أسعار الذهب في مصر تستيجب لتحركات الأونصة العالمية
سلوي عثمان
تراجعت أسعار الذهب اليوم الخميس للجلسة الثالثة على التوالي، وذلك في ظل ارتفاع مستويات الدولار وعوائد السندات الأمريكية عقب اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي يوم أمس، والذي أشار خلاله إلى إمكانية رفع الفائدة من جديد خلال عام 2023، كما قلص فرص تخفيف السياسة النقدية وخفض الفائدة في 2024.
تتداول أسعار الذهب الفورية اليوم الخميس وقت كتابة التقرير الفني لجولد بيليون عند المستوى 1922 دولارا للأونصة منخفض بنسبة 0.2% ، يأتي هذا بعد أن سجل أعلى مستوى منذ الأول من سبتمبر خلال جلسة الأمس عند 1947 دولارا للأونصة قبل أن يغلق جلسة الأمس منخفض بنسبة 0.1%.
كانت أسعار الذهب ارتفعت أمس مقترباً من مستوى المقاومة النفسي 1950 دولارا للأونصة بمجرد صدور قرار البنك الفيدرالي بتثبيت أسعار الفائدة عند النطاق بين 5.25% - 5.50% كما كان متوقعا بشكل كبير في الأسواق، قبل أن تبدأ عمليات البيع في السيطرة على المعدن النفيس بعد صدور توقعات البنك الفيدرالي وحديث رئيس البنك جيروم باول في المؤتمر الصحفي عقب الاجتماع.
أظهر البنك الفيدرالي أن أسعار الفائدة ستستمر عند مستوياتها المرتفعة لفترة أطول من الوقت، وأشارت التوقعات إلى تخفيضات أقل في الفائدة في عام 2024 مقارنة مع التوقعات السابقة، وحذر رئيس الفيدرالي أن الارتفاعات الأخيرة في معدلات التضخم ومرونة سوق العمل تمنح البنك الفيدرالي مساحة أكبر لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة.
كما أشار جيروم باول إلى إمكانية رفع أسعار الفائدة مرة أخرى على الأقل هذا العام، ليتخذ حديثه لهجة متشددة أكثر بكثير من توقعات الأسواق، حيث قلل من احتمالية حدوث ركود في الولايات المتحدة في ظل استمرار مرونة الاقتصاد الأمريكي وهو السيناريو الذي ينذر بضعف في الطلب على الذهب كملاذ آمن.
وتتوقع جولد بيليون أن يكون احتمال إبقاء أسعار الفائدة الأمريكية مرتفعة لفترة أطول هو الضاغط الرئيسي على الذهب في الأشهر المقبلة، بالنظر إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة يؤدي إلى ارتفاع تكلفة الفرصة البديلة للاستثمار في الأصول غير ذات العائد مثل الذهب. أما عن توقعات أعضاء البنك الاحتياطي الفيدرالي المعروفة باسم (Dot Plot) والتي تتم كل 3 أشهر، فقد أشارت إلى ارتفاع الفائدة بنسبة 5.6% خلال عام 2023 ما ينذر برفع جديد للفائدة خلال المتبقي من العام الجاري. وأشار إلى تراجع الفائدة إلى 5.1% في عام 2024 أي ما يعادل خفضين فقط في الفائدة خلال 2024، وذلك بعد أن كانت الأسواق تسعر 4 مرات من خفض الفائدة خلال العام المقبل.
الذهب يتعرض للضغط
وذكر تقرير جولد بيليون أن ارتفاع مؤشر الدولار الذي يقيس أداؤه مقابل سلة من 6 عملات رئيسية خلال جلسة اليوم الخميس ليسجل أعلى مستوى جديد منذ 6 أشهر مخترقاً المستوى 105، وذلك بعد أن ارتفع يوم أمس بنسبة 0.2% يخلق مزيد من الضغط على الذهب كما ارتفع العائد على السندات الحكومية الأمريكية لأجل 10 سنوات ليسجل أعلى مستوى منذ أكتوبر 2007 عند 4.448%، كما ارتفع العائد على السندات لأجل عامين إلى أعلى مستوى في 17 عاما عند 5.202%.
تأكيد البنك الفيدرالي على استمرار سياسة التشديد النقدي حتى الوصول إلى مستهدف التضخم 2% والذي من المتوقع أن يستمر حتى عام 2026، بالإضافة إلى إشارة رئيس البنك باول بإمكانية رفع الفائدة مرة أخرى هذا العام وتقليل فرص خفض الفائدة في 2024، عمل على دعم أسواق السندات بشكل كبير الأمر الذي انعكس بشكل إيجابي على العائد. ارتفاع عوائد السندات يزيد من جاذبية أسواق السندات للمستثمرين مقارنة مع الذهب الذي لا يقدم عائد لحائزيه، هذا بالإضافة إلى ارتفاع مستويات الدولار الأمريكي، الأمر الذي يضغط بشكل سلبي على أسعار الذهب بسبب العلاقة العكسية التي تربط بينهما، منذ كون الذهب سلعة تسعر بالدولار.
