رسالـة الفـن تطورت مـن الترفيه إلى بنـاء الوعـى

فى أعقاب ثورة 30 يونيو، تجلى دور الفن وأهميته فى بناء الوعى ومواجهة التطرف، وذلك عبر أعمال فنية رسخت القيم والوعى الرشيد، حيث شهدت السنوات الأخيرة العديد من الأعمال الفنية المتميزة التي ساهمت فى تشكيل وجدان المصريين، وكان أبرزها مسلسل «الاختيار» بأجزائه، وفيلمى «الممر» و«السرب»، إذ ألقت تلك الأعمال على فترة من أخطر الفترات التي مر بها الوطن، التي سعت فيها الجماعة «الإرهابية» إلى القضاء على الفن ونشر الجهل والتطرف، وخلال السطور التالية ننشر كيف تحول الفن من أداة للترفيه إلى أحد أقوى الأسلحة فى مواجهة التشدد والتطرف، وكيف كان إحدى أدوات القوى الناعمة فى تشكيل الوعى المصري.

 

وقالت الفنانة إلهام شاهين، إنه خلال السنوات العشر الماضية شهدت الدراما طفرة ليس فقط على مستوى الأعمال الوطنية، لكن على مستوى الموضوعات المقدمة، فمثلًا كتاب كبار مثل أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد ومحسن زايد ومحمد جلال عبدالقوى كانوا يقدمون أعمالًا تحمل رسائل هامة تهم الشارع ولم تكن ذات صبغة حربية، فالشعور الوطني وانتماؤنا لبلدنا فى حياتنا اليومية، وليس من خلال تقديم أعمال حربية فقط، بل أعمال تؤثر فى الانتماء للأرض، سواء كانت اجتماعية أو وطنية فأى مواطن فى أى مهنة من الممكن أن يعبر عن حبه لبلده من خلال إخلاصه لعمله.

 

 

 

وترى «شاهين»، أن كم الأعمال الفنية الجيدة التي قدمت فى السنوات الأخيرة قليل سواء على مستوى السينما أو الدراما مثل مسلسل «الحشاشين» الذي عرض فى رمضان الماضى، فقد كان عملًا قويا ويستحق الاهتمام، وتناول مكافحة الإرهاب والفكر الذي يؤثر فى عقول الشباب ويجعلهم يتحولون إلى إرهابيين، وهناك أيضا مسلسل «الاختيار» بأجزائه الذي أظهر تضحيات الجيش ورجال الشرطة من أجل مصر وأبطالنا الشهداء وأسرهم الذين أعتبرهم لا يقلون بطولة.

 

واستكملت: «مصر تمتلك مواهب كثيرة سواء فنانين أو كتابا أو مخرجين أو مصورين محترفين، لذلك أتمنى أن يزداد عددهم، فمصر دائما ولادة لأنه فى النهاية الفنان محكوم بسيناريو معين مكتوب له، وأساس أى عمل جيد يبدأ من الكتابة»، مؤكدة حرصها على أن يكون الفن الذي نقدمه يحمل رسالة وأعطت مثالا بأعمالها الأخيرة التي قدمتها خلال العشر سنوات، وآخرها حكاية «الفريدو»، حيث جسدت شخصية مريضة ألزهايمر، وهناك مسلسل «بطلوع الروح» وقدمت من خلاله شخصية «أم جهاد» قائدة كتيبة نسائية فى داعش، إذ فضح العمل أفكار المتطرفين والمتاجرين بالدين.

 

ووصفت الفنانة «صابرين» صاحبة شخصية زينب الغزالى فى مسلسل «الجماعة 2»، ثورة 30 يونيو بأنه حدث تاريخى مميز فى حياة الشعب المصري، لكن لم يتم تقديمه بالشكل الذي يستحقه.

 

 

 

وتابعت: «من المفترض أن يتم توثيق حدث مهم مثل ثورة 30 يونيو التي غيرت مصير الوطن، فنحن نحتاج لمعرفة قصص الأبطال الحقيقيين الذين شاركوا فى الثورة، وضحوا بأرواحهم ونسلط الضوء على الشخصيات والأحداث الواقعية»، متمنية تقديم أعمال قوية تعبر عن قضايا المصريين.

