د. عبد الفتاح العواري خطيب الجامع الأزهر: بالعلم تبني الأوطان ويتحقق الأمن والتنمية
سلوي عثمان
أكد الدكتور عبد الفتاح العواري عميد كلية أصول الدين الأسبق بجامعة الأزهر وخطيب الجامع الأزهر، أن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم وزوده بأدوات المعرفة والإدراك والعقل، لافتا إلى أن الله عز وجل حث نبيه أن يتزود من العلم فقال الله تعالى "ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علما"، لذا امتن الله- سبحانه وتعالى- بأن علمه ما لم يكن يعلم، قال تعالى (وعلمك ما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيما).
وأوضح الدكتور العواري خلال خطبة الجمعة- التي ألقاها في الجامع الأزهر عن فضل العلم التسلح به- أن أولى قطرات الوحي الإلهي التي تنزل على قلب النبي العربي ﷺ كانت تتضمن أداة العلوم كلها، وكل العلوم التي أوجب الحق- تبارك وتعالى- على عباده ان يحصلوها ويتقنوها ويجودوها وكان ذلك في اقرأ يا أمة اقرأ.. قال الله تعالى (اقرأ بسم ربك الذي خلق.. الإنسان من علق).
ويستكمل العواري حديثه: الإنسان يجب أن تكون قراءته بسم الله.. بسم الاله الذي رباه وأعطاه كافة النعم، حيث إنه لا أمل في تحصيل أي علم أو فقه إلا إذا كان مبتدأً القراءة ببسم الله، مؤكدا أنه يجب على طالب العلم الاستعانة بالله واسمه ليكون أهلًا لتحمل العلم، فيمنح الوطن الذي يعيش فيه فترتقي فيه الحضارة ويكون عضوًا ناجحًا في المجتمع يبني ولا يهدم، يربي ويهذب، فالقراءة ببسم الله مفتاح العلوم كلها.
وأشار خطيب الجامع الأزهر الدكتور عبد الفتاح العواري إلى أن طلب العلم فريضة على كل مسلم ومسلمة لكي تعمر الحياة، فهذا آدم أبو البشر عندما أراد أن يعمر الأرض أعطاه مفاتيح العمارة، وهي العلم، قال الله تعالى (وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة...) بتعلمه الأسماء استطاع أن يحقق الخلافة في الأرض.
وحذر العواري من التخلف عن موكب العلم والعلماء وطلب العلوم وتحصيلها، فقضية التعليم والتعلم من القضايا الأساسية وقد أكدت الأحاديث النبوية جميعًا ذلك، قال رسول الله ﷺ (من سلك طريقًا يلتمس فيه علما سهّل الله به طريقًا إلى الجنة)، مؤكدا أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم، يستغفر له من في السموات والأرض حتى الحيتان في البحار.
وأكد خطيب الجامع الأزهر أن أمتنا- وهي أساس الحضارات والعلوم- تخلفت عن الركب وتسابق الغرب في تحصيل علومها حتى صعدوا للفضاء.. وأمة العلوم رضيت بالدنية والقليل ولم تقم بواجبها، مشيرا إلى أن الخشية بالله لا تتحقق إلا من خلال تحصيل العلوم أيا كان نوعها (أحياء، فيزياء جيولوجيا، هندسة....)، إذ قال تعالى (إنما يخشى اللهَ من عباده العلماءُ) ليس المقصود بالعلوم الشرعية، حيث إنها فرض عين على كل مسلم لتصحيح عقيدته ومعرفة حقوقه وواجباته، أما بقية العلوم فهي فرض كفاية.
وطالب العواري الأمة الإسلامية بأن تراجع نفسها وأن يكون هديها كتاب الله وسنة رسول الله وهدي أصحابه نبراسا يضيء لها الطريق، مؤكدا أن الله قرن شهادته بشهادة أولى العلم وذلك يظهر جليًا في قوله تعالى (شهد الله أنه لا إله إلا هو وأولو العلم قائمًا بالقسط)، بل قدّم الله تحقق العلم قبل إيجاب العمل قال تعالى (فاعلم أنه لا إله إلا الله واستغفر لذنبك).
ويؤكد خطيب الجامع الأزهر الدكتور عبد الفتاح العواري أنه بالعلم تصان العقول من الخرافات والشعوذة والدجل والتي لا تمت صلة لصحيح الدين، كما أنه بالعلم تبنى الأوطان وتتحقق التنمية الاقتصادية، فقد قال الله تعالى على لسان سيدنا يوسف (ربي اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم).
ويشير العواري إلى أنه بالعلم تبنى الحضارات ويتحقق الأمن وتستقر الحقوق والواجبات وتمنح الحريات وتتحقق العدالة ويرفع الظلم وتتقدم الأمم وتحفظ أوطانها وتحمي حدودها، حيث إنه لا حماية للأوطان إلا بالعلم، وذلك من خلال تعلم العلوم العسكرية، قال تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل).
وناشد خطيب الجامع الأزهر الأمة بقوله (يا عباد الله لا تفرطوا في العلم فهو المستقبل لكي تعمروا الكون وتحافظوا على الأوطان.. والله محاسبكم إن قصرتم فيه).