وضع الذهب العالمي بعد اجتماع الفيدرالي التأثير اللحظي لاجتماع الفيدرالي أمس على الذهب كان إيجابي ودفع الأسعار إلى المستوى 1947 دولارا للأونصة وهي تمثل مناطق المستوى النفسي 1950 دولارا للأونصة، وذلك قبل أن يعود إلى الهبوط بعد صدور تصريحات رئيس البنك.
الآن أصبحت الصورة سلبية بشكل كبير على مستقبل الذهب على المدى المتوسط خلال الأشهر القادمة، مع توقعات برفع جديد للفائدة في نوفمبر القادم إلى جانب استمرار الفائدة عند أعلى مستوياتها منذ أكثر من 20 عاما لما بعد منتصف عام 2024 كما تشير التوقعات.
وأكد تقرير جولد بيليون أن استمرار الفائدة عند مستوياتها المرتفعة يعد سيناريو سلبيا بالنسبة للذهب بسبب تكلفة الفرصة البديلة منذ كون الذهب لا يقدم عائد لحائزيه، وعلى المدى القصير قد نشهد استمرار الذهب في التراجع وصولا لمستويات 1910 ومن بعدها المستوى النفسي 1900 دولار للأونصة، والذي سيحدد مصير الذهب سواء الارتداد لأعلى أو التوسع في الهبوط.
من جهة أخرى نجد أن البنك الفيدرالي قد كرر في بيانه إلى استمرار اعتماد قرارات البنك على البيانات الاقتصادية، وهو ما يعطي الذهب فرصة للتذبذب وفقاً للبيانات التي تصدر بشكل دوري، ولكن بشكل عام سيظل هناك ضغط سلبي للأسباب السابق ذكرها.
أسعار الذهب في مصر
أظهر الذهب في مصر استجابة للتغيرات في أسعار الذهب العالمي خلال جلسة اليوم، وذلك عقب اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي تسبب في تحركات كبيرة في سوق الذهب، ولكن في نهاية الأمر عاد الذهب إلى مستوياته السابقة ليسيطر التذبذب على تحركاته من جديد.
افتتح الذهب المحلي عيار 21 الأكثر شيوعاً جلسة اليوم الخميس عند المستوى 2225 جنيها للجرام، يأتي هذا بعد أن سجل الذهب أعلى مستوى خلال جلسة الأمس عند 2250 جنيها للجرام قبل أن يعود إلى التراجع عند نهاية الجلسة ويغلق عند المستوى 2230 جنيها للجرام ليسجل ارتفاع بمقدار 20 جنيها للجرام مقارنة مع سعر افتتاح جلسة الأمس عند 2210 جنيهات للجرام.
ارتفاع سعر الذهب وتراجعه أمس يأتي بالتزامن مع حركة الذهب العالمي، ولكن في النهاية عاد الذهب إلى نفس مستويات التذبذب تحت المستوى 2225 جنيها للجرام، حيث يسيطر الحذر على السوق المحلي اليوم قبل اجتماع البنك المركزي المصري. التوقعات متضاربة بشأن قرار البنك المركزي المصري اليوم وذلك في ظل معدلات التضخم القياسية الناتجة عن تراجع قيمة الجنيه، ولكن تميل كفة التوقعات إلى تثبيت البنك المركزي المصري لأسعار الفائدة خلال اجتماعه اليوم.
البنك المركزي المصري رفع أسعار الفائدة بمقدار 100 نقطة أساس إلى 19.25% في أغسطس الماضي، وبذلك يكون البنك قد رفع الفائدة بمقدار 1100 نقطة منذ مارس 2022 عندما بدأ البنك في خفض سعر صرف الجنيه المصري.
يأتي هذا الترقب في السوق المحلي في ظل عدم حدوث مراجعة صندوق النقد الدولي الأولى لبرنامجه لإقراض مصر 3 مليارات دولار حتى الآن، بعد أن كانت توقعات كثيرة تشير إلى حدوثه منتصف شهر سبتمبر الجاري.
كانت التوقعات تشير أيضاً إلى حدوث تعويم أو خفض في سعر صرف الجنيه مقابل الدولار تزامناً مع مراجعة الصندوق، ولكن هذا القرار أيضاً لم يتم حتى الآن ولم تصدر تصريحات رسمية سواء من المركزي المصري أو الحكومة المصرية بشأن مستقبل مراجعة صندوق النقد أو تعويم سعر الصرف.
ويؤكد تقرير جولد بيليون أن الطلب في سوق الذهب شهد تراجعا خلال الفترة الأخيرة، وهو ما تسبب في تذبذب حركة السعر وتحركه في نطاقات ضيقة خلال الفترة الأخيرة.
هذا وقد كشف الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن الواردات الإجمالية من أشكال خام الذهب قد وصلت إلى 443 ألف دولار فقط خلال شهر يونيو 2023 الماضي، مقارنة مع نفس الشهر من عام 2022 الذي سجل 9 ملايين و115 ألف دولار وأن هناك تراجعا ملحوظا في واردات مصر من أشكال الذهب بلغت قيمته 8 ملايين و672 ألف دولار خلال شهر واحد فقط.