"سويس إنفو": هل ستتخلى سويسرا عن سياسة الحياد بعد فتح مكتب اتصال للناتو بجنيف؟
وكالات
ذكرت شبكة "سويس إنفو" أن إعلان منظمة حلف شمال الأطلسي "الناتو"، في أكتوبر الماضي، اعتزامها فتح مكتب اتصال في جنيف أدى إلى حدوث انقسامات وأثار الجدل بالنظر إلى حياد سويسرا تجاه هذا التحالف السياسي ـ العسكري.
وقالت شبكة "سويس إنفو" إن السلطات السويسرية تؤكد أن الأمر لا يتعدى كونه "مكتب اتصال" في مدينة جنيف "الدولية" ليتيح للناتو تعميق التبادلات مع المنظمات التي تتخذ من جنيف مقرا لها خاصة الأمم المتحدة؛ وبالتالي فإن الكونفيدرالية السويسرية ليست معنية بالأمر.
ويمتلك "الناتو" هياكل مماثلة في فيينا بالنمسا ونيويورك بالولايات المتحدة، وهما مركزان آخران للأمم المتحدة. وعندما يدشن مكتبه في جنيف عمله، في وقت لاحق من خريف هذا العام، سيكون للحلف مكتب اتصال في كل من المواقع الرئيسية للأمم المتحدة، باستثناء نيروبي في كينيا.
وأرجعت "سويس إنفو" السبب في اختيار جنيف لفتح "مكتب اتصال" للناتو إلى أن هذه المدينة مركز للدبلوماسية متعددة الأطراف، وهي في طليعة الحوكمة في العديد من المجالات، بما في ذلك نزع السلاح والقانون الإنساني الدولي.
كما يوجد بجنيف المقر الأوروبى للأمم المتحدة بالإضافة إلى العديد من وكالاتها المتخصصة بما في ذلك منظمة الصحة العالمية والاتحاد الدولي للاتصالات إلى جانب اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ لذا فإن الأمر يتعلق بالتواجد في مكان استراتيجي لحلف شمال الأطلسي الذي يتعاون منذ سنوات مع الأمم المتحدة في مجال تعزيز السلام. فقد شارك ـ على سبيل المثال ـ في العمليات العسكرية التي قادتها الأمم المتحدة في البوسنة والهرسك وأفغانستان وليبيا.
وانطلاقا من جنيف، سيتمكن "الناتو" من الاتصال بدبلوماسيي المجتمع الدولي بأكمله تقريبا، كما يمكنه التفاعل مع ما يقرب من 750 منظمة غير حكومية موجودة بجنيف من بينها منظمات نشطة في مجال الأمن أو إزالة الألغام.
بيد أن الافتتاح المرتقب لمكتب اتصال لحلف شمال الأطلسي في جنيف أثار انقسامات داخل البلاد؛ إذ انتقد الحزب الاشتراكي وجناح اليمين في صفوف حزب الشعب السويسري هذه الخطوة مؤكدين أن فتح مكتب لمنظمة عسكرية في سويسرا يتناقض مع سياسة الحياد ويضر بصورة جنيف باعتبارها "عاصمة السلام". بينما على الجانب الآخر، يعتقد البعض داخل الحكومة السويسرية أن وجود مكتب لحلف الناتو سيعزز مكانة جنيف باعتبارها مكانا للمناقشات حول القضايا المتعلقة بالسياسة الأمنية. ووفقا للمجلس الاتحادي السويسري، فإن هذا أيضا لا يتعارض مع الحياد، لأنه في نظر قانون الدولة المضيفة هي منظمة حكومية دولية مثل أية منظمة أخرى.
ويرى المؤيدون، خاصة في الوسط والحزب الليبرالي الراديكالي، أن استضافة هذه المنظمة يتوافق مع سمعة جنيف باعتبارها "أرض ترحيب"، وأن هذا المكتب من شأنه تعزيز التعاون الدولي نظرا لأن الناتو هدفه أيضا تعزيز السلام والأمن.
ومع ذلك، لفتت "سويس إنفو" إلى تساؤل صار ملحا بعد هذه التطورات؛ وهو: هل تتقرب سويسرا من حلف الناتو؟ وأجابت أن حرب أوكرانيا أعطت بعدا جديدا للتحالف الأطلسي، مقارنة بوصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عام 2019 له بأنه في حالة "موت دماغي"، فقد قادت الحرب الروسية دولا من عدم الانحياز أو الحيادية إلى الانضمام للناتو مثل فنلندا والسويد.
وبرغم أن سويسرا ليست عضوا في الناتو، لكنها تشارك منذ عام 1996 في شراكة حول السلام تم إرساؤها بين المنظمة ودول ثالثة.
وقد تم إيفاد كتيبة سويسرية إلى كوسوفو ضمن القوة الدولية "كيفور" التي أرساها الناتو بتفويض من الأمم المتحدة من أجل العمل على تعزيز السلام هناك.
وقالت شبكة "سويس إنفو" إن وزيرة الدفاع والرئيس الحالية للكونفيدرالية السويسرية فيولا امهيرد ـ التي تؤيد تقاربًا وثيقًا مع الناتو ـ طالبت العام الماضي من مجموعة من الخبراء تقديم اقتراحات حول مستقبل السياسة الأمنية السويسرية.
ومن المقرر أن ينتهي الخبراء من هذا التقرير بنهاية الشهر الحالي. وبحسب المعلومات المتوفرة، فإن التقرير سيوصي بتعزيز التعاون بين الناتو وسويسرا وكذلك مشاركة جنود سويسريين في تدريبات بالخارج، كما سيدعو إلى تخفيف الحظر المفروض على إعادة تصدير الأسلحة.
بمعنى آخر، سيفتح هذا الباب أمام إعادة تعريف الحياد، وهو ما أدى إلى وصفه بـ "التقرير المتفجر" في الصحافة الأجنبية.