الجارديان: معاناة الشعب السوداني الحالية تنتهي بالألم في المستقبل
منيرة الجمل
نشرت صحيفة الجارديان البريطانية، اليوم الخميس، تقريرا عن معاناة الشعب السوداني من حرب ليس لهم فيها دخل.
وذكرت الصحيفة، أنه من المفارقة أن الأسلحة تدخل السودان من الدول المجاورة بكل سهولة، وفي نفس الوقت لا تدخل المساعدات للمدنيين، لافتة إلى فرار أعداد كبيرة من المواطنين كل يوم لدول أخرى.
وفي التفاصيل، أبرزت الصحيفة نزوح 10 آلاف طفل سوداني يوميا، موضحة أن المعاناة التي يعيشونها حاليا سوف يقابلها ألما في المستقبل.
وكان منظمة اليونيسيف أفادت بأن فتيات لا تتجاوز أعمارهن ثماني سنوات يتعرضن للاغتصاب من قبل المقاتلين، وأن الأطفال المولودين نتيجة العنف الجنسي يتم التخلى عنهم.
وأبرزت الصحيفة أيضا معاناة 25 مليون إنسان من المجاعة نتيجة عرقلة المتحاربين وصول المساعدات، مشيرة إلى تحذير توم بيرييلو، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى السودان، من أن هؤلاء يستخدمون النساء والأطفال الجائعين كترسانة لهم.
ونوهت الجارديان بأن الدمار الذي لحق بالمناطق الزراعية في البلاد لا يبشر بالخير مستقبلا، حتى أن المستشفى الأخير في مدينة الفاشر المحاصرة بدارفور تتعرض للهجوم.
وكانت المنظمة الدولية للهجرة حذرت من وصول الوضع إلى نقطة الانهيار، مع احتمال وقوع عشرات الآلاف من الوفيات التي يمكن منعها ما لم تكن هناك استجابة عالمية فورية وواسعة النطاق.
وفي الوقت ذاته، أدت الأمطار الغزيرة والفيضانات إلى تفاقم الأزمة الإنسانية، لكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو الصراع الذي بدأ قبل أكثر من عام، عندما انقلبت القوات المسلحة السودانية بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي، على بعضهما البعض.
ورأت الصحيفة أنه ليس من السهل أن يتظاهر قادة قوات الدعم السريع بأنهم صناع السلام بمجرد حضورهم محادثات جنيف، أمس الأربعاء، للوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار، والسبب هو مواصلتهم الحملة الإرهابية في السودان.
ومن جانبها، ترفض القوات المسلحة السودانية قبول أي تنازلات، رغم أن الانقسامات الداخلية ربما تكون قد شكلت قرار البقاء بعيدًا، بالإضافة إلى أن قوات الدعم السريع لها مطالب طموحة بشكل غير معقول، ويشكك الكثيرون في قدرتها على التوصل إلى السلام على أي حال.
أوضحت الصحيفة أن قوات الدعم السريع متحدة إلى حد كبير في أعمالها الشرسة، ورغم أنه من الصعب التوصل إلى إتفاق لوقف إطلاق النار بغياب الجيش السوداني عن المفاوضات، إلا أن المحادثات تمنح الولايات المتحدة وغيرها من الدول على الأقل فرصة للضغط على قوات الدعم السريع لكبح جماح وحشيتها وحماية المدنيين ــ والالتزام بالوعود التي قطعتها بالفعل.
ورأت الصحيفة أن تلك المفاوضات تسمح للقوى الخارجية المستفيدة من الحرب بالانسحاب، بعد تسبب مناوراتهم في تأجيج الصراع، لافتة إلى رصد أسلحة مستخدمة في الصراع مصنعة في الصين وتركيا وإيران وصربيا.
وبدوره، وصف المتحدث باسم اليونيسيف "جيمس إلدر" السودان بأنها "أزمة إهمال"، وهو ما رأته الصحيفة وصف لطيف جدا، موضحة أن اللاجئين السودانيين يواجهون استقبالًا عدائيًا في الدول المجاورة مثل إثيوبيا.
واختتمت الصحيفة تقريرها، بأن تداخل التطلعات السودانية، بدءا من لثورة 2019 والقيادة المدنية إلى النضال اليومي من أجل البقاء، جاء مفاجئًا ووحشيًا، نتيجة تدخل بعض الدول، ولامبالاة دول أخرى، اللذان سمحا للجنرالات المتحاربين بإحداث هذا الدمار.