عاجل
السبت 31 أغسطس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
البنك الاهلي
العاشق الهارب!

العاشق الهارب!

فاجأني الإعلامي الكويتي أحمد الجارالله، ومدير مكتب جريدة السياسة في المغرب الصحفي الراحل رمزي صوفيا- طيب الله ثراه- أثناء إقامتي بالدار البيضاء؛ بدعوتهما للموسيقار بليغ حمدي، الذي كان يقيم وقتها في باريس، لم أكن التقيت به لسنوات بعد قصته الشهيرة مع المطربة المغربية سميرة مليان، لقد جمعتني صداقة بالملحن المبدع، حين قدمني له زميلي الخطاط محمد حمزة الذي كان يعمل مساعدًا لخطاط روزاليوسف الشهير "أبو شنب"، عند بداياته في تأليف الأغاني، والذي احتضنه فيها بليغ.   كان اللقاء الأول في منزل الملكة فريدة بالهرم، الذي استأجره منها وقتها الأمير خالد بن سعود، الذي عشق الشعر العربي، وكتب فيه بعضًا من قصائده التي تمنى أن تلحن وتغني، التقينا عنده أنا وحمزة للاتفاق على طباعة أشعاره في كتاب يحمل عنوان "حبيبتي من أنا" ثم انضم الينا بليغ في المساء وجلسنا في حديقة القصر، تعارفنا، جذبني إليه رهافته، عاشق متطلع إلى حبِّ، جائع إلى حنان لا يجده، تتعاطف معه، وترثى له، رغم ما ردده البعض عنه أنه فنان متحرر منفلت يعيش مثلما يشاء، يفعل ما يشاء وقتما شاء. 



 

 

قرأ الأمير إحدى قصائده وتبادل مع حمزة إلقاء باقي الأشعار، اختار بليغ قصيدة من الديوان عنوان المجموعة ووعد بتلحينها، كان بليغ، بحكم عمله، وعادة العاملين في الوسط الفني، كائنًا ليليًا ينام نهارًا ويبدأ عمله في المساء.

 

تكررت لقاءتي معه في صحبة حمزة، وكانت زيارتي الأولى لبيروت مع بليغ وحمزة أثناء تصوير عبد الحليم حافظ فيلم "أبى فوق الشجرة"، الذي دار الكثير من أحداثه في فندق الكارلتون الشهير بالروشة "قصة حكيتها في مقالات غربتي الأولى"، واستمرت لقاءاتي به في القاهرة على فترات متباعدة لتعثر اللقاء في مواعيد تناسبني، إلى أن حدث ما حدث واتهامه بمقتل سميرة مليان، المطربة المغربية الشابة، التي طالما حلمت بالغناء والشهرة، لكن أسرتها رفضت تلك الأماني والأحلام، وأصرت على زواجها في سن الخامسة عشرة، لتتخلص من أحلام الابنة الصغيرة. 

 

 

حصلت سميرة مليان على الطلاق من زوجها ثم سافرت إلى فرنسا، وهناك بدأت تحتك بالعرب المُقيمين هناك وتُغني في الحفلات التي تُقام بصفة شبه دائمة، إلى أن أقنعها البعض بالسفر إلى مصر للحصول على ما تتمناه من شهرة ونجومية.

 

وقد كان، فقد زاره صديق له من المملكة العربية السعودية يعمل في سلك رجال الأعمال، وكانت معه الفتاة المغربية سميرة مليان، وتبناها بليغ فنيًا، وفي واحدة من الحفلات الموسيقية التي كان ينظمها بليغ حمدي لضيوفه من الأصدقاء والمشاهير في عالم الفن، قدم بليغ سميرة ثم أخبر الجميع برغبته الشديدة في النوم، كان الأمر غريبًا ومُدهشًا، على الأقل بالنسبة للذين يعرفون بليغ جيدًا وشغفه بالفن، فمهما حدث لن يترك بليغ حفلة كهذه ويذهب للنوم، كما أن الحفلة تقام في منزله، ويقال إنه نام لساعة واحدة فقط، ثم خرج أمام الجميع فزعًا أمام صريخ الحضور- لقد عُثر على جثة سميرة مليان- تحت شرفة بليغ حمدي.

 

وفى رواية أخرى يرويها الصحفي العراقي رمزي صوفيا في مقال له بجريدة "الأسبوع الصحفي" "زار بليغ صديق له من المملكة العربية السعودية يعمل في سلك رجال الأعمال، وكانت معه فتاة مغربية بدأت مسيرتها الفنية تدعى سميرة مليان، ومن فرط الثقة التي كان بليغ يكنها لصديقه السعودي، تركه في شقته مع الفتاة وحدهما، فحدث ما لم يكن في الحسبان، حيث فوجئ بليغ عند عودته في الفجر من الحفل الذي كان مدعوًا له، ليجد جمعًا غفيرًا من رجال الشرطة والناس أمام العمارة، وعندما سأل عن السبب وجد رجال الأمن يلقون عليه القبض، وهم يقولون له بأن فتاة شابة سقطت من نافذة شقته وإنها توفيت قبل وصولها إلى المستشفى. 

