أكاديميون: مسارات التعاون العربي الافريقي في حاجة لمراجعة لتعزيز الشراكات بمواجهة التحديات
أكد خبراء الشؤون العربية والإفريقية، ضرورة تعزيز مسارات وأطر التعاون العربي الإفريقي، لتعزيز القدرة على مواجهة التحديات المشتركة، التي تتصاعد في الفترة الراهنة بالدول العربية والإفريقية.
جاء ذلك خلال ندوة: «مسارات واتجاهات العلاقات العربية الإفريقية الراهنة»، التي أدارها الدكتور عطية الطنطاوي عميد كلية الدراسات الإفريقية العليا، ومشاركة نخبة من الخبراء، مشيرًا إلى أهمية التعمق في دراسة العلاقات العربية الافريقية في تلك الفترة الراهنة وسُبل تعزيزها، مرحبًا بالنخبة العلمية المتحدثة والمشاركة في إثراء النقاش.
وتسائل الدكتور أيمن عبد الوهاب نائب مدير مركز الأهرام للدراات السياسية والاستراتيجية، في بداية كلمته عن أي عرب وأي أفارقة نتحدث؟، فهناك متغيرات وتباين في المواقف ومستويات العلاقات من دولة عربية وأفريقية وأخرى، مضيفًا كما هناك سؤال هام: كيف نقيس مستوى تلك العلاقات، هل بالاتفاقيات السياسية والأطر القانونية، أم السياسية عبر تبادل الزيارات وغيرها من مقاييس مستوى العلاقات؟

وأضاف عبدالوهاب يمكن اتخاذ اجتماعات القمم العربية الافريقية الأربعة التي بدات في القاهرة عام 1977, مقياس للعلاقات البينية العربية الافريقية، متطرقًا إلى العوامل التي تحكم التفاعل وفي مقدمتها التحولات الجيوسياسية، والاقتصادية، والقيمة المضافة للتعاون، وتأثير القوى الفاعلة.
وأشار عبدالوهاب إلى أن التعاون الفردي بين دول عربية وافريقية حتى الآن هو الأكثر فاعلية.
وأكد السفير صلاح حليمة، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أهمية الدور المصري الفاعل في تعزيز العلاقات العربية الافريقية، مشيرًا إلى أن التحديات الراهنة تجعل من التعاون الامني الاقتصادي اولوية إلى جانب تعزيز قدرة البنية التحتية والطاقة.
وأكد الدكتور محمد عاشور أستاذ العلوم السياسية بكلية الدراسات الأفريقية العليا، أن مرحلة التحرر من الاستعمار هي أهم مراحل التعاون العربي وهي المرحلة التي تحملت مصر فيها الجانب الأكبر من المسؤولية في تقديم الدعم المادي والمعنوي لحركات التحرر الوطني على امتداد القارة الأفريقية شمالا وجنوبا وشرقا وغربا.
وأضاف عاشور: الأمر الذي كان له صداه ومردوده في وقوف الدول الأفريقية إلى جانب مصر و وتعاطفها مع القضايا العربية الرئيسة (القضية الفلسطينية) في أعقاب نكسة عام 1967 واحتلال حزء من أرض مصر الذي اعتبرته الدول الأفريقية احتلالا لأرض أفريقية قطع على إثره عديد من الدول الأفريقية علاقاته الدبلوماسية مع إسرائيل خاصة مع نجاح الجهود المصرية والعربية في الربط بين الممارسات الإسرائيلية والممارسات العنصرية في جنوب أفريقيا.

وأكد عاشور انتقال التعاون عقب حرب أكتوبر 1973 إلى مرحلة جهود مأسسة التعاون العربي الأفريقي والتي بلغت ذروتها بانعقاد القمة العربية الألإفريقية في القاهرة مارس 1977م وصاحبتها طموحات عالية على ل المستويات سرعان ما انهارت بفعل الخلافات العربية العربية على خلفية معاهدة السلام المصرية الإسرائيلة وما أدت إليه من إنعكاسات سلبية على جهود العمل العربي المشترك.
لينتقل التعاون العربي الأفريقي إلى مرحلة جديدة يغلب عليها الطابع الئنائي على اختلاف في حجم ودور كل طرف عبر العقود المختلفة.
وشدد الدكتور عاشور على أن التحولات التي شهدتها العلاقات العربية الأفريقية لم تكن فقط نتاج التحول في مركز ثقل أو دفة قيادة العلاقات العربية الإفريقية بل نتاج عوامل ذاتية وموضوعية على الجانبين العربي والأفريقي، يتطلب تعزيز التعاون من جديد دراستها بدقة.
وقالت الدكتورة، شيماء محيي الدين، مدير مركز البحوث الأفريقية، بكلية الدراسات الإفريقية العليا، أن العلاقات العربية الافريقية، في حاجة إلى مراجعة مساراتها وأطرها، للاستفادة من الماضي بخبراته، لمواجهة تنامي تحديات الحاضر.
وأضافت خلال كلمتها بالندرة التي اقيمت بكلية الدراسات الأفريقية العليا: إن التفاعل العربي الإفريقي يمر بمرحلة حاسمة ودقيقة في سياق الكثير من الأزمات السياسية والاقتصادية التي ألقت بظلالها على مجمل التفاعلات العربية الأفريقية بدءًا بالصراعات التي تشهدها الدول العربية الأفريقية وما نتج عنها من تصعيد للتوترات وأعمال العنف.
وقدمت محيي الدين نماذج لتصاعد الصرعات، كما هو الحال في السودان وليبيا، مرورا بموجة الانقلابات العسكرية وحالة عدم الاستقرار التي انتابت الكثير من دول الساحل الأفريقي على خلفية انتشار الإرهاب والجريمة المنظمة عبر الوطنية، وصولاً للأحداث الأكثر سخونة على الساحة العربية ممثلة في العدوان الإسرائيلي الغاشم على المدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة، والتي أسفرت عن تأجيل انعقاد القمة العربية الأفريقية الخامسة، التي كان مزمع عقدها في الرياض في الحادي عشر من شهر نوفمبر الماضي.
وشددت محيي الدين على أن تلك الأحداث سالفة الذكر، تجعل مراجعة الأطر التقليدية للتعاون العربي الأفريقي في حاجة إلى مراجعة، لتصبح أكثر قدرة على مواجهة التحديات الإقليمية والدولية بالغة الخطورة، على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية بل والصحية التي تعجز الدول العربية والأفريقية عن مواجهتها بشكل منفرد.
ودعت محيي الدين إلى تقييم مسيرة العلاقات العربية الأفريقية منذ انطلاق القمة الأولى بالقاهرة عام 1977، وذلك بغية الاستفادة من تجارب ودروس الماضي واستشراف آفاق المستقبل، فمع وجود مؤسسات التعاون العربي الأفريقي المشترك، يصبح العمل على تطوير وتعزيز العلاقات العربية الأفريقية أمرا من الأهمية بمكان، وذلك لمواجهة التحديات المشتركة بين الجانبين، وكذا لاستحداث آليات تساعد الحكومات العربية والأفريقية على التعاون البناء من أجل الوفاء بطموحات وتطلعات الشعوب العربية والأفريقية.
وأكدت محيي الدين أن طموحات وتطلعات الشعوب العربية والأفريقية نحو مستقبل آمن يعيد إلى الأذهان أمجاد التعاون العربي الأفريقي في عصر التحرر من الاستعمار ويتطلب نهجا جديدا ومقاربة شاملة سواء على مستوى الخطاب السياسي أو على مستوى الممارسة، وذلك من خلال مشروع طموح تشارك في إطاره الشعوب العربية الأفريقية جنبا إلى جنب مع الحكومات لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك وتجاوز آلام الماضي لاستشراف آفاق المستقبل.
ووجهت محيي الدين الشكر والتقدير إلى الدكتور عطية الطنطاوي عميد الكلية ووكلاء، الكلية لجهدهم في انجاح الندوة التي سعت إلى تقديم مسارات تعزز التعاون العربي الإفريقي في مواجهة تحديات مشتركة متنامية على كل الأصعدة.
وعقب الدكتور محمد أبوالعينين استاذ العالم السياسية بكلية الدراسات الافريقية العليا على المتحدثين مختتمًا الندوة التي أكد أهمية مواصلة البحث في ذات القضية لتعزيز التعاون العربي الافريقي.



