

عبدالله حسن
أشرف مروان بطل مصري أصيل
ونحن نستعد هذه الأيام للاحتفال بمرور خمسين عاما على انتصارات أكتوبر المجيدة التي حطم فيها الجيش المصري الأكاذيب التي حاولت إسرائيل ترويجها بعد حرب ٦٧ بأن جيشها لا يقهر، نجد أن إسرائيل تحاول دائما تشويه انتصاراتنا في حرب أكتوبر والتقليل منها وتزعم أنها هي التي انتصرت بالثغرة التي أحدثتها بعد أسبوعين من اندلاع المعارك علي الجبهتين المصرية والسورية ،وتتحرك آلتها الإعلامية في عدة اتجاهات وزعمت هذه المرة أنها كشفت بعض أسرار مذكرات رئيسة الوزراء الإسرائيلية خلال الحرب جولدا مائير أكدت فيها أن أشرف مروان زوج بنت الرئيس جمال عبد الناصر والذي عينه الرئيس أنور السادات سكرتيرا له للمعلومات فور توليه الرئاسة عام ١٩٧٠ كان عميلا لإسرائيل وأنه زودهم بمعلومات مهمة خلال ثلاث سنوات وكان آخرها أنه طلب لقاء مدير المخابرات الإسرائيلية في لندن مساء الجمعة ٤ يونيو لأمر مهم وعاجل وأبلغه بأن الجيشين المصري والسوري سيقومان بالهجوم علي جبهة قناة السويس والجولان يوم السبت السادس من أكتوبر مع آخر ضوء في الساعة السادسة بعد الظهر، وقالت إن معلومات المخابرات الإسرائيلية بعد استطلاع الجبهتين أكدت أن الهدوء يسودهما ولا توجد أي مظاهر لتحركات عسكرية وأنهم سيستدعون قوات الإحتياط تحسبا لأي طوارئ وفوجئوا بأن المعارك بدأت بالفعل لكن في الساعة الثانية ظهرا وقالت إن مروان خدعنا، ومع ذلك ما زالت بعض الدوائر الإسرائيلية مصممة منذ عدة سنوات على ترويج شائعة أنه كان جاسوسا لهم.
والحقيقة أن أشرف مروان قام بدور مهم جدا في خداع إسرائيل وأنه كان جزء من خطة خداع كبرى أدارها الرئيس أنور السادات بنفسه علي عدة مستويات وأدي دوره فيها ببراعة واستطاع إقناعهم بأنه بحكم عمله إلي جانب الرئيس السادات يطلع علي كل المعلومات المهمة واعتبروه كنزا ثمينا ومصدر ثقة لهم.
وفي خطاب النصر الذي القاه الرئيس السادات في مجلس الشعب يوم ١٦ أكتوبر أثناء العمليات قال إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة علي أي مقياس عسكري وحين أصدرت لها الأمر لأن ترد علي استفزاز العدو وتكبح جماح غروره أخذت بيدها زمام المبادأة وحققت المفاجأة وتمكنت من اقتحام مانع قناة السويس المائي واجتياح خط بارليف المنيع وأقامت رؤوس جسور لها علي الضفة الشرقية للقناة بعد أن أفقدت العدو توازنه في ست ساعات.
وبعد انتهاء الحرب كرم الرئيس السادات القادة الأبطال الذين خططوا للحرب وحققوا النصر ومنحهم الأوسمة والنياشين وكرم أشرف مروان ومنحه وسام الجمهورية وعينه رئيسا للهيئة العربية للتصنيع التي تضم وزراء الدفاع في مصر والسعودية والإمارات وقطر تقديرا لدوره الوطني في حرب أكتوبر.
والسؤال الذي يطرح نفسه الآن ماذا لو أن أشرف مروان كان جاسوسا بالفعل (وهذا مستبعد تماما)، وأبلغ الإسرائيليين بموعد بدء العمليات بدقة وهو كان يعلمه ماذا كانت النتيجة في هذه الحالة ؟ ولكنه قام بدوره علي الوجه الأكمل ودفع حياته ثمنا لهذا الموقف حيث قتل في لندن بعد ٣٤ عاما من الحرب بعد أن أعلن أنه بصدد كتابة مذكراته ويكشف فيها تفاصيل الخدعة الكبري وكيف استطاع أن يخدع الإسرائيليين حتي انطلقت أكثر من مائتي طائرة من القوات الجوية المصرية في ظهر السادس من أكتوبر إلي قلب سيناء وقصفت مراكز القيادة والسيطرة والتشويش التي أقامتها إسرائيل في مناطق أم خشيب وأم مرجم وحطمتها وفتحت الطريق أمام آلاف الضباط والجنود ليقتحموا قناة السويس وخط بارليف ويعبر أكثر من ٥٠ ألف ضابط وجندي مصري باسلحتهم إلى شرق القناة في ست ساعات ويعزفوا سيمفونية النصر الكبير.