 

 

هكذا لاقى بليغ حمدي بسبب هروب السعودي في الصباح مشاكل كثيرة، فتدخل عدد كبير من معارفه ليغادر السجن بكفالة، وبمجرد خروجه من الزنزانة امتطى أول طائرة متوجهة صوب باريس".

 

 

كنت مشتاقًا للقاء الجانب المرهف، من بليغ ذي العاطفة والمشاعر الجياشة، والابتسامة الساحرة، بدأت سهرتنا في "بنتهاوس Penthouse" أحمد الجارالله، ببنايات روماندي ببولفار آنفا بالدار البيضاء، في حضور بعض نجوم الإعلام الصحفي وأساطين الغناء المغربي، ومواهب جديدة تبحث عن النجومية، آملين أن يكتشف الملحن المصري الشهير مواهبهم، وهو الذي صنع أمجاد مطربين كبار كعبد الحليم حافظ وميادة الحناوي ووردة وشادية ونجاة الصغيرة، وغيرهم كثيرون، كان عود بليغ نجم الحفل بدأ بالدندنة ثم صدح بالغناء ومعه جوقة من الطامحات في الشهرة، منهم فتاة جميلة اقتربت به منذ بداية السهرة، التصقت بردائها بلون الوجد مسعورًا، ويبدو أن بليغ انجذب للفتاة، ظلوا طوال الليل في همس وحنان، ونغمة حوار، ودفء يبدو عاطفيًا. 

 

 

انتهت السهرة على أعتاب الصباح ذهب كل واحد في حال سبيله، عاد بليغ لفندقه، ورمزي صوفيا لسكنه بنفس المجمع السكني "روماندي"، وبقيت أنا والجارالله الذي استودعني لأنه كان عائدًا إلى الكويت بعد انتهاء حفله في الصباح الباكر، وكنت أقيم في منزله العامر اثناء تواجدي بالمغرب، غمرني النوم بعد يوم اضطربت فيه بيولوجية ساعات نومي، غرقت في نوم عميق، فجأة يدق باب غرفة نومي لتوقظني "مليكة" مدبرة منزل الجارالله لتخبرني أن هناك امرأة باكية شاكية تطلب الأستاذ، وكان من واجبي مقابلتها، فصاحب الدار متغيب، ومن الواجب المساعدة، والإنابة عنه إذا أمكن، وكانت الفتاة الشاكية المطربة الناشئة المنجذبة لبليغ، الساهرة إلى جانبه في عتمة الليل، حيث لا نهاية لوعود المساء، عرفت منها سر الهمس والحوار الحنون والدفء العاطفي طوال الليل، فقد عرض عليها بليغ الزواج وفي الفور وافقت، واتفقوا على اللقاء في فندقه لعقد الزواج، وبالطبع لم تجده فقد سافر بليغ عائدًا إلى باريس.

 

 

لم تكن المرة الأولى، فقد كان له قصة حب مع المغربية سميرة سعيد انتهت بمأساة، فبعد زواج فاشل من المطربة وردة، بعد أن سمعت عن علاقة ربطت ببليغ حمدي وسميرة، فنفرت وردة منه إلى الأبد. 

 

 

انطلقت الأحاديث في الوسط الفني، حينها، حول علاقة حب ربطت بين بليغ وسميرة، ولم يكذب الاثنان هذه الشائعة بل أثبتها بليغ بعد طلاقه من وردة حيث سافر إلى المغرب وتقدم إلى عائلة سميرة طالبا يد ابنتهم بشكل رسمي.

 

 

وهكذا بدأت الاستعدادات لدى عائلة سميرة في الرباط لإقامة حفل زفاف يليق بها، ولكن في ليلة حفل الزفاف حضر الجميع من أهل وأقارب، وشخصيات كبيرة في المغرب ليكتشفوا أن العريس تخلف عن حضور حفل زفافه من عروسه سميرة، وبعد السؤال عنه علموا بأنه جاء فعلا إلى المغرب، ولكنه امتطى طائرة عائدة نحو القاهرة في الليلة نفسها، تاركا سميرة وعائلتها في حرج هائل مع ضيوف الحفل.

 

وتستمر حكاوى الفن وفناني مصر والمغرب في "أنا والمغرب وهواك".   

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز