قاضٍ: السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية تعتبر تدمير دور العبادة جريمة حرب توجب السجن
عبد الباسط الرمكي
بينما يحتفل المسيحيون حول العالم بعيد من أعظم الأعياد وأهمّها في الدين المسيحى هو عيد القيامة المجيد الذي يرمز إلى قيامة السيّد المسيح من بين الأموات بعد ثلاثة أيام من موته وفقاً للعهد الجديد، وينتهي بهذا العيد الصوم الكبير كما ينتهي أسبوع الآلام وموت وقيامة المسيح من أهم الأحداث التي يرويها الكتاب المقدس عن حياة السيد المسيح فيذكر إنجيل العهد الجديد أن المسيح صلب فى يوم الجمعة بيد الرومان، بعد أن قدمه رؤساء كهنة اليهود للحاكم الروماني بيلاطس البنطى ليقتل بتهمة أنه يحرض الشعب على قيصر، وفي اليوم الثالث أى الأحد قام من بين الأموات بحسب المعتقدات المسيحية، لذا فالقيامة في الفكر المسيحى هى الأمل والقدرة على التغيير، فالمسيح قام من موته بعد ألم وعذاب، وكذلك هي القيامة رجاء بعد يأس.
ويطرح المفكر والمؤرخ القضائي المصري القاضى الدكتور محمد عبدالوهاب خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة المعروف السؤال الأهم: هل تدمير دور العبادة من المساجد والكنائس جريمة حرب يحاكم عليها نتنياهو جنائياً؟خاصة فى ضوء السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية. وذلك فى دراسته بعنوان: "محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية للمدنيين بغزة والإكراه على التهجير القسرى إلى سيناء أمام المحكمة الجنائية الدولية - العقبات والحلول" يفتح فيها باباً لتنوير الوعي العام العربي لمحاكمة المسؤولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في محاكمة عادلة أمام المحكمة الدولية.
نتنياهو ما زال يخدع العالم المسيحي ولم يتورع عن تفجير جثث موتى المسلمين والمسيحيين بفلسطين.
يذكر الدكتور محمد خفاجي أن نتنياهو ما زال يخدع العالم المسيحي في جميع أنحاء العالم في عيد القيامة المجيد وهو لم يتورع عن تفجير جثث موتى المسلمين والمسيحيين بفلسطين، وعلى الرغم من أن عدد المسيحيين في إسرائيل بلغ 177 ألف نسمة تقريباً بما يشكل نحو 2.1% من عدد الإسرائيليين البالغ عددهم 9 ملايين و450 ألف نسمة إلا أنه ما زال يخدعهم مع مسيحيي العالم، وهل تعلم دول التطبيع أن حلم الصهاينة بـ"إسرائيل الكبرى" تشمل حدود مصر جنوباً وإيران شمالاً ودول الخليج العربي وتغطي منطقة الشرق الأوسط بأكملها ! دون أن يتعمقوا دهاليز التاريخ ويدركوا أنه لولا مصر لأصبحوا لقمة سائغة فى فم إسرائيل ! إن قادة إسرائيل بحربهم على قطاع غزة بهذا الدمار وتلك الوحشية ليسوا قادة بل شياطين الجحيم وقوى الظلام لا فرق عنده بين مسلم ومسيحي".
نتنياهو قصف ثالث أقدم كنيسة في العالم للروم الأرثوذكس بمدينة غزة وثلاث أخريات.
يذكر أن نتنياهو قصف الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية التاريخية بقطاع غزة على حد سواء ومثالها المسجد العمري الكبير الذي يعود تاريخه إلى القرن الثالث عشر، وكنيسة القديس برفيريوس التي كان يحتمى بها مئات من المسيحيين والمسلمين قبل قصفها، وموقع التنقيب في الميناء القديم وتدمير عشرات المواقع التراثية. وأضاف القتلى حيث وضعت جثثهم في جنازة جماعية في باحة الكنيسة، ملفوفة بملاءات بيضاء بجانب الأنقاض التي قتلتهم منه الأطفال.
