عاجل
الأحد 1 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
«مؤتمر القاهرة».. هندسة الحل في السودان

«مؤتمر القاهرة».. هندسة الحل في السودان

ستكون النخبة السياسية السودانية، أمام "اختبار صعب"، عندما تجتمع القوى السياسية والمدنية الفاعلة، والمؤثرين في المشهد السوداني، في القاهرة، سعيا للبحث عن "التوافق الفقود" بين الفرقاء السياسيين على مدى الأشهر الماضية، أملا في إنهاء "الحرب الداخلية" التي تتضاعف فاتورتها يوما بعد يوم.



وربما يتسائل المواطن السوداني، بعد أن تابع توالي الدعوات والمبادرات الداعية لوقف الحرب الداخلية على مدى أكثر من 15 شهراً دون جدوى، حول "قدرة السياسيين" هذه المرة في تجاوز اختبار "التوافق"، والنجاح في طرح حلول ناجزة للأزمة في بلادهم، تنهي معاناة ملايين من السودانيين في الداخل وفي الخارج.

وتتجه أنظار الشعب السوداني، للقاهرة هذا الأسبوع، ترقبا لما ستسفر عنه مناقشات "مؤتمر القوى السودانية"، الذي تستضيفه مصر، يومي السادس والسابع من شهر يوليو الجاري (السبت والأحد)، في محاولة لإختراق واقع الأزمة السودانية المعقدة.

ووجهت القاهرة، دعوات للقوى السياسية والمدنية السودانية الفاعلة والمؤثرة، للمشاركة في مؤتمر الحوار السوداني، بمشاركة وحضور من الشركاء الإقليميين والدوليين، المعنيين بالوضع في السودان، خصوصا دول جوار السودان، وأطراف مباحثات جدة، والأمم المتحدة، والاتحاد الأفريقى، وجامعة الدول العربية، ومنظمة الإيجاد.

ويأتي المؤتمر، تنفيذا لدعوة وجهتها الخارجية المصرية، نهاية مايو الماضي، لحوار سوداني يجمع مختلف الأطراف السودانية، بهدف "الوصول لتوافق حول سبل بناء السلام الشامل والدائم في السودان، عبر حوار وطني سوداني - سوداني، يتأسس على رؤية سودانية خالصة".

وعلى مدى نحو خمسة عشر شهرا، من اندلاع الحرب في السودان، بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وقوات "الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو،لم تحقق المبادرات التي قدمتها أطراف دولية وإقليمية، نجاحا في وقف الإقتتال الداخلي، وفي نفس الوقت تتضاعف فاتورة الحرب التي راح ضحيتها آلاف المدنين، ودفعت نحو 10 ملايين سوداني للفرار داخليا وخارجيا لدول الجوار، حسب تقديرات الأمم المتحدة.

 

ضمانات للحل

تدرك القاهرة جيدا، تعقيدات المشهد الداخلي بالسودان، وتقاطعات وتجاذبات الأطراف السودانية، وعليه تسعى لبناء الثقة بين مختلف الأطراف السودانية، وتهيئة المناخ الإيجابي للحوار، بالاستفادة من نقاط القوة في المبادرات والتدخلات السابقة للأزمة السودانية، يصل بها في النهاية "لمقاربة" تجتمع عليها القوى السودانية.

وتحقيقا لهذا الهدف، صاغت القاهرة، ما يمكن تسميته حزمة من الضمانات لإنجاح "دعوتها للحوار الوطني السوداني"، بداية من "هندسة" معايير واضحة للمشاركين في الحوار، تتضمن "مشاركة مختلف الأطراف دون إقصاء، ودعوة الأحزاب والقوى السياسية التي لديها مشروعها السياسي، وكذلك الشخصيات المؤثرة في المشهد السوداني".

ثم تأتي آلية الحوار نفسها، بضمان أن  يكون "الحوار سوداني يديروه السودانيون أنفسهم"، مع التأكيد على محددات تتعلق "بإحترام مبادئ سيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شؤونه الداخلية، والحفاظ على الدولة ومؤسساتها".

وإلى جانب تلك المحددات، وضعت مصر، ما يمكن تسميته "قوة دفع" إقليمية ودولية لإنجاح الحوار، من خلال التأكيد على عقد مؤتمر القوى السودانية، "بالتعاون والتكامل مع جهود الشركاء الإقليميين والدوليين، المتفاعلين مع الأزمة السودانية، بما يعني أن "حوار القاهرة" يتكامل مع كل هذه الجهود.

ونستطيع أن ننظر لإنعكاسات التدابير المصرية في تهيئة المناخ الإيجابي لحوار القوى السياسية السودانية، في "القبول الواسع من القوى السياسية والمدنية لتلبية الدعوة المصرية"، وما يزيد من شواهد التأثير الإيجابي للدور المصري في المشهد السوداني، التفاعل السياسي الواسع مع "دعوة القاهرة"، في وقت لم تلق فيه آخر تدخلات الاتحاد الأفريقي أي صدى داخلي بالسودان، والخاصة بدعوة مجلس السلم والأمن الأفريقي للجمع بين قائد الجيش الفريق أول عبدالفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي).

 

أول اجتماع "للفرقاء"

وترفع القوى والأسماء المشاركة في "حوار القاهرة" من سقف الطموح السوداني، في تحقيق حراك للأزمة، خصوصا مع حضور أسماء مثل نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار، ورئيس الوزراء السوداني السابق ورئيس تنسيقية القوى الديموقراطية المدنية(تقدم) عبد الله حمدوك، ووزير المالية السوداني جبريل إبراهيم، ورئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير، ورئيس حزب التجمع الاتحادي بابكر فيصل، إلى جانب القوى المشكلة لتجمع (الكتلة الديمقراطية)، وممثلي أحزاب وقوى سياسية مؤثرة.

وبهذه المشاركة سيشهد "مؤتمر القاهرة"، مشاركة (الفرقاء) السياسيين لأول مرة في مائدة حوار واحده منذ اندلاع الحرب"، وأشارت إلى أن "المؤتمر سيشهد مشاركة من القوى السياسية والمدنية الفاعلة في السودان، والشخصيات السودانية المؤثرة".

ومنذ إندلاع الحرب بالسودان، لم تجتمع المكونات السياسية والمدنية، المشكلة لتجمعي (تقدم)، وقوى (الكتلة الديمقراطية)، في ظل تباين رؤى الطرفين تجاه حل الأزمة، ذلك أن الأخيرة تدعم صراحة الجيش السوداني وتطالب بحوار يجمع كل الفصائل دون إقصاء، في حين تطالب (تقدم) بوقف الحرب وعودة السلطة لمدنيين، دون الإعلان عن دعم أي طرف.

ويبقى التحدي الأساسي، في ضوء تلك الأجواء، هو كيفية استثمار منصة "موتمر القاهرة" للحوار الوطني السوداني، في التوافق حول صيغة لخارطة طريق، تفضي بالنهاية لإنهاء الحرب، والتأسيس لفترة انتقالية، تُنقذ السودان من أزمته.

وربما هذا الشعور لمسته، من خلال مناقشات طويلة مع أصدقاء وزملاء سودانيين، وأيضا من سياسيين تمت دعوتهم "لحوار القاهرة"، فلسان حالهم هو "كيفية استثمار المؤتمر لتحريك جهود الحل في السودان إلى الأمام"، وأن تتفق النخبة السودانية بجدية لتحقيق "الوفاق الشامل"، حتى لا يتحول المؤتمر لمجرد مناسبة لإلتقاط الصور كما حدث مع سابقه.

 

الرؤية المصرية

ولا يمكن أن نفصل دعوة مصر للقوى السودانية، عن باقي جهودها الممتدة في التعاطي مع الأزمة السودانية، ذلك أن المؤتمر يتزامن مع الذكرى الأولى، لقمة دول جوار السودان، التي استضافتها مصر، في يوليو الماضي، للتعاطي مع أزمة الحرب الداخلية في السودان، بمشاركة رفيعة هي الأوسع من قادة دول جوار السودان، وانتهت وقتها بخارطة طريق لإنقاذ السودان من أزمته الأمنية والسياسية.

وعلى مدار هذا العام، لم تتوقف صور الدعم المصري للشقيقة السودان، وفقا تقدير واضح وثابت للأزمة السودانية، قائم على ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة السودان، ومؤسساتها الوطنية، وعدم التدخل الخارجي في شؤونه.

وتعددت المناسبات التي أكدت فيها مؤسسات الدولة المصرية على هذه الرؤية، كان أحدثها تأكيد وزير الخارجية المصري السابق سامح شكري، خلال فعاليات النسخة الرابعة لمنتدى أسوان للسلام، بأن " أي حل سياسي حقيقي في السودان لابد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم دون إملاءات أو ضغوط من أية أطراف خارجية"، كما أكد "أهمية معالجة الأزمة من جذورها عبر التوصل إلى حل سياسي شامل حفاظًا على مصالح الشعب السوداني ومقدراته، وعلى أمن واستقرار المنطقة ككل".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز