إنقاذ الطفل من الموت المحقق بعد ٣٠ جرعة من مصل الثعبان
إنقاذ طفل تعرض لدغة ثعبان كوبرا الطريشة بالبحيرة
محمد البربرى
عندما رأى أهل الطفل الذي لم يتجاوز العامين، ما أصاب طفلهم من لدغ كوبرا "الطريشة" له، أصيبوا جميعًا بالعر والهلع خوفًا من فقدانه، وحمله الأهالي وسارعوا به للمستشفى لمحاولة إنقاذه، ولم تكن الثواني تمضي، بل كأن الزمن توقف، أو أصابه عَطبٌ وسكون.. فكانت الثواني والدقائق تمر عصيبةً عليهم كأنها الدهر كله، وهم يَعْدُون في مضمار الخوف والهلع، ويتسابقون مع الزمن للوصول للمستشفى، فكانت المسافة من منزلهم بقرية ندبية التابعة لمركز دمنهور، وصولاً لمستشفى حميات دمنهور، أشبه بالمسافة بين الأرض والقمر، من إحساسهم بأن الوقت لا يمضي، وأنها بعيدةٌ جدًا، حتى وصلوا إليها وهم يحملون الصغير، ويلهثون به مرورًا من باب المستشفى، متلهفين الوصول إلى الاستقبال، وهم ينظرون إليه بحسرةٍ وألم، خوفًا من المصير المجهول، والفاجعة المؤلمة.
واستقبل الأطباء الطفل، بعد مرور أكثر من نصف ساعة على تعرضه للدغ الكوبرا، وتم حجز الطفل بالاستقبال، وعلى الفور تم التعامل مع الحالة، حيث قام الأطباء بإجراء التعليمات والبروتوكول المتبع من وزارة الصحة، وإعطائه العلاج اللازم، وعمل التحاليل اللازمة، وتم سحب كافة التحاليل الطبية حسب البروتوكول من غازات بالدم وسيوله وصوره دم ووظائف كلى.
وفوجئ الأطباء بتوقف عضلة القلب، وهنا ظهرت ملحمة بطولية جسدها الدكتور محمد صلاح، الذي لم ييأس، وقام بعمل انعاش قلبي رئوي، وتركيب أنبوبة حنجريه، ليعود قلب الطفل للنبض من جديد، وقام الدكتور محمود الغنام مدير المستشفى، بالتواصل الدائم طوال الليل مع المسؤولين بالمديرية لتوفير المصل اللازم، كذلك قام بفتح قناة اتصال مع أساتذة السموم بجامعة الإسكندرية، ليستفيد من خبرتهم، وعندما أرسل لهم صورة للثعبان بعدما قام أهل الطفل بقتله، أفاد أساتذة السموم بأن هذا ثعبان كوبرا، وتم التعامل مع الطفل وإعطائه المصل اللازم حسب تلك المعلومة، حيث تم إعطاؤه "٢٠ " جرعة من مصل الثعبان، وبفضل الله استقرت حالة الطفل، وعندها تنفس الجميع الصعداء، وتم التنسيق الفوري مع مركز السموم بمستشفى آيتاي البارود، لنقل الطفل اليهم ليستكمل العلاج بوحدة السموم.
وتم استقبال الطفل بمستشفى آيتاي البارود، يعاني من هبوط حاد في الدورة الدموية، وتدهورت حالته بشدة، وجرى التعامل مع الحالة وفق البروتوكولات العلمية، وحجزها بوحدة السموم ووضعها على جهاز التنفس الصناعي، وقام الفريق الطبي بإعطائه "١٠ " جرعات إضافية من مصل الثعبان، مع المتابعة المستمرة والدقيقة للحالة يوميًا، تحت إشراف الدكتورة رباب بركات، رئيس وحدة السموم بالمستشفى، حتى استقرت حالته وغادر المستشفى بصحبة أهله، وسط فرحة عارمة بسلامة الشفاء والرجوع للمنزل بعد تلك المعاناة الرهيبة التي عاشوها خلال تلك الفترة.
وأشاد الدكتور هاني جميعه وكيل وزارة الصحة بالبحيرة بجهود ونجاح الفريق الطبي المشارك في إنقاذ هذا الصغير، وعلى سرعة ما تم من إجراءات طبية ساعدت على إنقاذه، مؤكدا أن ذلك يأتي في إطار اهتمام الدولة المصرية بتطوير المنظومة الصحية والعلاجية لتقديم خدمات طبية متميزة.
وأعرب وكيل الوزارة عن شكره وتقديره للفريق الطبي بحميات دمنهور ومستشفى آيتاي البارود، وفريق التمريض، وكافة الفنيين والعاملين بهما، تقديرا لمجهوداتهم ودورهم الكبير في تقديم خدمة طبية ذات جودة تليق بالمواطن المصري، وقدم الشكر للدكتور محمود الغنام والدكتور رضا بكر مديري المستشفيين.
كما أكد الدكتور حمودة الجزار وكيل المديرية أن ذلك يأتي في إطار التطوير المستمر للخدمات الصحية المقدمة لأهالي البحيرة وتذليل كافة العقبات أمام الحالات الحرجة والطارئة، مهما كانت من أجل تقديم خدمة طبية جيدة بمستشفيات البحيرة.