السبت 20 ديسمبر 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد إمبابي

عاجل| اغترب 10 سنوات ولما بلاده تعرضت للغزو.. ارتدى لباس الحرب

المجند سيرهي
المجند سيرهي

وسط أوكرانيا، جلس البطل الأوكراني سيرهى على سريره بالمستشفى في عيادة عامة، وتظهر في ساقية قطعًا صغيرة من الشظايا مغروسة بها ولا يستطيع الأطباء انتزاعها، وعلى الرغم من الألم، يقول: أشعر بالارتياح ولا أستطيع أن أصدق أنني الآن في المستشفى، وليس في الخندق.

 

 

الشاب الأوكراني المفعم بالوطنية 

سيرهي شاب أوكراني مفعم بالوطنية 
سيرهي شاب أوكراني مفعم بالوطنية 

 

يضيف الشاب الأوكراني المفعم بالوطنية البالغ من العمر 36 عامًا وهو جندي مشاة في اللواء الجاليكي رقم 80 للهجوم الجوي: "لم أكن أعتقد أنني سأنجو".

 

وكان سيرهي قد انضم إلى الجيش الاوكراني بعد وقت قصير من إعلان روسيا شن الحرب على أوكرانيا في فبراير 2022، ترك فنلندا، حيث كان يعيش ويعمل كعامل ماهر طوال السنوات العشر الماضية للانضمام للقوات الأوكرانية ومواجهة الغزو الروسي. 

 

وفي إشارة إلى ماضيه، تم إعطاؤه علامة النداء "Fin" وقبل شهر، في 27 أكتوبر تم تكليفه هو ووحدته بمهمة هي الحفاظ على الخنادق على خط الجبهة الشرقي في ضواحي باخموت. 

 

وكان من المفترض أن تستمر هذه المهمة ثلاثة أيام، لكنها امتدت إلى أسبوعين بعد أن تم حصار الوحدة بنيران الجيش الروسي، وبالنسبة لبعض المقاتلين، ستكون هذه هي المهمة الأخيرة التي رأوها على الإطلاق. 

وكانت وحدته تتعرض لقصف مستمر لعدة أيام عندما انفجرت قذيفة هاون بالقرب من المخبأ الذي كان يتحصن داخله سيرهي ومقاتلين آخرين، مما أدى إلى قطع الطريق على المجموعة بينما كانوا على وشك التحرك وأصيب الثلاثة مقاتلين.

 

وقال سيرهي: لقد أصبت في كلتا ساقي ولمستهما على الفور للتحقق مما إذا كانا لا يزالان في جسدي أم بترتا، بينما كان الجنديان الآخران مصابين بكسر في الساقين والفكين، وأصيب أحدهما بصدمة شديدة لدرجة أنه طلب قتل نفسه، فأخذ الآخرون سلاحه.

 

 وعندما وصل فريق الإخلاء، نقل سيرهي، أصر على إخلاء زميليه الآخرين أولًا وأنه سينتظر الفرصة التالية، لكن تلك الفرصة لم تأت قط، فكلما وصلت وحدات أخرى، كان القصف الروسي المستمر يبقيهم محاصرين وغير قادرين على الوصول إلى سيرهي. 

 

المجند الأوكراني سيرهي
المجند الأوكراني سيرهي

 

وحاولت فرق إخلاء متعددة الوصول إلى سيرهي خلال أسبوعين، لكن لم يتمكن أي منها من العبور، وقتل البعض أثناء محاولتهم ذلك، كانوا تحت نيران الجيش الروسي المستمرة. 

ويبدو أن الجيش الروسي كان يبحث عن نقاط ضعف القوات الأوكرانية أو يختبر قدرتها على التحمل، ومع تحصن سيرهي في خندقه، استخدم قائده طائرة بدون طيار لتوصيل الضروريات إليه مثل الماء ومسكنات الألم وألواح الشوكولاتة وحتى السجائر.    

 

"كانت المياه مشكلة كبيرة لأن الطائرة بدون طيار، أولًا، لم تتمكن من التقاط زجاجات المياه الكبيرة، لذلك أسقطت الطائرة بدون طيار زجاجات صغيرة ملفوفة بالورق والأشرطة اللاصقة، ولكن لم تتمكن كل زجاجة من السقوط في حفرته وغالبًا ما تنكسر، وكان الماء يتسرب. 

 

قال سيرهي: “لقد كنت أقدر كل رشفة ماء وفي الوقت نفسه، كانت الطائرات الروسية بدون طيار تستهدف المخبأ بحمولات كبيرة من المتفجرات، حيث أسقطت إحداها قنبلة يدوية بجواري، وانضم إلى في هذه المرحلة جندي أوكراني آخر أصبح معزولًا وانفجرت القنبلة بالقرب من ظهر الجندي الآخر وعلى بعد نصف متر مني، بالقرب من قدمي، لقد جرحنا ولكننا كنا محظوظين بالبقاء على قيد الحياة. وأضاف الجندي الأوكراني الشجاع: لم يكن من الممكن إجلاء سوى جندي واحد مصاب بجروح خطيرة، لذا في تلك اللحظة أدركت أنني وحدي”.  

 

للأيام الثلاثة التالية اختبأ سيرهي في مخبأه محاطًا بالجنود الروس وفي كل ساعة كانت القوات الروسية تقترب أكثر فأكثر من موقعه، وكان يسمع أصواتهم ويعرف خطتهم، معتقدًا أنه لن ينجو، واتصل سيرهي بقائده عبر الراديو وهمس له بإحداثيات الجيش الروسي -مما أدى في الأساس إلى توجيه ضربات مدفعية إلى موقعه.

 

وبفضل سيرهي، نفذت المدفعية الأوكرانية عدة ضربات دقيقة، لكن المزيد من الجنود الروس استمروا في اتخاذ مواقع حوله.   وأوضح سيرهي قائلًا: "كنت محاطًا بالأعداء"، "وعندما لم يتمكنوا من سماعي، همست بالإحداثيات مرة أخرى في الراديو وأطلقت مدفعيتنا النار عليهم، وعندما صعد جندي روسي إلى مخبأه، سأل الجندي سيرهي من أين هو فأجاب الأوكراني بالروسية أنه مصاب بارتجاج في المخ وطلب الماء، ولم يقدم له الجندي الروسي الماء، لكنه زحف خارجًا من الخندق، ويبدو أنه لم يكن يعلم أن سيرهي أوكراني  "تساءل سيرهي: ما زلت لا أستطيع أن أفهم كيف لم يدرك أنني كنت من القوات المسلحة الأوكرانية، كنت أرتدي الزي الرسمي الأوكراني.

 يواصل سيرهي سرد حكايته قائلًا: كانت ملابسي قذرة ولكن كان من الواضح أن الأحذية كانت أوكرانية، ومع استنفاد كل الجهود لإخلاء سيرهي، أخبره قائده في النهاية أن السبيل الوحيد للخروج هو الزحف والصلاة، واضطررت إلى الزحف عبر المخبأ الذي كان يتواجد فيه الروس.

 

وأمسكت بالراديو بيدي اليسرى على ركبتي، وبدأت بالزحف، لقد عثرت على سلك تعثر عليه قنبلة يدوية، وكنت أسمع القائد يصحح لي عبر الراديو، لكن لم أتمكن من الاتصال به بنفسي، كانت البطارية ضعيفة جدًا ولا تعمل. 

 

وصرخ القائد في وجهي بأن على أن أتحرك، لذا، وصلت مؤخرا إلى المواقع الأوكرانية، وظلوا يقولون لي: "فين، استمر في التحرك.

ويتعافى سيرهي الآن منذ أكثر من أسبوعين، وهو يجلس في جناح المستشفى الدافئ، ويتذكر كيف كان يلعق مياه الأمطار من خندقه، وكان يحلم بكل رشفة. 

 

ولا يرى سيرهي، أي شيء بطولي في أفعاله وكل فعله كان عليه أن يفعله على خط المواجهة، مشيدًا بزملائه المقاتلون قائلًا بإعجاب: كيف يقاتلون ويخلون وينقذون زملائهم، ويدفعون ثمنا باهظا، ويدفعون دمائهم، وكل ما أريده هو الذهاب لصيد الأسماك مع أصدقائي وشرب بعض البيرة والجلوس في صمت.

تم نسخ الرابط