أ.د. رضا عوض
معركة المنصورة.. أطول المعارك الجوية فى التاريخ
كان سلاح الجو المصري على موعد مع التاريخ يوم14 أكتوبر 1973،، حيث شهدت سماء الدلتا فى ذلك اليوم التاريخى أشرس معركة جوية فى تاريخ العسكرية وأطولها منذ الحرب العالمية الثانية عندما توجهت 120 طائرة مقاتلة إسرائيلية فى ثلاث موجات متتابعه، ففى الساعة(3:15) من مساء نفس اليوم كانت (20) طائرة فانتوم قادمة من اتجاه البحر وهى تطير (باتجاه بور سعيد والدلتا (فأمر قائد اللواء الجوي(104) بانطلاق16 طائرة ميج (21) لحماية القاعدة، كما أمر طيارى هذه المقاتلات بألا تلتحم معها، لأن قيادة القوات الجوية المصرية قد تعلمت الكثير عن الأسلوب الإسرائيلى فى الهجوم وذلك من خلال التجارب التي مرت بها فى حرب الاستنزاف أثناء أواخر الستينيات، كان الأسلوب الإسرائيلى يتبع نمطًا موحدًا عند هجماتهم، حيث كان يقوم عند أى هجمة جوية بإرسال 3) موجات من المقاتلات) وكان عمل كل موجة على النحو التالى:
الموجة الأولى:- تعمل على إغراء المقاتلات المصرية المدافعة وإبعادهم عن الأهداف التي تقوم بحمايتها وبذلك تنصب لها فخا.
الموجة الثانية:- تقوم فيها طائرات الهجوم الأرضى بضرب الدفاعات الجوية المصرية وضرب الرادارات.
الموجة الثالثة :- وهى الموجة الأساسية والتي تقوم فيها المقاتلات القاذفة بضرب الأهداف التي هى أساس تلك الهجمة.
واعتبرت القيادة المصرية أن هذه الطائرات هى الموجة الأولى المخصصة لنصب الفخ للمقاتلات المصرية الدفاعية بهدف إشغالها، فقامت طائرات الفانتوم الإسرائيلية بالطيران فى دائرة واسعة لبعض الوقت، وبعد أن أخفقت فى إغراء المقاتلات المصرية لكى تترك مدينة المنصورة والقاعدة الجوية، تراجعت إلى البحر المتوسط عائدة الى قواعدها وفى الساعة (3:30) مساء من نفس اليوم جاءت الموجة الثانية من طائرات العدو فى تشكيل جوى ثلاثة اتجاهات هى بورسعيد، بلطيم، دمياط فاصدر قائد اللواء الجوى (104) المصري أمرا باقلاع24 مقاتلة ميج (21) واعتراض تلك المقاتلات، فى محاولة لتشتيتهم يصبحون عرضة للقنص ببقية مقاتلات اللواء104 الجوى، وبعد أن فشلت فى تحقيق أهدافها فرت طائرات العدو فى اتجاه البحر، ثم جاءت الموجة الثالثة فى تشكيل جوى من 60 طائرة من طرازى فانتوم وسكاى هوك.
وكانت تطير ومن نفس الاتجاه السابق ودخلت فى اشتباك جوى مع الطائرات المصرية وقد أدرك قائد الموجة الثالثة من الطائرات الإسرائيلية بأن الهجمات السابقة فشلت، وأن هناك مقاتلات مصرية فى سماء المعركة أكثرمما كان يتوقعه فأمر الطائرات الإسرائيلية بالتراجع وعبرت آخر طائرة إسرائيلية الساحل الشمالى حوالى الساعة 08-4 مساء.
وهكذا قامت 120 طائرة مقاتلة إسرائيلية فى وقت واحد لضرب المطارات المصرية بدلتا النيل فى المنصورة، وطنطا، والصالحية، فتصدت لها 62 طائرة مقاتلة مصرية فقط.
ودارت بينهم إشتباكات متواصلة طوال53 دقيقة، كان لقاعدة المنصورة الجوية النصيب الأكبر، ورغم أن العدد فى تلك المعركة يشير إلى التفوق الكاسح من حيث العدد والنوع لسلاح الجو الإسرائيلى، إلا أنه تلقى درسا لن ينساه وانتهت المعركة بهزيمته وفرار طياريه بعد سقوط 18 طائرة لهم.
.. وهذه المعركة تدرس الآن فى أكبر المعاهد العسكرية فى العالم، وأصبح يوم 14 أكتوبر عيدا للقوات الجوية المصرية.