عصام أبو بكر
ما الذي يريده نتنياهو من مفاوضات وقف إطلاق النار؟
هناك سؤال يطرح علي الذهن ما الذي يريده نتنياهو من مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية حاليا في قطر والقاهرة وهل يريد إفشال صفقة تبادل الرهائن بينه وبين حماس؟ رغم أنه يبدو أن مفاوضات القاهرة متعثرة بسبب رفض الصهاينة الانسحاب من معبر ومحور صلاح الدين (فلادلفيا - رفح) وكذلك محور نتساريم فالوفد الصهيوني عاد لاسرائيل بعد رفضه كل اقتراحات مصر حماس للانسحاب من رفح ومن (ممر نتساريم) الذي يقسم غزة لشمال وجنوب، وقال مصدر مصري " أن مصر ترفض احتفاظ إسرائيل بالسيطرة على الحدود بين غزة ومصر، وكذلك على المحور الذي يقطع غزة (مفترق نتساريم)"، وفق صحيفة "يديعوت أحرونوت" وقد جاء بلينكن وزير خارجية أميركا ليضغط علي مصر وقطر ليضغطوا بدوررهم علي حماس لقبول ما تريده إسرائيل وقال بلينكن أن نتنياهو وافق علي الخطة الأمريكية المعدلة (والتي هي بقاء اسرائيل في فلادلفيا ونتساريم!!) والمرفوضة من حماس ومصر وقطر، وفي حال فشل المفاوضات سوف تقوم إيران وحزب اللة بتنفيذ إنتقامهم الذي قيل أنه تأجل لإعطاء فرصة للمفاوضات.
ورغم أن جميع التحليلات الإعلامية
والتصريحات السياسية تقول إن نتنياهو يريد إفشال مفاوضات وقف إطلاق النار وصفقة التبادل بينه وبين حماس وانة يسعي بكل جهد لوضع العراقيل لمنع تنفيذ الصفقه وذلك من خلال المجازر التي يقوم بها والتي يقع ضحيتها مئات المدنيين واغتيال قادة حماس، الا أن الواضح انه ستكون هناك صفقة وقريبا وأن ما يذاع من تقارير صحفيه واعلاميه عن عدم رغبة نتنياهو في إجراء صفقة تبادل الرهائن مع حماس غير صحيح على العكس نتنياهو يريد صفقة لكن يسترق الوقت ويماطل لأسباب عديدة.
يقينا هو لا يريد وقف إطلاق النار في غزة ولكنة يريد أولا:إعادة العدد الأكبر من الرهائن الاسرائيليين الاحياء واعتقد انهم قليلون جدا لأن معظمهم قتل في القصف الاسرائيلي، وبالتالي الرهان عليهم وما عول عليه الفلسطينيون من الإفراج عن اسرى فلسطينيون في سجون اسرائيل من ذوي المحكوميات العالية أصبح صعبا، فهو يريد إسكات أهالي الأسرى الاسرائيليون مقابل توحيد الجميع في إسرائيل للأستعداد لحرب قد تكون قريبة وهي حرب لبنان.
ثانيا: يريد بعض الوقت لإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي في غزة، وكذلك ترتيب أمور إدارة السكان في غزة مع إجبار سكان الشمال في مرحلة معينة على النزوح نحو الجنوب، وحشر السكان في أماكن قريبة من الحدود وإحصاء عدد سكان غزة الحقيقي، والبحث عن مطلوبين تحت بند فرز الاحياء والاموات والمساعدات الإنسانية، كذلك إخفاء الصوت الإعلامي عن غزة وتحويله إلى لبنان ومن ثم ضرب لبنان، أما الحرب الفعلية في غزة فقد أنتهت و الضربات القادمة لغزة ستكون محدودة ونوعية حسب الحاجة.
فنتنياهو مجبر على قبول الصفقة وان رفضها سينقلب عليه الشارع الإسرائيلي والجهاز القضائي والأجهزة الأمنية والعسكرية، وإن تعنت في تنفيذ الصفقة فنهايته قد تكون سيئة وان تطلب الأمر سيدفعون نحو تعزيز اعتقاله من قبل محكمة لاهاي واقصائه بقرار قضائي أو حتى اغتياله ان لزم الأمر، فهو مضطر أن يقبل بالصفقة.
لكنه يريد تحقيق بعض الإنجازات العسكرية بشكل سريع في قطاع غزه والسيطره عليه عسكريا بشكل كامل، بحيث لا تستطيع حماس ان تعيد بناء نفسها مرة اخرى ولا يعطي لها مجالا للقيام بذلك خصوصا في منطقة الجنوب، كما يريد فرض وقائع على الأرض وهنا اقصد وقائع في توزيع السكان الغزيين في مناطق منفصلة محدودة تكون بمثابة جيتوهات او فقاعات داخل قطاع غزه، وذلك لضمان عدم انتشارهم في جميع مناطق القطاع ليسهل تحقيق المرحلة المقبلة لما بعد الحرب وهي مرحلة التهجير.
كما انه يحتاج بعض الوقت لتجهيز الجزء اللوجستي والجهات التي ستتولى الدخول الى القطاع وتفتيت الحكم بها، والتركيز على القطاع الخاص والشركات والتي سيكون لها دور كبير في غزة بعد الحرب وجزء كبير منها سيكون من الضفة الغربية واسرائيل ،وتجهيز المعابر بين إسرائيل والقطاع وايضا مع مصر واعتقد أن العمل في معبر رفح أو استرداده في هذه المرحلة سيكون احتمالا ضعيفا وربما تقوم اسرائيل باعداد معابر وخيارات أخرى بديلة عن معبر رفح.
فضلا عن انه يريد محاصرة قادة حماس وعناصرها ليسهل اغتيالهم حتى بعد وقف إطلاق النار، وجعل الباب مفتوحا لما بعد الصفقة لتستطيع اسرائيل ممارسة حرب عسكرية سريعة وخاطفة وحرب استنزاف طويلة في غزة، فنتنياهو يريد الانتقام الشخصي بينه وبين قادة حماس والانتقام منهم.
.لا تصدقوا أن نتنياهو لا يريد الصفقة بل على العكس هو يريدها ومعجب بأداء الشاباك والموساد ومعهم السي اي ايه، فالمفاوضات تسير حسبما تريد اسرائيل بالضبط ولا وجود لأي عائق عن تنفيذها الا قضية المماطلة لأسباب لوجستية وأمنية، والمقصود هنا ترتيب توزيع السكان في غزة في مربعات منفصلة محصورة ولا امتداد جغرافي بين السكان هذا التوزيع يضمن عدم التنقل وسهولة وصول المساعدات والسيطرة علي القطاع بالإضافة إلى سهولة التهجير.
نعم ستتم الصفقة ولكن لن تفرج إسرائيل عن الاسري السياسيين ذوى المحكوميات العالية بل ستفرج عن الأسرى المدنيين من قطاع غزة والاطفال والنساء من القدس والضفة الغربية وعرب 48 والعمال ممن ليسوا من أصحاب الملفات الأمنية كما ستفرج أسرائيل عن الأسرى الإداريين وأسرى الحرب ممن اتهموا بالتحريض والمرضى من أصحاب المحكوميات العالية ممن لا فائدة من وجودهم داخل السجون وربما يحتاجون لعناية خاصة، فالسجون الإسرائيلية أصبحت مكتظة ولكن هذا لا يعني أنها لن تعاود اعتقال بعضهم مرة أخرى إن لزم الأمر وربما تفرج عن البعض مقابل الحبس المنزلي لفترة تحت المراقبة.
لكن هذه الصفقة ستتم بالشروط الإسرائيلية ونتنياهو يريدها فهي من مصلحته، فهو يريد وقف الضغط الشعبي عليه من ناحية بخروج الأسرى الاحياء الاسرائيليين، والأمر الثاني استكمال مهمته في غزة بأهداف نوعية ليتفرغ للضفة الغربية وترتيب عودة يهودا والسامرة إلى حضن اسرائيل وإخراج محمود عباس وجماعته خارج فلسطين والتفرغ التام لحرب لبنان.