عاجل
الإثنين 29 يوليو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
الأزهر الشريف
البنك الاهلي

وكيل الأزهر لـ مؤتمر الإفتاء: نحتاج إلى بناء أخلاقي للسياسة حتى تحترم الإنسان

د. محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف
د. محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف

 نقل د. محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، كلمة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب الداعية لاضطلاع الفتوى بدورها الحيوى فى حياة الناس فى ظل زمن صعب تجرى فيه انتهاكات حقوق الإنسان بلا هوادة، وانتهاك القيم الأخلاقية والفطرة البشرية، والتجرؤ على الفتوى الصحيحة، وانتشار دعاوى تسعى لتمييع الدين أو تنشد التطرف والإرهاب.



 

جاء ذلك خلال مشاركته بالمؤتمر الدولى التاسع "الفتوى والبناء الأخلاقى فى عالم متسارع"، الذي انطلق قبل قليل برعاية رئاسة الجمهورية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء حول العالم، التابعة لدار الإفتاء المصرية.

وأبدى شيخ الأزهر الدعم الكامل لأشقائنا الفلسطينيين وهم يقفون فى وجه الآلة الصهيونية المتغطرسة، وتأكيده أن استهداف المدنيين جريمة ووصمة عار على جبين البشرية يسجلها التاريخ.  وقال الضوينى إننا فى أشد ما تكون حاجتنا إلى تلك الثلاثية المتماسكة التي يطرحها المؤتمر، وهى: الفتوى والبناء الأخلاقى والعالم المتسارع، ويأتى المؤتمر حلقة فى سلسلة الوعى الذي تعمل عليه المؤسسة الدينية فى مصر لمناقشة القضايا المعاصرة فى إطار شرعى يستجيب للواقع ولا يخرج عن الثوابت ويحفظ على الناس الضروريات الخمس التي تدور حولها أحكام الشريعة. إن عالمنا ينطلق بالتطور المتسارع فى اقتحامه كل مجالات الحياة، وفى انتقال آثار هذا التسارع والتغير لكثير من بقاع الأرض دون نظر لقواعد إيمانية أو مكونات هوية أو حدود جغرافية، ومن التسارع العجيب هذه اللوثة التي تصيب المجتمع فى نواته الصلبة وتحاول أن تستبدل بالأسرة الشرعية والعفة شذوذا يعارض الفطرة ويسمونه زورا المثلية، بما يخالف منهج السماء، وتلك السياسة التي تقيم حروبا ظالمة تتجاوز آثارها أطراف الحرب على بلدان السلام التي لا ناقة لها فى الحرب ولا جمل، وتصطلى بنارها دون ذنب، وهذا التسارع يدفعنا للتطرف إما تشددا وانغلاقا أو إلحادا وانفلاتا يهدد العقائد ويهدر الثوابت. وهذا الذكاء الاصطناعى أوقع الناس فى حرفية ونصية ملبسة، ولو كنا نوقن أن الفتوى ضابط حركات الناس، فإن حياتهم تحتاج إلى فتوى بصيرة فى زمان ضاغط يحتاج إلى فتح أبواب الرجاء.  مخاطر الفتوى واستطرد الضوينى فى كلمته التي ألقاها نيابة عن شيخ الأزهر بأن من حق الناس الحصول على ما يبعدهم عن فتاوى التشديد من خلال فضاءات المباح والجائز، وبعيدا هناك حاملو لواء التيسير الذين ميعوا الأصول حتى لم يبق الدين دينا، ومتصيدو الغرائب الذين وضعوا الفقه موضع تهمة وزراية، ومن يبيحون لكل إنسان أن يفتى نفسه بما يشاء، فينحون الفقه من حياة الناس على أشد حاجتهم إليه، وإذا كانت الفتوى هى الفصل بين الحل والحرمة التي تجعل البشرية تحسن قراءة الماضى وإدارة الحاضر وتعرف المستقبل، فواجب العلماء والمفتين ألا يتوقفوا عند بيان الأحكام مجردة دون ربط بأخلاق الناس وحركة قلوبهم أو ما نطلق عليه الربط بين الفتوى والواقع، ومن تأمل المنهج القرآنى فى الفتوى يدرك العلاقة بين الفتوى والتقوى، وملامح ما نسميه الفتوى المربية التي تحرص مع بيان الحكم الفقهى على توجيه القلب والسلوك. والربط بين الفتوى والأخلاق فرض مجتمعى وعطاء قرآنى، وقضية الأخلاق فى الإسلام مسألة مركزية فلا يكاد يخلو تشريع من حكمة أخلاقية تظهر ثمراتها فى الإنسان جمالا وعدلا، ولا نحتاج إلى كثير من النظر، فمن تأمل قليلا بعض آيات القرآن الكريم تبين له ذلك، ولكن العجيب مع وضوح الأخلاق أن يتصدر غير المؤهلين للفتوى فيأتون بفتاوى لا تبصر الواقع ولا تدرك الجمال وكأن البراعة فى هذا الشذوذ الذي يحرم الطيبات ويضع المحظور فى دائرة المباح، وليس يخفى علينا أن الدفع بهذه الأصوات لا يقصد به وجه الله وإنما هى أجندات يعمل فى خفاء لتنفيذها ومكاسب يحرص على تحقيقها، سواء كانت أيديولوجية أم سياسية أم شخصية نفعية، إن مكارم الأخلاق غاية دينية وفريضة حضارية وضرورة مجتمعية. وإن الفتوى المربية ضرورة فى ظل استهداف هوية الشباب ووعيهم بحاضرهم ومستقبلهم وما يخطط لهم، وإذا كنا نشكو من تزييف الواقع وتغييب الوعى لاستلاب خيرات الأوطان ومقدراتها أو عرقلة استقلال الأوطان بعد أن فشلت القوى العالمية فى الاستعمار الصريح، فإننا نؤكد أن المفتى نائب فى الأمة عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن بغير تثبت علمى تصبح الفتوى نائبا عن الهوى وليس النبى، وقد حذر النبى من التجرؤ على الفتوى وربطه بعذاب النار.  ويكفى ما يشهده المجتمع الدولى من تفكك واضطراب فى الأسرة، ولا تزال الأصوات المنكرة تتناقض مع ناموس الكون الذي خلق الله فيه زوجين ذكرا وأنثى، وما ينفق من أموال طائلة لإنتاج جماعات تخريبية تعمل على إشعال الحروب والعبث بالهويات والخصوصيات، وكانت الأموال كافية لمحاربة الفقر والجهل والمرض، وما يجرى حولنا من تلاعب وعبث ومقامرة بالمجتمعات دون شعور بوخز الضمير لمشهد المشردين والقتلى والثكلى والنازحين، وكان يكفينا أن تلتزم المؤسسات الدولية باللوائح التي أقرتها القوانين الدولية، وأين عدالة تلك المواثيق والقائمون على حراستها يمنحون التطبيق لمن يشاءون؟! لا بد أن يتكاتف المعنيون من علماء الاجتماع والدين لصياغة الفتاوى بشكل يحيى القيم الدينية مع عدم العزلة عن الواقع.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز