الثلاثاء 23 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

مصطفى زكريا يكتب: من أين لك هذا؟

مصطفي زكريا
مصطفي زكريا

تمتلك مصر أجهزة رقابية على أعلى مستوى من الكفاءة سواء على مستوى الموارد البشرية المدربة والقادرة على رصد وضبط قضايا الفساد علي مختلف اشكالها وألوانها، وعلى مستوى الامكانات المادية التي تمتلكها بفضل الدعم السياسي والذي كان واضحًا منذ اليوم الأول للجمهورية الجديدة والتي أكد عليها السيد الرئيس بأنه لا مكان لفاسد أو مرتشٍ مهما كان شأنة.

 

وبفضل الأجهزة الرقابية رأينا ولأول مرة خلال السنوات الماضية، كيف استطاع جهاز الرقابة الإدارية والملقب إعلاميًا بـ"صائد حيتان الفساد" أن يضبط مسؤولين كبار بقضايا فساد ورشوة فلم يفرق بين وزير ولا غفير، فالكل أمام القانون سواسية، وبين الحين والأخر نفاجئ بقضية فساد تؤكد أن الأجهزة علي درجة عالية من اليقظة طوال الوقت.

 

وخلال الأيام الماضية، تابع الجميع وأنا معكم صعود الدولار في السوق السوداء إلى أرقام قياسية لم يسبق لها مثيل حيث تجاوز السبعين جنيها، وهو ما تسبب في إرباك السوق بشكل غير مسبوق، لتنطلق الأجهزة الرقابية ووزارة الداخلية في محاصرة تجار العملة بالسوق السوداء، والتي أسفرت عن ضبط عدد كبير من القضايا والتي كان اثرها سريعًا علي السوق وقد نتج عن تلك الضبطيات عودة "صبيان التجار" إلى جحورهم بعد أن ألقي القبض على "الكبار" وهو ما تسبب في تراجع سعر الدولار بالسوق غير الرسمية لمستويات الخمسين جنيها.

 

"من أين لك هذا؟" كان عنوان القضايا التي رصدتها الأجهزة الامنية خلال الأيام الماضية، وذلك بعد أن تم رصد قضايا غسيل اموال لأشخاص تضخمت ثروتهم بفضل التجارة في العملة الأجنبية والآثار، ليتم إخفاء تلك الأموال في تجارة الأراضي والعقارات، واللافت للنظر ان الفسدة والمرتشين أصبحوا معروفين للعامة نتيجة تضخم ثروتهم في وقت شديد الصعوبة، فكيف لدولة يعاني اقتصادها من أزمة؟ وهؤلاء يحققون أرباحا خيالية تفوق الخيال، وللأسف لا يوجد قانون يحاسب علي الثراء بدون سبب حيث استطاع الفاسدين اخفاء اموالهم في مشروعات وتسجيلها بأسماء آخرين.

 

ومن منظور اقتصادي بحت، يري محللون وخبراء أن أخطر ما يكون على الاقتصاد هو استنزاف "تجار السوق السوداء" للعملة الصعبة وتدبيرها لتجارة غير مشروعة من خلال الصفقات المشبوهة التي أبرموها لتوفير العملة لصالح تجارتهم، لكن بفضل يقظة الاجهزة الامنية، والتي نشيد بها جميعًا، يجري العمل علي حصار هؤلاء وضبطهم وتقديمهم للعدالة.

 

ما أحوجنا تلك الأيام الي تفعيل مقولة "من أين لك هذا؟" وقصدي هنا هو تفعيل مزيد من الرقابة وتطويع جهود الاجهزة الرقابية لحماية المجتمع من الفاسدين.

 

ونهاية القول، بدأت الحكومة المصرية في مكافحة غسل الأموال بشكل جاد مطلع الألفية الحالية بعد تفشي ظاهرة شركات توظيف الأموال في التسعينيات، لتجد ضالتها في ضرورة وجود أداة رقابية فعالة، فأسست وحدة غسل الأموال وتمويل الإرهاب بموجب قانون مكافحة غسل الأموال الصادر رقم (80) لسنة 2002، لكن يبدو أنها لم تعد قادرة على المكافحة مع ثورة التكنولوجيا والإنترنت في ظل التشريعات والقوانين القائمة، وأصبح لزامًا علينا تطوير الوسائل بما يتواكب مع المرحلة الراهنة.

تم نسخ الرابط