السفير الصيني لبوابة روزاليوسف: الصين عازمة أن تكون قوة السلام والاستقرار في العالم
هدى المصري
قال السفير الصينى بالقاهرة، لياو ليتشيانج، إن بلاده عازمة أن تكون قوة السلام والاستقرار والتقدم في العالم.
وأضاف ليتشيانج، في تصريحات خاصة لبوابة روزاليوسف، قائلا: في صباح يوم 7 مارس، تجمّع الصحفيون من مئات وسائل الإعلام الصينية والأجنبية في قاعة المؤتمرات الصحفية بمركز ميديا ببكين، وأجاب وانغ يي، عضو المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني وزير الخارجية، على أسئلة الصحفيين حول "سياسة الصين الخارجية وعلاقاتها الدولية". كانت المؤتمرات الصحفية لوزير الخارجية تجذب اهتماما واسعا من وسائل الإعلام الصينية والأجنبية، باعتبارها نافذة للمجتمع الدولي للاطلاع على الدبلوماسية الصينية ومتابعة تطورات الصين عن كثب.
تحدث وزير الخارجية وانغ يي بشكل صريح مع الصحفيين الصينيين والأجانب، وأوضح السياسة الخارجية الصينية تحت إرشاد فكر شي جين بينغ للاشتراكية ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، وأكد على أن بناء مجتمع المستقبل المشترك للبشرية يعد الهدف السامي لدبلوماسية الدولة الكبيرة ذات الخصائص الصينية في العصر الجديد، واستعرض الإنجازات التاريخية للدبلوماسية الصينية، واستشرف مهامها وملامحها الجديدة في المستقبل، وأشار إلى أن الدبلوماسية الصينية ستكون أكثر ثقة بالنفس وأكثر اعتمادا على الذات وأكثر انفتاحا وشمولا، وتقف إلى جانب الحق والعدالة وتدفع التعاون والكسب المشترك في العام الجديد. في ظل البيئة الدولية التي تتشابك فيها التغيرات والاضطرابات، تعزم الصين على أن تكون قوة السلام والاستقرار والتقدم في العالم. ها هو التعهد المهيب الذي قطعه وزير الخارجية وانغ يي، الأمر الذي يعكس بجلاء رحابة الصدر للصين كدولة دبلوماسية كبيرة.
وأكد سفير الصين: الصين عازمة على أن تكون قوة السلام لمعالجة القضايا الساخنة. حاليا، تشهد المعادلة العالمية تغيرات عميقة، ويواجه المجتمع البشري عديدا من التحديات. إن الصين، كدولة مسالمة منذ قدم، لا تأمل فقط في ترسيخ الأمن والاستقرار لنفسها، بل تسعى بكل قوتها لإحلال السلام في العالم. في عام 2023، عملت الصين على دفع المصالحة بين السعودية وإيران والتوسط لأزمة أوكرانيا، واستصدار القرار رقم 2712 من مجلس الأمن الدولي بشأن القضية الفلسطينية، مما لعب دورا رائدا وحاسما في الحفاظ على سلام العالم.
خلال المؤتمر الصحفي، أوضح وزير الخارجية وانغ يي مجددا موقف الصين الثابت من الحفاظ على سلام العالم. فيما يتعلق بالعلاقة بين الصين والولايات المتحدة، أكد وانغ يي أن هذه العلاقة تخص رفاهية الشعبين ومستقبل البشرية والعالم. وظلت الصين تحافظ على سياستها المستقرة والمستمرة تجاه الولايات المتحدة، وظلت تتعامل مع العلاقة الصينية الأمريكية بموقف مسؤول تجاه التاريخ والشعب والعالم، مهما كانت تغيرات الأوضاع الدولية، وتحث الصين الولايات المتحدة على العمل سويا على إدخال العلاقة الثنائية إلى مسار التطور المستقر والسليم والمستدام.
وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، قال وزير الخارجية وانغ يي بكل وضوح إن الصين تدعم فلسطين للحصول على عضوية كاملة في الأمم المتحدة ووضع الجدول الزمني وخارطة الطريق لـ"حل الدولتين". ولا يمكن الخروج عن دوامة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بشكل نهائي وإزالة التربة المغذية للأفكار المتطرفة بكافة أنواعها وتحقيق السلام الدائم في الشرق الأوسط إلا من خلال استعادة حقوق الشعب الفلسطيني وتنفيذ "حل الدولتين" على نحو شامل.
أما أزمة أوكرانيا، فأكد وانغ يي أن "الضرورات الأربع" التي طرحها الرئيس شي جين بينغ هي المرجعية الأساسية التي تنتهجها الصين لإيجاد حل سياسي لأزمة أوكرانيا. وتدعم الصين عقد مؤتمر سلام دولي مقبول لدى الجانبين الروسي والأوكراني في وقت مناسب بمشاركة كافة الأطراف على قدم المساواة لمناقشة جميع الحلول السلمية بشكل عادل. وتتطلع الصين إلى استعادة السلام والاستقرار للقارة الأوروبية في يوم مبكر، مستعدة لمواصلة دورها البناء في هذا الصدد.
وتابع ليتشيانج: تريد الصين أن تكون قوة الاستقرار لتعزيز الحوكمة العالمية. تعمل الصين بنشاط على دفع الإصلاح والتطور لنظام الحوكمة العالمية. قد أصبح مفهوم مجتمع المستقبل المشترك للبشرية الذي تدعو إليه الصين راية مشرقة لإرشاد تقدم العصر، وقد أصبحت مبادرة "الحزام والطريق" أكبر منصة التعاون الدولي اتساعا وحجما في العالم، ولقيت "المبادرات الثلاث" التي طرحتها الصين إقبالا واسعا في المجتمع الدولي. في العام الماضي، دفعت الصين بتحقيق التوسيع التاريخي لمجموعة بريكس، مما كتب صفحة جديدة للتضامن والتقوية الذاتية لـ"الجنوب العالمي"، وضخ حيوية جديدة للحوكمة العالمية.
وردا على سؤال عن ماهية النظام الدولي الذي يحتاج إليه الناس؟ أجاب وزير الخارجية وانغ يي: تعددية الأقطاب العالمية المتسمة بالمساواة والانتظام والعولمة الاقتصادية المتسمة بالنفع للجميع والشمول. وتتطلب تعددية الأقطاب المتسمة بالمساواة تحقيق المساواة بين الدول من حيث الحقوق والفرص والقواعد، ولم يعد يُسمح لقلة قليلة من الدول الكبيرة باحتكار الشؤون الدولية، ولم يعد يُسمح بتصنيف دول العالم بدرجات مختلفة وفقا لما يسمى بالمكانة والقوة، ولم يعد يُسمح لصاحب القبضة الأكبر باحتكار القرار، ناهيك عن السماح لبعض الدول بالجلوس على طاولة المأدبة ووضع بعض الدول الأخرى في قائمة الطعام. وتتطلب تعددية الأقطاب المتسمة بالانتظام الالتزام سويا بمقاصد ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، والتمسك بالقواعد الأساسية للعلاقات الدولية المعترف بها. وتتطلب العولمة المتسمة بالنفع للجميع تكبير كعكة التنمية الاقتصادية وتوزيعها على نحو جيد، بما يمكن مختلف الدول والطبقات والفئات من المشاركة في التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتقاسم ثمارها. كما تتطلب العولمة المتسمة بالشمول دعم دول العالم لإيجاد طرق التنمية التي تتناسب مع ظروفها الوطنية، وعدم فرض نمط تنموي معين، ونبذ الأحادية والحمائية اللتين تخدمان المصلحة الأنانية على حساب الآخرين، وصون الاستقرار والانسياب للسلاسل الدولية للصناعة والإمداد، والحفاظ على الحيوية والقوة الدافعة للنمو الاقتصادي العالمي.
وأوضح: تعزم الصين على أن تكون قوة التقدم لتعزيز التنمية العالمية. تعد التنمية المفتاح الذهبي لحل جميع المشاكل. في مواجهة ضعف القوة المحركة للتنمية العالمية ومحاولة بعض الدول لـ"فك الارتباط وكسر السلاسل"، تؤكد الصين بثبات على ضرورة إقامة اقتصاد عالمي منفتح. في عام 2023، ساهمت الصين، التي حققت نموا بمعدل 5.2%، بثلث نمو الاقتصاد العالمي، وما زال المحرك بـ"ماركت الصين" قوية، وإن التحديث الصيني النمط بصدد تحقيق الرفاهية للعالم كله.
أوضح وزير الخارجية وانغ يي في المؤتمر الصحفي ثلاثة اتجاهات جديدة لمستقبل التنمية الاقتصادية في الصين: أولا، إن التنمية في الصين لا تشمل النمو المعقول للكمية فقط، بل تشمل الارتقاء الفعال بالجودة، إذ تشهد الصناعات الناشئة تطورا مزدهرا، وحقق التحول الأخضر نتائج ملحوظة، وتتحسن التوقعات الاجتماعية بشكل مطرد، وتتشكل القوة الإنتاجية الجديدة بشكل متسارع. ثانيا، إن السوق الصينية الضخمة البالغ عدد سكانها 1.4 مليار نسمة بصدد فتح ذراعيها للعالم، إذ تظهر الحاجات الجديدة والأعمال الجديدة بشكل انفجاري، ويتوسع مجال الصين في التنمية الذاتية والتعاون الدولي بشكل سريع. ثالثا، تنفتح أبواب الصين بشكل أوسع فأوسع على الخارج، وترتفع جودة الانفتاح المؤسسي عالي المستوى بشكل مستمر، إذ انخفض المستوى العام للرسوم الجمركية في الصين إلى ما يناهز مستوى الأعضاء المتقدمة في منظمة التجارة العالمية، وتقلصت القائمة السلبية للاستثمار الأجنبي إلى أقل من 31 بندا، وتم رفع جميع القيود على نفاذ الاستثمار الأجنبي إلى قطاع التصنيع، ويتسارع الانفتاح لقطاع الخدمات، وما زال معدل العائد للاستثمار الأجنبي في الصين في مقدمة العالم. إن التنمية الصينية لا تستغني عن العالم، والتنمية العالمية لا تستغني عن الصين. ومَن يبث المعلومات المتشائمة عن الصين سيتضرر منها، ومَن يقدّر الصين سوءا سيضيع الفرص. وستحشد الصين الجهود لحسن استضافة معرض الصين الدولي للاستيراد ومعرض الصين الدولي لتجارة الخدمات ومعرض الصين الدولي للمنتجات الاستهلاكية ومعرض الصين الدولي لسلاسل الإمداد وغيرها من منصات التعاون الدولي، وسنقوم بتحسين بيئة الأعمال الموجهة نحو السوق والمستندة إلى سيادة القانون والمتسمة بالعالمية، بما يتيح توقعات أكثر استقرارا وفوائد أكثر استدامة للمستثمرين وشركاء التعاون من كافة الدول.
وقال السفير الصيني : ظلت مصر تلتزم بالسياسة الخارجية الداعية إلى الاحترام المتبادل والمساواة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية واحترام سيادة الدول الأخرى، وتسعى إلى المساهمة بقوتها في تحقيق الاستقرار على المستويين الدولي والإقليمي، وتحرص على تطبيق الدبلوماسية السلمية ودفع عملية السلام في الشرق الأوسط... كل ذلك يتطابق تماما مع سياسة ومفهوم الصين الخارجية. وتمتلك الصين ومصر المفاهيم المشتركة والاستراتيجيات المتطابقة في قضايا الدفاع عن المصالح الذاتية والسعي وراء التنمية المشتركة وتعزيز رفاهية الشعب والعدالة والإنصاف الدوليين، الأمر الذي يرسي أساسا مهما للتعاون والتضامن بين الجانبين من أجل التنمية المشتركة.
ويصادف العام الجاري الذكرى العاشرة لإقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين الصين ومصر. وأثبت تطورات الأوضاع الدولية في السنوات الأخيرة مرارا وتكرارا أن الواقع الأكبر لعالمنا اليوم يكمن في مشاركة جميع الدول نفس المصير والمستقبل، وأن التضامن والتعاون متبادل المنفعة يعد الطريق الحتمي لمواجهة التحديات. وتحرص الصين على العمل سويا مع مصر وتقف بثبات إلى الجانب الصحيح للتاريخ، وإلى جانب تقدم الحضارة البشرية، وتصبح قوة السلام والاستقرار والتقدم في العالم، وتعمل على بناء عالم نظيف وجميل يسوده السلام الدائم والأمن السائد والازدهار المشترك والانفتاح والشمول.