أحداث هي ليست منه إلا بالقياس الزمني، فهذا العصر الذي ترفضه فيه أنانيته وصراعاته التي تفتقد إلى النخوة والشجاعة، وتؤكد أنها تتشابك مع أرواح والدتها والدها من خلال ألبوم الصور، وتضيف بأن أرواحا تنفذ من الصور تدرك معه بأن الروح إذا التقت، بمن يشبهها ترممت وتعافت واكتملت، وإذا تحدثت اليك فإن صوتها يسكن ضوراي النفس ويقطع صفير الرياح صوتا يصالحك على الكون، العمري تمارس حياتها بطلاقه وسلاسه، وكأنها تطبق نصيحة أفلاطون أفلاطون قال إذا أردت أن تعيش حياة سوية، تجنبوا الكلمات المنفوخة، فإنها تبعدك عن الحقيقه، وكأنها تقول لنا بأن الحقيقه مباشرة بالقلوب لا بالكلمات، لما كان عالمها الفن الراقي المهذب للنفوس لا المهيج للغزائر، فكانت تؤديه في إقدام ونشاط، هي أدركت إذا كان المرسل صادقا وصل للمتلقي هذا الصدق، وإيمان بالفكره الرسالة لأن الحياة فكرة ورسالة، وليست أداة يوجهها من شاء إلى ما شاء، والحياة الإنسانية القائمة على الفكرة مثمرة دائما، فإذا انطفا نور الفكرة لم يبق للرسالة وجود وأن ذ الحياة  الإنسانية أن يتوارى كل ما فيها من ضياء فلا يبقى من الحياة إلا المظهر المادي، منذ أن ظهرت على الشاشة فهي الفتاة الوديعة الرقيقة، كانت دائما تضع لكل شخصية برواز وإطار فني خاص، وكونها ورثت والدها الفن التشيكلي، وكان لها مرسمها الخاص، فكان كل دور لها وكأنها لوحة فنية من رسمها وعليه بصمتها التي لا تتكرر، أدت الكثير من الأدوار أبدعت أبهرت ولكن دورها  الخالد في ليالي الحلمية أيقونة الدراما المصرية، كنت أشاهد من قريب قناة ماسبيرو التي أعادت العمل كاملا بكل حلقاته، كنت أشاهد الحلقات وكأنني أكتشف "صفية العمري" في كل مشهد من مشاهد ليالي الحلمية، لنجد أنها الاشطر والأجمل أشيك الممثلات  المصريات، أجمل تجسيد لليدي الهانم القادرة، وكانت الجدلية في علاقة ما بين سليم البدري الباشا، ونازك هانم  السلحدار، وكأن لسان حالها الذي كان أحيانا كثيرة يكسر كبرياء الهانم الليدي، التي لا تريد أن تظهر ضعيفة، ولكن إذا اضطرتها الحياة أن يرى أحد ضعفها، فليكن  سليم الأمان والركن الشديد، وكأنها تقول إن العلاقات بين البشر لا تقاس بالحب بقدر من تقاس بالأمان، الحب يتوهج ويخبو أحيانا، أما الأمان، فهو شعور دائم متصل، أن أستأمنك  على عيوبي وزلاتي حتى على تلك الاشياء التي أخاف اقولها لنفسي، ألا أشعر أنني بحاجه لاختيار عطر أغلى أو أخفي ندبة على وجنتي فقط لأنني لا أخشى أن تشوه صورتي أمامك، على بعد أيام قليلة تطل علينا ذكرى ميلاد الهانم التي ولدت فيها كل ثراء الروح والقيمة، لم تمثل صفية العمري دور الهانم، ولكنها كانت تقر الهانم القابعة في حنايا روحها.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز