عاجل
الجمعة 30 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
بدر عبد العاطي.. قراءة ثقافية في الحكومة الجديدة

بدر عبد العاطي.. قراءة ثقافية في الحكومة الجديدة

يبدو لي التشكيل الوزاري الجديد والحكومة المصرية الجديدة أمراً مبهجاً للغاية وباعثاً على الأمل في المستقبل.



ويحمل هذا التشكيل صديقي الحبيب صديق الطفولة والشباب، صديق الصبا الأخضر والكفاح المستحيل السفير د. بدر عبد العاطي وزير الخارجية، وعندما تقترب الأمور إلى هذا الحد أمام عيني لا أملك إلا أن أشعر بالامتنان لمصر، التي دفعت بهذه الكفاءة بداية من الدبلوماسي المصري د. بطرس غالي مروراً بالدبلوماسي المضيء الوطني عمرو موسى وصولاً إلى السفير المصري سامح شكري، الذين دعموا وحافظوا ومكنوا السفير د. بدر عبد العاطي، الذي اقتربت من مساره المهني منذ تخرجنا عام 1987 ثم تعيينه سكرتيراً ثالثاً بوزارة الخارجية حتى الآن. 

هذا المصري النبيل الخلوق صاحب المقدرة الكبيرة على العمل والإنجاز عاشق مصر في هذا المنصب الرفيع وزيراً للخارجية المصرية لهو أمر يدفعني بكل ثقة لتوجيه الشكر، كل الشكر والتقدير لسيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لقدرته على اختيار الكفاءة الوطنية وتجديد المؤسسات السيادية المصرية بروح المغامرة الواثقة التي تنقل مصر لمرحلة جديدة، وتضع المسؤولية الكبرى في يد كفاءة وطنية مصرية فشكراً من القلب والعقل والوجدان للسيد الرئيس المصري النبيل عبد الفتاح السيسي.

إن مصر تؤكد أنها تعرف الأبناء المخلصين وأنها ترى كفاحهم الطويل، ود. بدر أحمد عبد العاطي من أهل الكفاح المستحيل والإرادة القوية.

ويمتد هذا الاختيار إلى الكفاءات الوطنية المتعددة، التي حضرت في الحكومة الجديدة، والتي تحمل أملاً في تحقيق سياسات جديدة مع خبرة تراكمية غير عادية لرئيس الوزراء د. مصطفى مدبولي.

وإن كنت أتمنى مع صعوبة الأمر أن أرتفع بأفق المغامرة إلى إعادة النظر في العديد من القيادات الوسطى والصغرى في المؤسسات المتعددة، لأن الوزير مهما كانت خطته وقدرته التنظيمية يجب أن يعمل في بيئة مواتية، بعيداً عن دوائر البيروقراطية وقدرتها التاريخية على تفكيك الآمال الكبرى.

وهذا الأمل في ضرورة إعادة النظر وقراءة وتأمل وتجديد القيادات التنفيذية الوسطى والصغيرة وشبكات علاقاتها المتداخلة ضرورة لإنجاز المغامرة الكبرى، والتي تم إنجازها بخيال وإرادة وببطء ولكن بالتأكيد على الصعيد الوزاري.

إن مصر رغم كل ما مرت به من مخاطر لازالت تحظى بالأفراد والكفاءات الفاعلة الوطنية، فقط يحتاج الأمر للدراسة والبحث والتأمل الدقيق لتجديد عمل وحيوية واتساق وانسجام عمل أول وأعرق دولة في التاريخ الإنساني.

وربما تأتي قراءة ضرورة النظر في القيادات الوسطى والصغرى مجدداً من واقع تجربة مباشرة مع مؤسسات وزارة الثقافة، وقدرتها عبر شبكة اتصال تاريخية بين قياداتها على تحقيق نتائج محدودة وأداء غير متفاعل مع العصر، وغياب قدرتها على العمل المؤسسي المنتظم مع بعضها البعض، ومع مؤسسات صناعة الوعي الأخرى.

وبعيداً عن بهجتي الشخصية جداً بصديق العمر السفير د. بدر عبد العاطي والتي تمتد إلى تعزيز مباشر عبر الخبرة الشخصية لوطنية ومغامرة ومحبة الرئيس عبد الفتاح السيسي، وتأكيد لوطنية وصحة وحيوية رؤيته وقيادته لمصر المستقبل، يمتد المسار إلى التجربة المستفادة من تجربة السفير د. بدر عبد العاطي، والذي كان منذ بداياته الأولى مهتماً بالثقافة والفنون، وكان ضيفاً عزيزاً في محاضرات أكاديمية الفنون مولعاً بصلاح أبو سيف مهتماً بأمور مثل نظرية الثقافة، ومستقبل الثقافة للمستنير د. طه حسين قارئاً ومتأملاً لبروتوكولات حكماء صهيون في ترجمة شوقي جلال، منتظماً في زيارة مواسم المسرح والسينما والمعارض التشكيلية وعروض الأوبرا مردداً معي لأشعار صلاح عبد الصبور وغيرها من العلامات التي يحتاجها الدبلوماسي في عمله، مكوناً مجموعة من الدوائر القريبة في كافة مجالات المعرفة من أهل العلم والاقتصاد، وكافة مناحي الحياة لتعزيز القدرة على العمل الدبلوماسي العميق وهو عمل ذو صلة بكل مناحي ومجالات الحياة في مصر. 

