بين الحلوى والتقاليد الدينيـة
المولد النبوي بعيون الأطفال: حلوى وزينة وصلاة على النبي !
داليا عبد المعز
الأطفال: أفرح بالزينة وحلوى المولد.. والقصص تزيد محبتي للنبي
الأهـل: التعريف بالنبي يبدأ من الصغر ..والتكنولوجيا جعلت المحتوى مشوقًا
دارالإفتاء: "الكرتـون" وسيلة فعّالة لغرس أخلاق النبي في نفوس الصغار
رأيته جالسًا محدقًا في شاشة هاتفه، حسبته يلعب، فجلست بجواره دون أن أهتم كثيرًا. وفجأة، نظر إليّ وسألني بلهفة: "طنط! فاضل أد إيه على مولد النبي؟". أجبته: "أسبوع يا حبيبي". همس قائلاً: "أكيد هلحق". أثارت كلماته فضولي، فسألته: "هتلحق إيه؟" ابتسم وقال: "حفظ نسب النبي. بابا قالي لو حفظت نسب النبي كله أو جزء منه، النبي هيحبني، ووعدني بمكافأة، وينزلني أشتري معاه حلاوة المولد".
تركته بعدما شجعته على إتمام حفظ نسب النبي، ووجدت نفسي غارقة في تساؤلات عديدة: ماذا تعني ذكرى المولد النبوي للأطفال؟ وكيف يحتفلون بها؟ وهل يبدأ التعرف على النبي والتقرب من سيرته في هذا السن المبكر؟ وما هو دور الأهل في تعريف أبنائهم بسيرة النبي؟ وكيف تلعب التكنولوجيا والتطبيقات الحديثة دورًا في تعليم الأطفال هذه السيرة بأسلوب مشوّق؟ .
التقت "بوابة روزاليوسف" بعدد من الأطفال في مراحل عمرية متنوعة، لاستطلاع آرائهم حول معنى ذكرى المولد النبوي الشريف بالنسبة لهم. كما قامت بمقابلة عدد من الأمهات لاكتشاف دور الأسرة في تعليم الأطفال عن النبي وسيرته، وكيفية استفادتهم من التكنولوجيا لهذا الغرض.
فرحة المولد النبـوي في أعين الأطفال.. بين الحلوى والتقاليد الدينية
تقول جوري، صاحبة الـ9 سنوات: "المولد النبوي بالنسبة لي هو وقت مليء بالفرحة واللعب. أكثر شيء أحبه هو الذهاب مع والدي لشراء عروسة المولد وحصان السكر. أحب شكل العروسة؛ لأنها تكون جميلة وملونة".
وتضيف: "في المدرسة يحكون لنا قصصًا عن النبي، تجعلني أحبه كثيرًا، وأريد أن أكون مثله". ثم تستطرد: "تعلمت أن النبي كان يلقب بالصادق الأمين، وكان يحب الأطفال ويلعب معهم".
وحول شعورها بالمولد النبوي، تقول جوري: "أفرح كثيرًا بهذا اليوم، لأن الناس يكونون سعداء، والمساجد والشوارع تكون مليئة بالزينة".
أما مريم، صاحبة الـ12 عامًا، فتقول: "مولد النبي يوم مميز بالنسة لي؛ لأنه يعطني فرصة لتذكر النبي والصلاة عليه. أحب الألوان والزينة في الشوارع، فهي تجعلني أشعر بالسعادة. أما حلوى المولد، فلا أحبها كثيرًا، لكنني أفرح عندما أذهب مع والدي لشرائهـا".
وأضافت مريم: "حفظت حديثين عن النبي الأسبوع الماضي، وتعلمت أن من صلى على النبي صلاة واحدة، صلى الله عليه عشرًا". وعندما سألتها: "هل تصلين على النبي؟" ردت بابتسامة خجولة: "أه.. وساعات بنسى "!.
ومن جانبه، يقول أحمد، صاحب الـ15 عامًا: "أحب المولد النبوي، فهو يوم مميز، نشترى فيه حلوى المولد، ونقدم الصدقات، ونذهب لزيارة جدي وجدتي. أشعر بالسعادة عندما أرى الزينة والاحتفالات تملأ الشوارع، وحلوتي المفضلة هي الحمصية "!.
وأضاف أحمد: "أذكر أن التلفاز يعرض في هذا اليوم العديد من الأفلام التاريخية مثل فيلم الرسالة والشيماء، ووالدايَّ يحرصان دائمًا على متابعتها." ويواصل حديثه قائلاً: "أحب مشاهد هجرة النبي، خاصة عندما خرج من منزله دون أن يراه الكفار، فهي معجزة عظيمة. كما أنني أحب نشيد طلع البدر علينا، ودائمًا ما ننشده في المدرسة. وأحرص على الاستماع إلى الأناشيد الدينية عبر هاتفي."