وأعربت حينذاك بطريركية القدس الأرثوذكسية، التي تدير الكنيسة،عن حزنها العميق لأن العديد من الذين كانوا بداخل الجنيسة من النساء والأطفال، وليس بها أي مقاومين واتهمت إسرائيل باستهداف الكنائس. وأن استهداف الكنائس ومؤسساتها والملاجئ التي توفرها لحماية المواطنين الأبرياء يشكل جريمة حرب لا يجب تجاهلها. حيث تعرضت ثلاث كنائس تاريخية لأضرار في مناطق مختلفة من القطاع وتعرضت الكثير من المنشآت المسيحية إلى أضرارٍ جمّة منها مبنى جمعية الشباب المسيحيين والمركز العربي الأرثوذكسي.
ويضيف: أن رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس بالقدس، أعرب أن الاحتلال الإسرائيلي قضى على 2.25% من باقي المسيحيين في غزة، الذين استشهدوا في قصف واحدة من أقدم كنائس العالم.
وكنيسة القديس بورفيريوس تعد أقدم كنيسة نشطة في المدينة، وهي مخصصة للأسقف الذي دمر معابد المدينة الوثنية وحول المدينة إلى المسيحية. وتأسست في أوائل القرن الخامس، بعد وقت قصير من وفاته، ودفن في الكنيسة. وبدأ البناء بوضعها الماثل من قبل الصليبيين الذين جاءوا عبر المدينة بعد 700 عام، على الرغم من أنه تم تجديده بشكل كبير في وقت لاحق بعد عهدهم.
نتنياهو يستخدم الدين لمحو فلسطين ويدمر 215 مسجداً وكنيسة فى أكبر جريمة حرب فى التاريخ ضد الأديان، ويشير تعد غزة موطنًا لأقدم الكنائس والمساجد في العالم، التي تعرضت للتدمير من قوات الاحتلال الإسرائيلى حيث أن نتنياهو دمر 215 مسجداً وكنيسة فى أكبر جريمة حرب فى التاريخ ضد الأديان، ووفقاً للقانون الإنساني الدولي، يعد استهداف المباني الدينية عمداً أثناء النزاع جريمة حرب. رغم أن هناك استثناءً معفياً من العقاب إذا تم استخدام هذه المواقع لأغراض عسكرية، وهو غير منطبق على حالة نتنياهو لأن التدمير من جانبه على شعب أعزل وضد مواقع دينية تراثية يقصد محوها من الوجود كما يقصد محو الوجود الفلسطينى من سياق التاريخ.
ويؤكد أن قصف إسرائيل لدور العبادة الإسلامية والمسيحية يشكل انتهاكاً واضحاً للقانون الإنساني الدولي وقوانين الحرب. أن استهداف إسرائيل لدور العبادة يعد انتهاكا صارخا للحق في حرية الدين والمعتقد الذي يكفله القانون الدولي لحقوق الإنسان. ويحظر على إسرائيل مهاجمة أماكن العبادة بموجب هذا الحق.
ويوضح أن نتنياهو استخدم الدين فى السياسة ويربط الصراع الإسرائيلي الفلسطيني بالدين، واستخدام الرموز والنصوص الدينية لمحو فلسطين وللتحريض على الهجمات ضد الفلسطينيين وطردهم من أراضيهم، وحرمانهم من حقوقهم الإنسانية الأساسية. وهو جزء من خطاب الكراهية الدينية المتزايد الذي تغذيه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة بالمخالفة للقوانين والاتفاقيات الدولية تحظر بشكل صارم استهداف دور العبادة أثناء الحرب، وهي جرائم حرب وإبادة جماعية. إن حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة جعلت الحياة أسوأ للمسيحيين عن مهد المسيحية، وهو ما عبر عنه بصدق رئيس الكنيسة الكاثوليكية الرومانية في الأراضي المقدسة من أن صعود حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اليمينية المتطرفة جعل الحياة أسوأ بالنسبة للمسيحيين في مهد المسيحية.