وفي هذا الصدد واستمرارا لأمل القراءة المتفائلة، أنحاز لرؤية الدولة في الاستثمار الثقافي مؤكداً بشكل واضح، أن القوة البشرية الثقافية والإبداعية هي القوة الهامة القادرة على  أن تكون استثماراً خارجياً لمصر في المحيط العربي والإقليمي والدولي، إذا تم التنسيق الجاد لها مع الخارجية المصرية. 

 وفي ذات الأمر أجدد التذكير بأن مصر تملك بتراثها الحضاري ما يجعلها قوة ثقافية عظمى ولا يمكن إدارة تلك القوة إلا عبر العمل المؤسسي بين الآثار والسياحة والخارجية والثقافة. 

وفي سياق متصل تأتي مسألة الصناعات الإبداعية ضرورة هامة وهي تحتاج لإدارة مبتكرة ولتجديد القيادات الفاعلة بها وهي الباب الكبير القادر على تعزيز الهوية المصرية، وبتعبير الفنان التشكيلي المصري أ.د. أحمد فؤاد هنو وزير الثقافة، فهي قادرة على تعزيز القيم والمبادئ الإيجابية لدى جميع أفراد المجتمع، وهو ما نأمله لأن حيوية الثقافة المصرية في الداخل هي الطريق الصحيح لاستعادة دور مصر القيادي والمحوري في المنطقة العربية وتأثيره الفاعل في المحيط الإقليمي والدولي. 

وربما يأتي استمراري في بهجتي بالوزير الجديد للثقافة د. أحمد هنو لسبب مغاير، وهو عدم معرفتي الشخصية به، وملاحظتي أنه لم يحرص ولم يكن حاضراً في دوائر عمل المثقفين والفنانين المصريين التقليدية، وبالتالي فليس في تاريخه كما أعلم دوائر شخصية تستحق مسألة رد الجميل التقليدية، وهو بعيد كل البعد عن الدوائر التاريخية الراسخة في المؤسسة الثقافية، وهو ما يتيح له حرية الحركة والتأمل والتجديد والمغامرة. 

وبتأمل السيرة الذاتية للأستاذ الدكتور أحمد فؤاد هنو، يمكن قراءة مسيرته العلمية والإبداعية والمهنية قراءة أولية تشير إلى أنه يتميز بأنه عبر مساره دون الاشتباك التقليدي مع معظم دوائر المتن والهامش في المؤسسات الثقافية الرسمية بشكل شخصي، وكان بعيداً نسبياً عن الإعلام لأنه كان يعمل بهدوء. 

وتأتي إدارته المختلفة الإيجابية كعميد لكلية الفنون الجميلة الإيجابية بجامعة الجلالة دالة على رغبته في العمل بعيداً عن مناطق الضجيج، وجمعه بين أعمال الحفر (فن الجرافيك) وفن الأفلام، في فنون أفلام التحريك والرسوم المتحركة كتعبير عن وعي بفنون الدراما والأداء والصور وتأثيرها بعيداً عن نجوم التمثيل وتكلفة إدارتهم الباهظة، وعن عقل يحرص على العمل الإبداعي بأكبر قدر تتيحه العملية الإبداعية للفرد المبدع لتحقيق رؤيته، ففنون الرسوم المتحركة وفن الجرافيك يحتاج لإرادة أن تبقى طويلاً بمفردك لإنجاز ما تريد. 

سبق ذلك إنجازه العملي وعمله في الجامعة المصرية في جامعة حلوان، وعلاقته بالدوائر العلمية الألمانية واقترابه المنضبط من صندوق التنمية الثقافية، حاضر هو إذن عن قرب في المؤسسة الثقافية المصرية، ولكنه اقتراب محسوب بمسافات دقيقة مَكّنَهُ، من أن يعبر عن نفسه ويدير مساره بهدوء وثقة وبجمع ما بين العمل العلمي والميداني والإبداعي، ونحلم ونتمنى له وللثقافة المصرية حقاً بطفرة كبرى ننتظرها على صعيد الدور المصري المحوري للفنون والثقافة في الداخل والخارج وتعزيز للهوية المصرية والقيم الإيجابية، وحفظ للتراث الثقافي المصري التاريخي يعيد إنتاجه حياً قادراً على الدخول للمستقبل. 

تأتي قراءتي تلك للحكومة المصرية الجديدة وكلي ثقة وأمل في رفع كفاءة وجودة الحياة في مصر، واحتفالا حقيقيا بحيوية الدولة المصرية وقدرتها على تجديد علاقتها بالشعب المصري العظيم الذي يستحق جودة الحياة والأمل في المستقبل، ولعل تلك الحكومة الجديدة تكون حكومة عودة الشعبية الطاغية للرئيس عبد الفتاح السيسي الذي بدأ بها مسيرة الإصلاح الشامل في مصر، واختار أن يغامر بهذه الشعبية من أجل مواجهة مشكلات تاريخية لم يكن من الممكن تأجيل مواجهتها مرة أخرى.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز