عاجل
الثلاثاء 14 يناير 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
علموا أبناءكم أن الحرية.. مسؤولية

علموا أبناءكم أن الحرية.. مسؤولية

الناظر لهذا العنوان يظن للوهلة الأولى أنني سأتناول هذا الموضوع وأعرضه عرضا فلسفيا بناء على تخصصنا وقراءاتنا ورؤانا الفلسفية، لكن سنترك الفلسفة قليلا وهي العزيزة علي ولا أحب أن أتركها أبدا، لكن في هذا المقام سيكون خطابنا موجها للجميع.



 

 

لن نتناول الإشكالية من وجهة نظر المعتزلة والإنسان حر وخالق لأفعاله ولا الأشاعرة والماتريدية اللذين يقولان ،إن الله خالق للأفعال والعبد كاسبها أي أن الله يخلق القدرة في الإنسان لإتيان الأفعال والعبد بدوره يحصل هذه الأفعال، ولا الجبرية الذين قالوا بالجبر وأن ليس ثمة حرية ولا رؤية فلاسفة الإسلام ولا حتى فلاسفة الوجودية ومنهم سارتر الذي قال إن الانسان حر ولكن حريته لابد أن يتلمسها في حرية الآخرين.

 

 

بمعنى أن حريته إذا تعارضت مع حرية الآخرين فهو بذلك ليس حرا وإنما سينقاد بذلك إلى العبث والفوضوية التي تقود إلي بلاءات كثيرة.

 

 

تعالوا أعزكم الله ننظر بعين المبصر والمستبصر والبصير إلى واقعنا الذي نحياه، قبل ذلك لابد ان ننوه إلى أن الله تعالى قد كفل لك حريتك، حرية العبادة والاعتقاد (إنا هديناه السبيلا إما شاكرا وإما كفورا)، (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)، (اعملوا ما شئتم) وحرية الإرادة تجعلنا نرفض ما ذهب إليه بعض الصوفية من أن إرادة الإنسان مرتبطة بإرادة الله، فالإنسان في يد الله كالميت في يد غاسله، ولو كان ذلك كذلك لانتفى التكليف ولانتفى عرض الأمانة (إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان إنه كان ظلوما جهولا). الأمانة أمانة التكليف أمانة المسؤولية.

 

 

كثيرا ما نسمع هذا اللفظ الغريب علينا وعلى قيمنا ومبادئنا وعقائدنا، أنا حرة، أنا حر ما لم أضر ألبس كما يتراءي لي وآكل واشرب على هواي وأصادق ما أشاء وقد لا ترى الصورة واضحة قد تظن أنها واضحة وجلية لكن لا تراها كما ينبغي، لو بقليل من الوعي والإدراك قمنا بتحليل هذه العبارة أنا حر ما لم أضر، ما أدراك أنك لا تضر لماذا تؤذي الآخرين برؤية منظر تشمئز منه الأنفس ما الجمال وأين الحرية أن ترتدي بنطالا مقطعا أو تقص شعرك بطريقة تؤذي الناظرين أو ترفع صوت الكاست بصوت يؤذي جيرانك وقد يكون هناك مرضى وكبار السن وطلاب وتلاميذ يذاكرون، ما الحرية في أن يقف الشباب وما هم بشباب على قوارع الطرقات يؤذون الناس ذهابا وإيابا ويلقون بالنظرات الخادشة لحياء النساء، هل هذه حرية، ما الحرية في أن يجلس الشباب في المواصلات العامة وتضع الفتاة رأسها على كتف زميلها وما حجتها في ذلك وما حجته.

 

 

حجتهم أننا أحرار أو أن الله خلقنا أحرارا وهي كلمة حق يراد بها باطل ووظفت توظيفا باطلا، هذه ليست حرية وإنما هي ملوخية (خلطبيطة)، بل الملوخية لها فائدة نستفيد منها أما ما نراه يصير ملوخية حامضة تؤذينا إذا تعاطينها، هكذا الحرية المشؤومة المزعومة إذا لم نوظفها التوظيف الصحيح ستصيبنا بالعطن والعفن وسنقع في براثن الرذيلة ونشجع على الفوضوية والعبثية وننتقل نقلة أخرى لا اظن أنها حضارية وإنما سنعود إلى الجاهلية الأولى وما قبلها سنعود إلى البربرية والهمجية، ونضرب بقيمنا ومبادئنا عرض الحائط، وهذه أفاعيل لا يرضى عنها أي دين سماوي منزل وحتى لو تركنا الدين واتجهنا إلى العقل ومقوماته وضوابطه أي عقل يقبل ذلك.  

 

 

وقد يقول البعض أن هذه الأشياء مباحة في أماكن أخرى من العالم، نقول هذا صحيح، ولكن القيم واحدة والمبادئ لا تتجزأ.

 

نحن نحب الحرية ولكن نحب واهب الحرية أكثر وواهب الحرية لا يرضى عن كل هذه الإباحية والفوضوية، وإنما يريد لنا عفة وفضيلة وحقا وخيرا وجمالا.

 

 

نحن نريد حرية مسؤولة لا تقوم علي التقليد الأعمى البغيض والإمعية التي تمحى معها الشخصية.

 

 

لا نريد أن نكون تابعين ومقلدين وناقلين نرى فلانا يلبس نلبس مثله أو فلانه تلبس كاسية عارية تلبسين مثلها لا والله هذه ليست حرية أيتها الأخت العزيزة والابنة الصالحة حياكما الله الحرية طهر وعفاف واستغناء عن كل هذه الموبقات.

 

نعم الحرية مسؤولية، فيا كل من تقرأون مقالتي، علموا أولادكم وأحفادكم، وكل من تستطيعون نصحه لله، علمهوهم جميعا أن الحرية مسؤولية وما دونها فوضى وعبث.

 

ألا تحبون أن يغفر الله لكم

 

أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز