عاجل
الخميس 15 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
لواء طيار عادل الخولي .. "رأس العش" وحرب الألف يوم!

همس الكلمات ..

لواء طيار عادل الخولي .. "رأس العش" وحرب الألف يوم!

سيظل شهر الانتصارات، أكتوبر المجيد من كل عام، يذكرنا بحرب النصر والفخر، وبطولات الشجعان من أصغر جندي إلى أكبر قيمة وقامة في القوات المسلحة، ومن رجال المخابرات أساس المعلومات، وكل فرد من أفراد الشعب كان له دور ولو صغيرًا في تحقيق نصر العزة والكرامة وتحطيم أسطورة العدو الذي لا يقهر.



ودائما لا ننسى شهداءنا الذين ضحوا بالغالي والنفيس لحماية أرضنا، كما نرثي كل أسير وقع في يد العدو دفاعًا عن شرف بلادنا.

 

وعندما نجد من فضل الله علينا، من هو على قيد الحياة، ليروي لنا من الذكريات كشاهد على العصر، ندعو له بطول العمر، ونحرص على أن يسرد لنا بعضًا من ذكرياته في حرب الفخر والانتصار.

 

وكما يقول لواء طيار أ. ح "عادل محمد الخولي"، إن عبور القناة في السادس من أكتوبر منذ 50 عامًا، سبقته حرب "الألف يوم" كما أطلق عليها بعض الإسرائيليين. و"الاستنزاف" هو مصطلح أطلقه الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر، على الحرب التي اندلعت بين مصر وإسرائيل على ضفتي قناة السويس.

 

وبدأت أحداثها، وهي الشرارة الأولى لحرب الاستنزاف، عندما تقدمت المدرعات الإسرائيلية صوب مدينة بورفؤاد بهدف احتلالها يوم 1 يوليو، 1967، فتصدت لها قوة من الصاعقة المصرية بنجاح فيما عرف بمعركة "رأس العش". 

 

وفي نفس الشهر وخلال يومي 14 و15 يوليو 1967، نفذت القوات الجوية المصرية طلعات هجومية جريئة ضد القوات الإسرائيلية في سيناء، أحدثت فيها خسائر فادحة، بل أدت إلى فرار بعض من الأفراد الإسرائيليين من مواقعها. ومن هنا زادت الثقة لدى المقاتلين في قواتهم الجوية بعد هذه العملية الناجحة.

 

وكما يقول لواء عادل الخولي: إن العدو لم يرتح نهائيا منذ 1967، حيث تصاعدت العمليات العسكرية من معارك مدفعية وغيرها على كافة المستويات برا وبحرا وجوا، خلال الأشهر التالية خاصة بعد مساندة العرب لدول المواجهة أثناء مؤتمر القمة العربية في الخرطوم، ورفض إسرائيل قرار مجلس الأمن 242 الداعي لانسحاب إسرائيل من الأراضي العربية التي احتلتها عقب انتصارها الخاطف على العرب خلال حرب يونيو. 

 

 

واستمرت الحرب لنحو ثلاث سنوات، وخلالها استهدفت غارات سلاح الجو الإسرائيلي المدنيين المصريين، أملا في إخضاع القيادة السياسية المصرية، مستخدمين في ذلك مقاتلات الفانتوم الأمريكية الحديثة.

 

وكما يقول لواء عادل الخولي: تعد حرب الاستنزاف أطول الحروب بين العرب وإسرائيل، وهي أول صراع مسلح تضطر إسرائيل فيه إلى الاحتفاظ بنسبة تعبئة عالية ولمدة طويلة، وهو ما ترك آثاره السلبية على معنويات الشعب الإسرائيلي واقتصاد الدولة، خاصة أن قادة إسرائيل كانوا قد سبق لهم الإعلان للإسرائيليين أن حرب 67 هي آخر الحروب. ونشرت المجلة العسكرية لجيش الدفاع الإسرائيلي أن القوات الإسرائيلية فقدت خلال حرب الاستنزاف أربعين طيارا و827 فردا في القوات البرية و3141 ما بين جريح وأسير، وفي المجال الاقتصادي زاد حجم الإنفاق العسكري بما مقداره 300% تحملها أفراد الشعب الإسرائيلي حيث بلغ نصيب الفرد 417 دولارا في عام 1970 بينما كان 168 دولارا في عام 1966.

 

ولواء طيار عادل الخولي، تدرج في المناصب خلال فترة وجيزة، منها على سبيل المثال لا الحصر، تخرج برتبة الملازم طيار في الأول من إبريل 1968 وكان أول الدفعة والتحق بوحدة تدريب السوخوي 7 "طائرة مقاتلة قاذفة أسرع من ضعف سرعة الصوت"، وتم تشكيل السرب 72، ثم التحق باللواء الجوي 102 مقاتلات تحت قيادة عقيد طيار نبيل فريد شكري. كما التحق بالسرب 27 مقاتلات دفاع جوي ضمن اللواء الجوي 102 تحت قيادة رائد طيار محمد كمال الصاوي.

 

وانتهى من فرقة التحويل على الميج 21 في حدود 20 يوما وبدأ مرحلة جديدة، كقائد تشكيل جوي ميج 21 مقاتلات دفاع جوي.

 

 

 ويقول أنه اعتبارا من 8 مارس 1996 حتى 8 أغسطس 1970، كان له شرف الاشتراك اليومي في الجزء الأكبر من الطلعات التي أغارت على العدو خلال حرب الاستنزاف، من أول طلعة وحتى آخر طلعة رغم التفوق الجوي الساحق للعدو.

 

 

ويضيف عادل الخولي قائلا: "كنا نقوم بما يشبه حرب العصابات من تحت ذقن الدفاع الجوي الإسرائيلي، ولم نترك شيئا شرق قناة السويس وسيناء إلا وضربناه وبدقة عالية للغاية بعون الله عز وجل، حيث كان كل موقع يضرب إما بطائرتين أو أربع، وبكل طائرة سوخوي 4 قنابل 500 كجم للواحدة، أي 2 طن للطائرة الواحدة، وبالتالي يصاب الموقع الواحد من 4 إلى 8 طن قنابل حسب حجمه وأهميته وتحصينه ولا يمكن تخيل النتيجة حيث جميع هذه القنابل تلقى في ثانية واحدة".

 

 

ويذكر "الخولي"، أن من المفارقات أنه في أول طلعة له وجد أحد الفنيين للتسليح يكتب على زعنفة قنبلة رسالة تهديد ووعيد للإسرائيليين، حيث غالبية القنابل بعد انفجارها تكون زعانفها سليمة فما كان منه إلا أن أخذ منه القلم وكتب “ربي أسألك إرسال هذه لقلب أعدائك”، وبالتالي كتبها الفنيون على باقي القنابل وبحمد الله وعونه، تم إرسال جميع قنابلنا لوسط الأهداف المحددة وبدقة منقطعة النظير.

 

 

ويستطرد لواء عادل الخولي، الشاهد على العصر قائلا: "القيادة العامة للقوات المسلحة المصرية استطاعت من خلال عمليات الاستنزاف التعرف على كل قدرات وإمكانات العدو في مختلف الأسلحة سواء الجوية أو البرية أو البحرية والمدرعات والمدفعية ووسائل الدفاع الجوي.. وهو ما مكن القوات المصرية من تطوير أداء ومعدلات السلاح الذي تملكه، فكانت المفاجأة الكبري التي أذهلت العالم في أكتوبر 1973= نتائج حرب الاستنزاف".

 

 

ويؤكد أن مرحلة التحدي والردع في حرب الاستنزاف تضمنت استخدام المقاتلات القاذفة السوخوي 7 والميج 17، في ضرب كل ما هو للعدو بشرق قناة السويس من مواقع حصينة ومراكز قيادة وسيطرة ومنظومات دفاع جوي ومراكز استطلاع إلكترونية.

 

 

وفي 7 أغسطس، 1970 انتهت المواجهات بقرار الرئيس عبد الناصر والملك حسين قبول "مبادرة روجرز" لوقف إطلاق النار. ولم تؤد الحرب إلى أي تغييرات في خطوات وقف إطلاق النار، ولم تنجح كذلك المساعي الهادفة للتوصل إلى تسوية سلمية بسبب التعنت الإسرائيلي، وإنما سادت حالة من اللاسلم واللاحرب، والتي أدت بدورها إلى نشوب حرب أكتوبر بعد ثلاث سنوات.

 

 

ويقول لواء طيار عادل: "انتهت حرب الاستنزاف في 8 أغسطس 1970 وقد كان آخر يوم حافل حيث تم ضرب عدد غير اعتيادي من الأهداف بطائراتنا، قبل حلول توقيت وقف إطلاق النيران، ومن هذه الأهداف مستودع رئيس للوقود تم إخفاؤه بعناية فائقة، إلا أن الطيارين المصريين اكتشفوه وضربوه، بآخر طلعة، في آخر ضوء، في وسط سيناء حيث ارتفعت النيران لعنان السماء، وكانت مرئية من قاعدة بلبيس الجوية، أي من مسافة نحو 150 كم. وتم حمد الله سبحانه وتعالى، على هدية آخر دقيقة، بفضل فريق متكامل من طيارين وأطقم أرضية ومنظومة توجيه وقيادة وسيطرة ودعم فني ولوجستي وتعاون مع كافة عناصر الدفاع الجوي.

 

 

أولستم تتفقون معي، أن أجيالنا الجديدة من حقها علينا جميعا، أن يعلموا بطولات أبنائنا على مر الزمان والحروب التي خاضوها، والإصرار والعزيمة على النصر، حتى يكون ذلك نبراسا وقدوة لهم في حياتهم، للحفاظ على بلادهم وعدم التفريط في أي شبر منها، والعمل على النماء والتنمية بكل قوة وعزيمة!

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز