دكتور أحمد عبد المنعم يكتب: مراحل التعافي من الإدمان
التعافي من الإدمان رحلة طويلة وممتدة وتحتاج لمزيد من الصبر والمثابرة وتكاتف الجهود- الأسرة والمريض والفريق العلاجي- للوصول الآمن للتعافي.
نحن بحاجة في البداية لأن نحدد مجموعة من العناصر لنتعرف على من هو المدمن؟ وهي:
الاعتمادية: وتعني التعاطي المنتظم والمستمر للمادة المخدرة دون توقف
التحمل: ويعني زيادة كميات وجرعات المادة المخدرة التي يتعاطها
عند محاولات التوقف عن التعاطي تحدث أعراض انسحاب نفسية أو جسدية أو كلاهما معا
وجود مشكلات صحية أو اجتماعية أو أسرية أو مادية أو قانونية
إذا انطبقت هذه العناصر على متعاطي المخدرات فنحن أمام مريض إدمان بحاجة للعلاج
ما مراحل التعافي من إدمان المخدرات والمواد المؤثرة نفسيا؟
المرحلة الأولى: سحب السموم وإزالة أعراض الانسحاب
وفيها يخضع المريض للتقييم الطبي العام ومعرفة التاريخ المرضى والمواد المخدرة التي يتعاطاها ، كما يتم إجراء مجموعة من الفحوصات والتحاليل الطبية لتقييم الحالة الصحية العامة للمريض، ثم يتم تنفيذ بروتوكول العلاج الدوائي المناسب للمريض، ويخضع المريض للمتابعة الطبية والتمريضية المستمرة خلال هذه المرحلة.
المرحلة الثانية: التعافي المبكر
وفيها يتم عمل تقييم نفسي عام للمريض، وتحديد جوانب القوة والضعف في الشخصية، وتحليل لمحاولات التعافي السابقة وأسباب الإنتكاسة في كل محاولة، كما يتم تحديد شبكة العلاقات الداعمة للمريض للاستفادة منها في خطة التعافي.
كما يشارك المريض خلال هذه المرحلة في جلسات فردية تهدف لبناء الشخصية من الداخل، وتعديل الأفكار والمعتقدات المغلوطة لدى المريض. كما يشارك المريض في مجموعات علاج جمعي لتنمية مهارات منع الانتكاسة وتتناول موضوعات مثل: مهارات الرفض والسلوك التوكيدي، مهارات إدارة الضغوط، كيفية التعامل مع المحفزات الداخلية " القلق، الخوف، الوحدة" أو المحفزات الخارجية " أصدقاء وأماكن التعاطي، إدارة الأموال، المشكلات والضغوط الحياتية، وأيضا تحديد المواقف عالية الخطورة والتي تتسبب في التعاطي مثل حضور بعض المناسبات أو الأفراح أو العطلات أو مقابلة أصدقاء التعاطي القدامى أو الأعياد.
خلال هذه المرحلة يتم عمل جلسات نفسية مكثفة لأسرة المريض لتصحيح بعض المعلومات حول مرض الإدمان وتعريفهم برحلة التعافي والمهام المطلوبة منهم خلال هذه المرحلة، وكيفية متابعة المريض سلوكيا وتوفير البيئة الداعمة للتعافي، وأيضا كيفية تعاملهم مع الانتكاسات حال حدوثها.
المرحلة الثالثة: التعافي الممتد"العودة للحياة"
وفيها يكون المريض أصبح أكثر وعيا بمرضه واكتسب مهارات جديدة تساعده على الحياة بدون تعاطي مخدرات، ولكنه لا زال مستمر في رحلة تعافيه.
في هذه المرحلة يكون لدى المريض برنامج لإدارة حياته يتضمن جوانب روحانية، وأسرية، واجتماعية، ومهنية أو أكاديمية، وترفيهية، وصحية" النوم والأكل المتوازن والرياضة"
¤ويحضر اجتماعات أسبوعية جماعية لتنمية مهاراته الحياتية لكى يستمر متعافي بدون مخدرات، كما يتم عمل تقييم للمريض كل فترة لتقييم الأهداف الحياتية وما تم إنجازه والتحديات التي تواجهه ومحاولة تذليل العقبات.
ومن الممكن أن تشارك أسرة المريض في بعض الجلسات النفسية بحضور المريض لمناقشة بعض الموضوعات المتعلقة بالتعافي.
وأخيرا تبقى كلمة.. الإدمان مرض كباقي الأمراض التي نعرفها جميعا، ولكنه مرض معقد نفسيا وسلوكيا واجتماعيا وهذا التعقيد يجعلنا أمام حقيقة لا مفر منها وهى: تضافر جهود الأسرة والمريض والفريق العلاجي معا، مع دعم وتشجيع المريض الدائم وتقبله، والانتقال خطوة بخطوة في رحلة التعافي والعودة للمجتمع.