د. حسام عطا
حنظلة 2023.. مشاهد درامية (4)
التعبير بالفن هو سلاحي الذي أجيد استخدامه، ولذلك استأذن قليلاً في نشر مشاهد متتالية لحنظلة صديقي الحبيب 2023، ولذلك يبقى معي حنظلة (4).
- مستشفى الشفاء في غزة
المستشفى مقفر وقد هرب من يستطيع الهرب من الأطقم الطبية والمرضى.. وفناء المستشفى يبدو عليه آثار القصف واضحة.
نرى حنظلة يقف متأملاً.. لا نسمع صوتاً، فالصوت متوقف لأجل الصمت النظيف.. الألوان أيضاً لا نراها في المشهد فالألوان منزوعة من المشهد.. يخيم على الرؤية لون ضباب أبيض ثلجي ذو طابع رمادي مخيف.. بينما يظهر القمر بذات وجهه الرمادي المخيف في المشهد الليلي الكئيب.
حنظلة: إنها أيام أسوأ من أيام هيرودس السفاح.. هل تذكرونه؟ إنه ملك الدولة اليهودية الأولى التي عارضها اليهود أنفسهم في القرن الرابع قبل الميلاد.. هذا الذي خشي النبوءة بميلاد السيد المسيح فقتل كل ذكر طفل ولد في ذلك العام.. الأطفال ماتت على يد السفاح.. لكن المسيح عاش.. المسيح هناك يتجدد من جديد في هؤلاء الأبطال رمز الخلاص والفداء والإيمان والشهادة.. هؤلاء الذين يعرفون مرارة القتل والقصف والحصار والمجاعة، إنه جبروت الوحش هيرودس الجديد، لكنهم يقدمون أرواحهم للفداء.. إنهم الخلاص المعاصر.. خلاص العالم الحر من كل أعداء الإنسان.
هيرودس كان أيضاً يد الرومان في فلسطين العامرة.. يد الإمبراطورية المستعمرة التي لا ولم تعرف إلا القوة والدم والقتل والسيطرة.. إنهم يعبدون هيرودس المجنون الآن. هل حاصر أحد من قبل في قتال عبر التاريخ أطفالًا غير مكتملي النمو.. هل قتل أحد من قبل طفلًا في حضانته غير قادر على تنفس الهواء.. إنه إذن هيرودس المعاصر يقتل الأجنة في مستشفى الشفاء.. يقتلهم خوفاً من ميلاد مسيح جديد.
-إظلام-
- سبت مانهاتن المدهش-
إنها محطة مترو جراند سنترال
السبت الحادي عشر من نوفمبر 2023 .
في منهاتن نيويورك.. إنها محطة جراند سنترال الشهيرة.
- نشهد مظاهرة حاشدة، بينما نرى حنظلة يقف ليشاهدها علي رصيف مقابل خالٍ من الناس في المحطة.. نراها معه.
حنظلة: (تبدو عليه علامات الدهشة) إنهم حقاً يهود أهل إيمان أنتم حقاً أهل من أهل الكتاب.. مدهش أن يعجب بكم قلبي وعقلي، لكن حنظلة لا يملك إلا أن يقول شكراً.
- يظهر في المشهد عدد كبير من اليهود بملابسهم التقليدية.. يرفعون لافتات احتجاج بالإنجليزية مدون عليها:
JAM JEWISH ISTAND FOR LIBRATION ISTAND WITH PALESTINE
حنظلة: أنا يهودي أنا أقف مع الحرية.. أنا أقف مع فلسطين.
- يرفع لافتة مدون عليها العبارات السابقة بالعربية.. ينتشر حنظلة بنسخه المتعددة بين المتظاهرين اليهود بمحطة جراند سنترال.. بين كل رجل متظاهر وآخر يقف حنظلة. نسخ حنظلة المتكررة تبدو وكأنها تظهر الامتنان.
- حنظلة: ما أغرب وما أجمل أن يتظاهر اليهود من أجلي.. ما أجمل الإنسانية.. وهى تبرئ الدين اليهودي من صهيونية الدماء (يرفع كل حنظلة لافتة باللغة العربية).
- حنظلة يبكي بينما نسمع الهتاف وتتحرك المظاهرة..
- إظلام -
شمال غزة، حيث يسيطر الدمار والخراب والأبنية المنهارة والدمار على المشهد.
حنظلة: يقف حنظلة مجهداً: تأملوا كل هذا الخراب.. كل هذه النيران المدمرة..
حنظلة يصمت قليلاً ثم يلحظ مقاتلاً ملثماً من مقاتلي المقاومة.. فيذهب إليه فرحاً يحتضنه المقاتل بكل حب.
المقاتل الملثم: مرحباً أخي حنظلة.
حنظلة: مرحبا.ً
- يبدو مشهد حنظلة والمقاتل مشهداً رائعاً يبدد وحشة الدمار والخراب.
– المقاتل: أخي حنظلة.. هل أسعدك وتسعدني بأن تلقى الرفاق في الأنفاق.. هل تأني معي؟
حنظلة: نعم.. نعم.. كم أشتاق للرفاق، لمحبة الرجال، لشرف الدماء الطاهرة.. خذني معك حالاً.. هيا بنا.
-المقاتل: لحظة واحدة.. هم أيضاً يشتاقون لرؤيتك.
- المقاتل يتحرك خطوة للخلف يرفع بيديه التراب.. تظهر قطعة معدنية هي فتحة دخول النفق.. يفتحها.. يدخل ومعه حنظلة.
- يبدو المشهد مهيباً، أنفاق تصل لأنفاق أخرى.. ثم تبدو في آخر النفق حجرة واسعة تحت الأرض.. بها مجموعة من المقاتلين.. يهبون جميعهم لاحتضان حنظلة الذي يبتهج بهم ويبتهجون به في مشهد مدهش يبعث على السعادة والفرح.
ينتهي الاحتفال بوداع رائع يعود حنظلة إلى مدخل النفق.. يخرج ويقوم حنظلة بعملية إغلاق النفق ويخبئه بأن يضع عليه تراباً وحطاماً ليصبح المدخل مختفياً كما كان.
- حنظلة: (وقد خرج) في مشهده الآن يبدو السلك الشائك ومن خلفه يظهر الأقصى من بعيد.
حنظلة: يا الله.. كم هم رجال مبدعين، أهل الأرض المقدسة.
الشمس في كبد السماء، وفي المشهد مئات من حنظلة.. نسخه المتكررة تقف وسط الدمار لتتحول بالتدريج لأشجار خضراء مثمرة.. بعض منهم يطير ملوناً في هيئة عصافير الجنة الملونة.
بعض منهم فراشات رائعة، بينما يراهم حنظلة وهو في قمة السعادة والأمل.
حنظلة: أي نصر.. أي أمل كبير هذا يا ترى؟
حشد الأعداء الأساطيل وحاملات الطائرات وأرسل الغرب العتاد والسلاح.. وكل هؤلاء من أجل أهلي في المقاومة.. يا للفخر.. كل هذه الطائرات وكل تلك المركبات الحديدية والسفن الحربية.. تواجه مقاومة.. مقاومة لا تملك إلا الصبر والإرادة والحلم بالشهادة وبعض من أدوات القتال الممكنة.. لا جيش لدينا يقاتل هذا الجيش المعتدي.. لا طائرات لا دبابات لا فيالق مدرعة لا سفن حربية، ولا رؤوس نووية.. ولا يحزنون.. جيوش تقاتل الرجال الذين تحبهم الأرض ويحبونها، أرضهم فتحت لهم أحضانها أنفاقاً ومدناً من الزهر والصبر والمستحيل والألوان الرائعة.
- بينما كان حنظلة في لحظة فخره واعتزازه يردد حديثه الأخير، كانت نسخه المتكررة كبيرة العدد، تتحول إلى أشجار وألوان وفراشات لتحيل المكان المكلل بفخر الدمار إلى جنة عامرة.
- إظلام -