 

من جانبه، قال الكاتب الكبير بشير الديك: «فى رأيى أن ثورة 30 يونيو حدث استثنائى غير عادي، وتقديم أعمال فنية عن هذا الحدث العظيم يحتاج لوقت، فلابد أن نحلل بشكل عميق أحداث ما قبل الثورة التي جعلت المصريين يخرجون ضد حكم الإخوان، وذلك من خلال أحداث وتفاصيل وقصص خاصة، لإظهار مدى أهمية هذه الثورة وتأثيرها على المصريين، فتلك الثورة حمت مصر من كارثة.

 

وتابع: «فى آخر عشر سنوات، شهدت الحركة الفنية طفرة، من خلال تقديم مجموعة من الأعمال الجيدة والقيمة من الناحية الفنية، آخرها «الحشاشين» وهو عمل قوى جدًا، قدم رؤية فنية، وحتى على مستوى الأعمال الاجتماعية فهناك أعمال رائعة.

 

فيما قال الكاتب باهر دويدار، الذي يعتبر من أهم الكتاب الذين قدموا أعمالا مهمة خلال السنوات الأخيرة والتي بدأها بمسلسل «كلابش» ثم «الاختيار» و«هجمة مرتدة» وأخيرا «العائدون»، إن هناك تغييرا فى اتجاه الفن بعد ثورة 30 يونيو، وتركيزه على تقديم أعمال، موضحًا: «عندما فكرت فى تقديم عمل عن حياة الشهيد أحمد المنسى ورفاقه كان هدفى كشف بطولات شهدائنا والثمن الذي تدفعه أسرهم عن طيب خاطر من أجل تراب مصر، والحقيقة شهداؤنا يستحقون هذا، وإن كان الاختيار نجح فهذا بفضل الشهيد المنسى الذي أدين له بكثير».

 

وأعربت الفنانة وفاء عامر، عن سعادتها باحتفاء الشعب المصري بالذكرى الـ11 لثورة 30 يونيو، التي وصفتها بأنها أهم حدث فى تاريخ الشعب المصري فى السنوات الأخيرة، حيث كاد مصير الوطن أن يتغير ويسير إلى المجهول، علاوة على ضياع الريادة الفنية والثقافية لمصر، إلا أن الثورة صححت المسار.

 

وأضافت: «حال الفن المصري انصلح بعد ثورة 30 يونيو، وتم تقديم مجموعة كبيرة من الأعمال الفنية المميزة، التي شكلت وعى الجمهور المصري، وكشفت له الكثير من الحقائق الهامة ومن بين هذه الأعمال «الاختيار» الذي يعد من أهم الأعمال الدرامية فى تاريخ مصر الفنى»، متمنية استمرار الدولة فى تقديم مثل هذه النوعية من الأعمال الوطنية لتوثيق التاريخ الوطني للشعب المصري العظيم.

 

وأكد النقاد طارق الشناوى، أن كابوس الإخوان، الذي تم التخلص منه فى ثورة 30 يونيو، كان يستهدف فى المقام الأول الفن والإبداع، متابعًا: «أتذكر جيدًا فى فترة حكمهم، كنت أتوجه بانتظام إلى دار الأوبرا، ليس فقط لمتابعة الأعمال الفنية، بل لأننى كنت أحاول أن أوصل لهم رسالة بأننى أدافع عن الفن، وكانت دار الأوبرا فى ذلك الوقت من المحظورات بالنسبة لهم، حيث كانوا يعتقدون أن الفن الذي يُقدم فيها، مثل الباليه، يجب أن يتوقف عن تقديمه».

 

وتابع الشناوى: «نحمد الله أن تخلصنا من كابوس الإخوان، فقد عادت لنا الثقة فى عودة الفن المصري إلى مكانه الطبيعى وريادته التي اعتدنا عليها لمئات السنين».

 

وحول أهم الأعمال الفنية التي تم تقديمها خلال السنوات الماضية قال: هناك مسلسل «الاختيار» بجميع أجزائه، وأعتقد أنه وثّق بشكل جيد كل ما حدث، نظرًا لأنه يتناول فترة زمنية قريبة من تلك الفترة، وقد تم تقديمه بشكل مذهل على المستوى النقدى والجماهيرى وكان حافزًا لتقديم عمل فنى قوى يتناول تلك الفترة المهمة.