مبادرة أفريقية لإلغاء الديون المتراكمة على الدول الأفريقية وتحويلها لدعم المناخ
أ ش أ
في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الدعم الدولي لقضايا المناخ في أفريقيا، سيتم عرض نتائج مؤتمر الوزراء الأفارقة للبيئة، الذي عقد الشهر الجاري في أبيدجان، كوت ديفوار، في عدد من المحافل العالمية الكبرى خلال الأشهر القادمة، بحسب بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
وتهدف هذه المبادرة إلى سد الفجوة التمويلية الكبيرة التي تواجهها الدول الأفريقية في مكافحة التغير المناخي، وتخفيف أعباء الديون المتزايدة التي تعيق التنمية البيئية فى القارة السمراء. وسيتم تقديم النتائج الخاصة باجتماع وزراء البيئة الأفارقة في عدة منتديات دولية؛ بما في ذلك الدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، التي ستُعقد في الرياض المملكة العربية السعودية، في الفترة من 2 إلى 13 ديسمبر القادم، بالإضافة إلى ذلك تم عرض النتائج خلال فاعليات قمة المستقبل على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في 22-23 سبتمبر 2024، والدورة السادسة عشرة لمؤتمر الأطراف لاتفاقية التنوع البيولوجي من 21 أكتوبر إلى 1 نوفمبر 2024 وأيضًا في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29) التي ستُعقد من 11 إلى 22 نوفمبر في باكو، أذربيجان. وأكد علي محمد، رئيس مجموعة المفاوضين الأفارقة بشأن تغير المناخ، أن هناك موقفًا طموحًا بشأن هدف تمويل المناخ الجديد الذي سيتم تحديده في محادثات المناخ ( COP29 ) في نوفمبر. مشيرًا إلى أن الهدف الجديد للتمويل المناخي (NCQG) الذي سيحل محل الهدف الحالي البالغ 100 مليار دولار سنويًا يجب أن يعبء ما لا يقل عن 1.3 تريليون دولار سنويًا للدول النامية بحلول عام 2030. موضحًا أن هذا الرقم يجب أن يكون الحد الأدنى مع ضرورة مراجعته وتعديله بشكل دوري بناءً على البيانات الجديدة والاحتياجات المتطورة. وخلال اجتماعات أبيدجان، أبرز الوزراء الأفارقة الحاجة الملحة لتعزيز تمويل المناخ، حيث تتلقى الدول الأفريقية حاليًا حوالي 30 مليار دولار سنويًا لتمويل المناخ بينما تحتاج إلى نحو 277 مليار دولار سنويًا لتنفيذ خططها الوطنية وتحقيق أهدافها المناخية بحلول عام 2030. في هذا السياق، دعت الدول الأفريقية إلى وضع هدف تمويلي جديد يصل إلى 1.3 تريليون دولار سنويًا للدول النامية بحلول عام 2030، مع مراجعة هذا الهدف بشكل دوري لمواكبة الاحتياجات المتزايدة. ومن بين القضايا الرئيسية التي تم تسليط الضوء عليها في المؤتمر هي أزمة الديون التي تعاني منها العديد من الدول الأفريقية، ففي عام 2023 بلغ إجمالي مدفوعات الديون الخارجية للدول الأفريقية حوالي 85 مليار دولار، وهو ما يقارب ثلاثة أضعاف التمويل المناخي الذي تتلقاه، ومن المتوقع أن ترتفع هذه النسبة في عام 2024، حيث ستصل مدفوعات الديون إلى حوالي 18.5% من إيرادات ميزانيات الدول الأفريقية. وفي بعض الدول، وصلت أزمة الديون إلى مستويات خطيرة، فعلى سبيل المثال، أصبحت زامبيا أول دولة أفريقية تتخلف عن سداد ديونها في نوفمبر 2020، حيث كانت خدمة الديون تستهلك أكثر من 33% من إيرادات الحكومة. وفي غانا، أعلن وزير المالية في أواخر عام 2022 أن نصف إيرادات البلاد الإجمالية وأكثر من 70% من إيرادات الضرائب تُخصص لسداد الديون، وفي كينيا بلغت خدمة الديون حتى يونيو 2024 نحو 70% من إيرادات الدولة المحلية. ويحد هذا الوضع بشدة من قدرة الدول الأفريقية على الاستثمار في السلع العامة بما في ذلك المشاريع البيئية والمناخية، فالدول التي تضطر إلى تخصيص جزء كبير من ميزانياتها لسداد الديون تجد صعوبة كبيرة في توجيه الأموال نحو أولوياتها الوطنية، بما في ذلك بناء البنية التحتية للطاقة المتجددة، وتطوير تقنيات جديدة، وتنفيذ خطط التكيف مع تغير المناخ. وعلاوة على ذلك، يزيد الدين المرتفع من تكلفة الاقتراض في الأسواق الدولية، حيث تبلغ أسعار الفائدة نحو 6.5% للدول التي تعاني من ديون كبيرة مقارنة بنحو 3% للدول الأكثر استقرارًا ، ويشكل هذا الفارق في الشروط التمويلية عائقًا كبيرًا أمام جذب التمويل اللازم لتنفيذ مشاريع الطاقة المتجددة والتكيف مع تغير المناخ، كما أنه يثني المستثمرين في القطاع الخاص عن الاستثمار في الدول الأفريقية، نظرًا للمخاطر الاقتصادية المحتملة وتقلبات العملة. ودعا الوزراء الأفارقة إلى ضرورة إلغاء الديون كجزء من الحلول المناخية. مؤكدين أن الدول الصناعية الكبرى التي تسببت في التلوث البيئي تتحمل مسؤولية تاريخية. مشيرًا إلى أن إلغاء الديون أو تحويلها إلى منح تمويلية ميسرة يُمكن أن يسهم في تعزيز القدرات الأفريقية على مواجهة التغير المناخي والاستثمار في مستقبل أكثر استدامة. وتسعى الدول الأفريقية من خلال عرض نتائج مؤتمر وزراء البيئة الأفارقة في المحافل الدولية إلى بناء تحالفات قوية ودعم دولي أكبر لتمويل المناخ وإلغاء الديون؛ ما سيمكن القارة من الاستثمار بشكل أفضل في مشاريع الطاقة المتجددة وتعزيز قدرتها على التكيف مع التغيرات المناخية التي تعتبر الأشد تأثيرًا على القارة.