
عاجل.. اليوم.. الذكرى 1394 للفتح العظيم "مكة المكرمة"

سلمي السلنتي
تحل اليوم الأربعاء، الذكرى 1394لفتح مَكَّةَ "يُسمَّى أيضا الفتح الأعظم، الموافق 10 يناير 630م"، استطاع المسلمون من خلالها فتحَ مدينة مكة وضمَّها إلى دولة الإسلام.
وسببُ غزوة فتح مكة المكرمة، هو أن قريشٍ في مكة انتهكت الهدنةَ التي كانت بينها وبين المسلمين، بإعانتها لحلفائهامن بني الدئل بن بكرٍ بن عبد مناةٍ بن كنانة "تحديدًا بطنٌ منهم يُقال لهم "بنو نفاثة" في الإغارة على قبيلة خزاعة، الذين هم حلفاءُ المسلمين، فنقضت بذلك عهدَها مع المسلمين الذي سمّي بصلح الحديبية.
وردًّا على ذلك، جَهَّزَ الرسولُ محمدٌ صلى الله عليه وسلم، جيشًا قوامه عشرة آلاف مقاتل لفتح مكة، وتحرَّك الجيشُ حتى وصل مكة، فدخلها سلمًا دُون قتال، إلا ما كان من جهة القائد خالد بن الوليد، إذ حاول بعضُ رجال قريش بقيادة عكرمة بن أبي جهل التصديَ للمسلمين، فقاتلهم خالدٌ وقَتَلَ منهم اثني عشر رجلًا، وفرَّ الباقون منهم، وقُتل من المسلمين رجلان اثنان.
ولمَّا نزل الرسولُ محمدٌ بمكة واطمأنَّ الناسُ، جاءَ الكعبة فطاف بها، وجعل يطعنُ الأصنامَ التي كانت حولها بقوس كان معه، ويقول": جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا"و"جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ"، ورأى في الكعبة الصورَ والتماثيلَ فأمر بها فكسرت. ولما حانت الصلاة، أمر الرسولُ محمد صليى الله عليه وسلم، بلال بن رباح أن يصعد فيؤذن من على الكعبة، فصعد بلالٌ وأذّن.
كان من نتائج فتح مكة اعتناقُ كثيرٍ من أهلها دينَ الإسلام، ومنهم سيد قريش وكنانة أبو سفيان بن حرب، وزوجتُه هند بنت عتبة، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر الصديق، وغيرُهم.
أسباب فتح مكة
كانت بين قبيلتي خزاعة وبني الدئل بن بكر عداوة وثارات في الجاهلية، سببها أن رجلاً من حضرموت اسمه مالك بن عباد الحضرمي كان يحالف الأسود بن رزن بن يعمر بن نفاثة الدؤلي، فخرج الحضرمي تاجراً، فلما توسط أرض خزاعة تعدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، فعدت بنو الدئل على رجل من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة قُبيل الإسلام على بني الأسود بن رزن "وهم ذؤيب وأخواه كلثوم وسلمى، وكانوا منخر بني كنانة وأشرافهم" فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم.
فبينما بنو الدئل بن بكر وخزاعة على ذلك حجز بينهم الإسلام، وتشاغل الناس به، فلما كان صلح الحديبية، دخلت خزاعة في حلف الرسول محمد صلى الله وعليه وسلم، ودخلت بنو الدئل بن بكر في حلف قريش، فلما كانت الهدنة اغتنمها بنو الدئل بن بكر، وأرادوا أن يصيبوا من خزاعة ثأر أولئك النفر، فخرج نوفل بن معاوية بن عروة الديلي في جماعة من بني الدئل بن بكر في شهر شعبان سنة 8هـ، فأغاروا على خزاعة ليلاً، وهم على ماء يقال له "الوتير" جنوب غربي مكة، فأصابوا منهم رجالاً، وتحاوزوا واقتتلوا، ورفدت قريشٌ بني الدئل بالسلاح، وقاتل معهم من قريش من قاتل بالليل مستخفياً، حتى حازوا خزاعة إلى الحرم، فلما انتهوا إليه قالت بنو الدئل بن بكر: “يا نوفل، إنا قد دخلنا الحرم، إلهك إلهك”، فقال: “لا إله اليوم، يا بني بكر، أصيبوا ثأركم، فلعمري إنكم لتسرقون في الحرم، أفلا تصيبون ثأركم فيه؟»، ولما دخلت خزاعة مكة لجأوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعي، وإلى دار مولى لهم يقال له رافع. ونتيجةً لذلك الغدر والنقض في العهد، خرج عمرو بن سالم الخزاعي في أربعين من خزاعة حتى قدموا على الرسول محمد في المدينة المنورة، وأخبروه بما كان من بني الدئل بن بكر، وبمن أصيب منهم، وبمناصرة قريش لبني الدئل بن بكر عليهم، ووقف عمرو بن سالم على الرسول وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس فقال: يـا رب إنـي نـاشـدٌ مـحمدًا
حلف أبينا وأبيه الأتـلدا
قـد كنتم وُلدًا، وكنا والدًا
ثُمت أسلـمنـا فلم ننزع يداً
فانصر -هداك الله-نصرًا أعتداً
وادع عباد الله يأتوا مـدداً
فـيهـم رسـول الله قـد تـجردا
إن سيم خسفاً وجهه تـربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدًا
إن قريشًا أخلفوك الموعدا
ونـقضـوا ميـثاقك المـؤكدا
وجـعلوا لي في كَدَاءِ رُصَّداً
وزعـمـوا أن لست أدعو أحداً
وهـــم أذل وأقـــل عدداً
هم بيـتـونـا بالوتير هجّداً
وقـتلـونا ركَّـعـاً وسُـجَّداً
فقال الرسول محمدٌ: ﷺ: نُصرت يا عمرو بن سالم، ولما عرض السحاب من السماء قال: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب، وبنو كعب هم خزاعة.
ثم خرج بديل بن ورقاء الخزاعي في نفر من خزاعة، حتى قدموا على الرسولِ محمد المدينةَ، فأخبروه بمن أصيب منهم، وبمظاهرة قريش لبني الدئل بن بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة.
وجاء في رواية: إن الرسول محمداً بعد أن سمع وتأكد من الخبر أرسل إلى قريش فقال لهم: أما بعد، فإنكم إن تبرؤوا من حلف بني بكر، أتُدوا خزاعة، وإلا أوذنكم بحرب، "ومعنى أتُدوا خزاعة: أي تدفعوا دية قتلاهم"، فقال قرظة بن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف صهر معاوية: إن بني بكر قوم مشائيم، فلا ندى ما قتلوا لنا سبد، ولا لبد "السبد: الشعر، واللبد: الصوف، يعني إن فعلنا ذلك لم يبق لنا شيء"، ولا نبرأ من حلفهم، فلم يبق على ديننا أحد غيرهم، ولكن نؤذنه بحرب.
ولم يكن من بني بكر بن عبد مناة محالفاً لقريش على دينهم إلا بنو الدئل بن بكر.
أما بنو ليث بن بكر وبنو ضمرة بن بكر فكانوا من المسلمين وفي جيش الفتح مع الرسول محمد صلي الله وعليه.