"آلة السمسمية".. تحاكي أفراح وأوجاع المصريين في مختلف المناسبات بمدن القناة

لم تكن آلة السمسمية، الأشهر في مدن القناة الثلاث "الإسماعيلية - السويس - بورسعيد" مجرد آلة موسيقية تشارك أفراح وطرب الأهالي، ولكنها الآلة الأقدم في التاريخ، ويمتد وجودها إلى العصر الفرعوني، حيث حفر القدماء المصريون آلة السمسمية على الجداريات والمعابد الخاصة بهم، ما يدل على عزف القدماء المصريين على هذه الآلة الموسيقية في هذا العصر.

ثم تعود السمسمية للانتشار والظهور بثوب جديد أثناء حفر قناة السويس، لتبدأ رحلة آلة السمسية لمشاركة للمصريين في جميع أفراحهم وأوجاعهم بل وأحزانهم في هذه الحقبة الزمنية.

ويظهر لها وبوضوح دور جديد في تحفيز عمال الحفر على العمل، وحينها كانت مصنوعة فقط من جلود الجمل التي تكسو قاعدة بيضاوية تسمى "القصعة"، وأوتارها المصنوعة بحرفية من أمعاء الحيوانات، ومع الانتهاء من أعمال حفر قناة السويس تظهر السمسمية بصورة حماسية جديدة، لتشجيع وتحفيز الجنود على الضفة أثناء العدوان الثلاثي وحرب 56 وحرب أكتوبر المجيدة 1973، وما لها من دور حماسي كبير تقوم به مع الجنود على جبهات القتال أثناء الحروب تشاركهم أفراح الانتصار وأوجاع وحزن الهزيمة.

أكد ذلك الحاج محمد ميدا، أقدم صانع وعازف لآلة السمسمية بمحافظة الإسماعيلية، مشيرا إلى أن تمثيل آلة السمسمية كالعشق الذي يجري مجرى الدم في عروقه، فلم يكتف بكونه عازفًا للسمسمية بفرقة النجوم فحسب ولكن امتد عشقه لها والتفكير في الحفاظ على هذا الإرث الفني من الاندثار، لا سيما وظهور الـDJ الذي بات يهدد آلة السمسمية بالاندثار. لذلك فكر في عمل معرض لتعليم صناعة آلة السمسمية لكل عاشق لهذه الآلة ومحب لسماعها والاستمتاع بها، وبالفعل افتتح هذا المعرض منذ أكثر من 8 سنوات ماضية، وهو يضم مجموعة كبيرة من أشكال ومراحل تطوير آلة السمسمية منذ بداية ظهورها أثناء حفر قناة السويس وحتى الآن، والتي تفوح من بينها ألحان وأنغام تروي تاريخ وبطولات وأوجاع المصريين وانتصاراتهم خلال أكثر من 150 عامًا ماضية.

كما يحتوي المعرض أيضًا على مجموعة من صور عازفي ومطربي آلة السمسمية وأصحاب الفضل في انتشارها بداية من الستينيات وحتى التسعينيات وعلى رأسهم عبده العثمنلي والمطرب حسن سعد والعازف محمد ميدا وفرقة النجوم الأشهر في العزف على آلة السمسمية في محافظة الإسماعيلية في السبعينيات والثمانينيات.