مفاجأة: السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية تعتبر تدمير دور العبادة جريمة حرب توجب السجن، ويشير الدكتور محمد خفاجى إلى نقطة مهمة على مستوى القضاء الدولى فيقول: "إن السوابق القضائية للمحكمة الجنائية الدولية تعتبر قيام نتنياهو بتدمير دور العبادة الإسلامية والمسيحية جريمة حرب توجب محاكمته، ففي 27 سبتمبر 2016، أدانت المحكمة الجنائية الدولية أحمد الفقي المهدي بتهمة توجيه هجمات عمدًا ضد المباني الدينية والتاريخية في تمبكتو، وهى مدينة في شمال مالي، وهي من أهم العواصم الإسلامية في غرب أفريقيا. وذلك أثناء احتلال أنصار الدين وحركة التوحيد والجهاد في غرب أفريقيا وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلاميعام 2012 بصفته قائدًا للحسبة، وقد أمر المهدي بشن هجمات على المساجد والأضرحة باستخدام الفؤوس والأزاميل والآلات الثقيلة.
ويضيف: كانت أفعال الفقي المهدي بمثابة جريمة حرب بموجب نظام روما الأساسي ــ القانون الدولي المنشئ للمحكمة الجنائية الدولية ــ ولم تكن إدانته موضع شك حقيقي على الإطلاق. وقد اعترف المهدي في محاكمته بذنبه وطلب العفو. وفي مقابل اعترافه، وافق الادعاء والدفاع على عقوبة السجن الموصى بها لمدة تتراوح بين تسعة أعوام و11 عامًا. حكمت المحكمة الجنائية الدولية على المهدي بالسجن تسع سنوات.
ويشير الدكتور محمد خفاجي كانت هذه هي المرة الأولى التي يعترف فيها أحد المدعى عليهم في المحكمة الجنائية الدولية بالذنب. والمرة الأولى أيضاً التي توجه فيها المحكمة الجنائية الدولية تهمة ارتكاب جرائم حرب إلى متهم بتهمة تدمير دور العبادة والمواقع الثقافية.ورغم عظمة هذا الحكم الذي ينطبق تماما على نتنياهو إلا أن الرأى عندى أننى اتوجس خيفة من أن المحكمة الجنائية الدولية قد تفعل مع نتنياهو مثلما فعلت مع المهدى فتمنح تدمير دور العبادة اهتماما ينسى جرائمه الأخرى، مثل قتل المدنيين يزيد عن نصفهم الأطفال والنساء الذين تخطوا 34 ألفاً وتجويعهم كوسيلة حرب
ويؤكد الدكتور محمد خفاجي، أن قيام نتنياهو بتدمير التراث الدينى والثقافي فى غزة ليس جريمة من الدرجة الثانية. لكنها عمل وحشي لمحو شعب والرأى عندى أنه بقدر ما نقدر الأماكن المقدسة والفن والتراث الثقافى ، فإن قلوب البشر تنجذب نحو الحماية القضائية للحياة والكرامة، مقارنة بالجرائم المرتكبة ضد حياة الإنسان وأماكن مقدساته وثقافته وأرى أن نتنياهو عند قيامه بإلحاق الأذى بقتل المدنيين لديه هدفان: القضاء على هؤلاء سكان قطاع غزة وإزالة أي دليل مادي على وجودهم. وإن القتل الجماعي والدمار للمقدسات الدينية والثقافية هما ببساطة مرحلتان مغايرتان في نفس العملية العنيفة للتطهير العرقي والإبادة الجماعية. إنه الحد الفاصل بين الجرائم ضد حياة الإنسان والجرائم ضد الدين والثقافة. ونتنياهو لا يرى هذا التمييز في إبادته لقطاع غزة معنى ومبنى!".