ناهد إمام
همس الكلمات
الروس .. وسارة وحرب الكرامة بالغردقة!
مع الاحتفالات بذكرى السادس من أكتوبر، حرب البطولات والتضحيات، اتخذت الكثير من الأسر المصرية القرار بقضاء إجازة صغيرة بعيدا عن القاهرة لتنشيط أفكارهم وتجديد نشاطهم، وكنت إحدى تلك الأسر وكانت الأكثر نصيبا من مستقبل السياحة الداخلية هي عروس البحر الأحمر مدينة الغردقة.
وبطبيعة الحال كنت سعيدة عندما وجدت الكثير من المصريين، يقبلون على تلك المنطقة السياحية التي صنفت العام الحالي من أفضل 10 وجهات سياحية في مصر، ولكن في الحقيقة زادت سعادتي كثيرا عندما وجدت الفندق والقرى من حولنا تعج بالسياح للاستمتاع بوجود الشعاب المرجانية الخلابة ومياه فيروزية مثالية لركوب الأمواج، مما جعل منها منتجعًا يعج بالسياح.
مما أعطى لي التفاؤل بتحقيق هدف الدولة نحو نمو سريع في صناعة السياحة بمعدلات تتراوح بين 25 في المئة و30 في المئة سنوياً.
ولفت نظري العدد الكبير من السياح الروس، إحدى دول "بريكس"، حيث لا تزال روسيا ثاني أكبر سوق مصدرة للسياح إلى مصر بعد ألمانيا، رغم تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وأيضا مع الحملات الترويجية لإضافة القاهرة والساحل الشمالي إلى برنامج زيارات السياح الروس بجانب مدينتي الغردقة وشرم الشيخ.
وخلال الرحلة أيضا، كانت هناك العديد من المواقف التي استوقفتني، وأظهرت أن النجاح في الجذب السياحي ليس فقط في حسن الاستقبال والخدمات المقدمة من النظافة وغيرها، ولكن التعامل في المواقف الصعبة وهذا ما وجدته شخصيا، عندما وقعت إحدى أفراد الأسرة مغشيا عليها وسط الفندق، وتكالب عليها جميع العاملين بالفندق من أمن وعاملين، ليساعد الجميع في حملها من على الأرض وإجراء الإسعافات حتى وصل طبيب القرية وحاول علاجها ولكن كان لا بد من نقلها للمستشفى.
وساعد الجميع فى حملها للسيارة لنقلها إلى مستشفى الغردقة العام، حيث نصح الكثير بذلك، وبالفعل تم دخولها الطوارئ، وتم الكشف عليها لاتخاذ الإجراءات العلاجية اللازمة، وتذكرت واقعة طبيبة سوهاج، ولكن الحمد لله لم تنتظر الطبيبة توفير التذكرة بل بدأت في الكشف على الحالة ثم قمنا بتوفير التذكرة، ورغم أن الله كتب الشفاء للمريضة على يد الطبيبات بالمستشفى من توفير الأكسجين والحقن اللازمة حتى فاقت وعادت إلى حالتها الطبيعية، ولكن كان هناك بعض الملاحظات على المستشفى.
ومن المفارقات أن ثاني يوم، كانت الزيارة المفاجئة بناء على توجيهات الدكتور خالد عبدالغفار نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، على مستشفى الغردقة العام، في إطار تنفيذ المرحلة الثانية من حملة المرور الميداني على المنشآت الطبية في جميع المحافظات، ورصد الفريق الطبي والحوكمة والمراجعة الداخلية خلال تفقده المستشفى، العديد من السلبيات ومنها واقعة تقصير في قسم عناية القلب وأوصى بتحويلها للشؤون القانونية، وحمدت ربنا وأتقدم بالشكر للوزير الدكتور خالد عبد الغفار، على الزيارات المكوكية لمستشفيات المحافظات للتعرف على السلبيات والعمل على مواجهتها مع الإشادة أيضا بالإيجابيات.
وكانت من الأمور الجميلة عند العودة من المستشفى تكالب الجميع أيضا، وفي مقدمتهم مدير القرية "حسام محمد"، ولكن هذه المرة لتهنئتنا بشفاء المريضة والاطمئنان على حالتها يوميا طوال فترة الإقامة.
ومن المواقف التي شعرت بها بالحزن والفرح في نفس الوقت، موقف حدث من إحدى السائحات البريطانيات، أثناء تناول وجبة العشاء بمطعم القرية، حيث وقفت أمام المنضدة الخاصة بنا ونحن جالسين وأخذت تصرخ
"This is my
table, where is my bag؟".
أي هذه ترابيزتي، أين حقيبتي، فكان رد فعلي سريعا وطلبت سريعا بصوت عال، مدير قاعة الطعام وأن يبحث لها عن المنضدة الخاصة بها والتي ستجد عليها حقيبتها، وبالفعل نجح في العثور على المنضدة الخاصة بها، فاحمر وجهها وأخذت تعتذر عما بدر منها من إساءة.
ولم ينته الموقف عند ذلك ولكن بعد الانتهاء من العشاء قامت المهندسة الشابة سارة هاني إمام، وهي بنت أخي، وذهبت إلى منضدة السائحة البريطانية وتحدثت لها بالإنجليزية بكل ثقة وشجاعة، أن المصريين ليسوا لصوصا ولا يقبل أي مصري اتهامه بالسرقة، وأننا في مصر نتعامل مع السائح بكل ود واحترام. أعجبت جدا السائحة وأخذت توجه المزيد من الاعتذارات، وقالت إنها تعرضت للسرقة منذ 3 شهور ولكن فى بلد أخرى لم تكن مصر.
وتذكرت في ذلك الوقت الذي نحتفل به بحرب النصر، أن الحرب لم تنته، وأن حرب الدفاع عن الكرامة ستظل مستمرة وليس من خلال قواتنا المسلحة، خير أجناد الأرض فقط، ولكن بالعلم من خلال كل مواطن مصري أصيل مثقف ومسلح بالعلم، ويعرف جيدا حقوقنا ولا يتهاون فيها، ويرد على العدو بسلاح العلم والثقافة والتكاتف يدا بيد.
ألستم تتفقون معي أن مصر ستظل بلد الجذب السياحي لجميع أجناس العالم، وأن من يحاول يشوه أبناءها، لا بد من ردعه بالذوق والاحترام، لأننا بلد الحضارة والتاريخ والكرم والبشاشة والمعاملة الإنسانية المميزة، التي لا تتوافر في أغنى بلاد العالم.