أما معاذ، صاحب الـ11 عامًا، فيقول: "في يوم المولد النبوي، أشارك أمي وإخوتي في عمل توزيعات للأطفال، وهي عبارة عن أكياس ملونة بها حلوى المولد، ونقوم بتوزيعها على أطفال الجيران. أمي تصوم في هذا اليوم، وتقول إن النبي كان يحتفل بمولده بالصيام. أما أنا، فلا أصوم، لكنني أصلي على النبي 10 مرات، وأقراء أجزاء من القرءان، وأأكل الحلوى!". وعندما سألته عن الحلوى التي يفضلها، قال بسعادة: "الچلـي!" (يقصد الملبن)!.
بين التطبيقات التفاعلية والجلسات العائلية .. هكذا تزيد محبة النبي في قلوب الأطفال
تقول الأم ناديـة: "في الماضي، كنا نتعلم عن النبي من الكتب والقصص التقليدية والجلسات العائلية، أما اليوم فأهتم باستخدام التكنولوجيا لمساعدة أطفالي على التعرف على النبي وسيرته." وتضيف: "على الأباء توظيف التطبيقات الدينية التفاعلية لتعريف الأطفال بسيرة النبي، ومشاهدة الفيديوهات التعليمية على يوتيوب. فالتكنولوجيا جعلت المحتوى أكثر جاذبية وسهولة للأطفال".
ومن جانبها، تقول الأم ليلى: "عندما كنا أطفالًا، كانت احتفالاتنا تقتصر على التجمعات العائلية والاحتفالات البسيطة، أما الآن فقد بدأت في تسجيل أطفالي عبر مواقع إلكترونية تقدم دورات تفاعلية حول سيرة النبي بأسلوب شيق". وتضيف: "أعتقد أن التطبيقات التفاعلية تساهم في جذب انتباه الأطفال وتجعل عملية التعلم أكثر متعة وسهولة." وتشدد ليلى على أهمية البدء بتعليم الأطفال سيرة النبي منذ الصغر.
وتقول الأم نور: "أعتبر ذكرى المولد النبوي فرصة مميزة لتعليم الأطفال السيرة النبوية. أطفالي يعتمدون على أجهزة التابلت والمواقع الدينية لهذا الغرض، بالإضافة إلى الاستماع إلى البودكاست التي تتناول الأحاديث النبوية." وتؤكد نور على ضرورة مراقبة الأهل للمحتوى الذي يتعرض له الأطفال عبر هذه التطبيقات، مشيرة إلى أن ليس كل المحتويات المتاحة يمكن الوثوق بها. وتضيف: "أثمن المبادرات التي يطلقها الأزهر للتعريف بسيرة النبي، مثل مبادرة 'سراجًا منيرًا' وغيرها."
فيما ترى الأم آيات، أن الجلسات العائلية لا تقل أهمية عن التكنولوجيا، وتقول: "لا بد من تنظيم جلسات عائلية نروي فيها لأطفالنا القصص والأحاديث النبوية، ونتحدث معهم عن المحبة والتسامح التي دعا إليها النبي، مع توجيههم للاقتداء بأخلاق النبي في حياتهم اليومية".
وتقترح آيات، أفكارًا مبتكرة لاحتفال الأطفال بالمولد النبوي، مثل إعداد بطاقات تحتوي على أحاديث أو أخلاق نبوية، ومناقشة كيفية تطبيقها في حياتهم، أو تمثيل القصص النبوية بأسلوب بسيط وجذاب.
"الافتـاء": المولد النبوي فرصة ذهبية لغرس حب النبي وقيمه في قلوب الأطفال
ومن جانبها،أشارت دار الإفتاء المصرية، عبر صفحتها الرسمية على موقع "فيسبوك"، إلى أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف يمثل فرصة مميزة لتعليم الأطفال سيرة النبي محمد ﷺ بأسلوب مبسط يناسب اهتماماتهم. وأوضحت أن استخدام وسائل الترفيه مثل برامج الكرتون، يعد وسيلة فعّالة لغرس أخلاق النبي وشمائله في نفوس الصغار منذ مراحلهم الأولى.
كما أكدت أن الاحتفال بذكرى المولد النبوي، يتضمن ذكر الله، ومدح النبي والثناء عليه، بالإضافة إلى إطعام الطعام والصيام والقيام، إعلانًا لمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والفرح بيوم مجيئه إلى الدنيا .
وعليه أقول، إن فهم الأطفال لمغزى المولد النبوي منذ الصغر يعزز ارتباطهم الوجداني بنبيهم، ويؤسس لديهم قيم الحب والسلام والتسامح التي دعا إليها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وهي القيم التي نحتاج إليها بشدة في زمننا الحالي. وفي الختام، أملُ أن يكون الصغير قد أتم حفظ نسب النبي كما وعد !.