عاجل
الخميس 12 ديسمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
يوم افريقيا
البنك الاهلي
يوم إفريقيا.. حسم خلافات نشأة الوحدة “3-2”

يوم إفريقيا.. حسم خلافات نشأة الوحدة “3-2”

كانت القاهرة تعج بالمؤتمرات الثورية لقوى التحرر الإفريقي نهاية الخمسينيات، وبداية الستينيات من القرن العشرين، بينما كانت الدول المستقلة حديثًا، قد اشتعل بينها الخلاف حول طبيعة التعاون والوحدة الإفريقية في مواجهة التحديات.



 

فيما كانت القاهرة تعج بالمؤتمرات الثورية، لقوى التحرر، فقد استضافت مصر مؤتمر الشعوب الإفريقية الثالث والأهم، من 25 - 30 مارس 1961، بحضور 300 مندوب يمثلون مختلف شعوب القارة الإفريقية، فضلًا على مشاركة معظم قادة دول القارة الإفريقية في أعماله، مصدرًا توصيات بالغة الأهمية وتعكس وعي إفريقي بطبيعة التحديات والأساليب الاستعمارية.

 

فصدرت عنه توصيات الأولى تتعلق بالاستعمار الجديد، فاستنكر المجتمعون كل الأساليب الاستعمارية، بما في ذلك الاتحادات الفيدرالية، والمجموعات الناشئة، تحت رعاية الدول الاستعمارية. لينتقل إلى المطالبة بتصفية كل القواعد العسكرية الاستعمارية، في أي بلد إفريقي.. داعيًا إلى التعاون بين الدول الإفريقية المستقلة بعضها مع بعض، في كل الميادين الاقتصادية والثقافية، رغبة من الشعوب الإفريقية في الانطلاق نحو الوحدة.

 

والأهم الدعوة لإنشاء عدة أجهزة إفريقية تُسهم في تحقيق ذلك، من خلال مجلس تنسيق السياسات الإفريقية.

 

وعلى المستوى الرسمي، كانت هناك مؤتمرات للحكومات، وانقسمت رؤى الدول الإفريقية حول طبيعة الوحدة بين تيارين، الأول يتزعمه نكروما رئيس دولة غانا، والثاني مجموعة الدول التي استقلت عن الاستعمار الفرنسي مجموعة "روزفلت".

 

ففي مؤتمر أديس أبابا 1963 للدول الإفريقية المستقلة وقف نكروما خطيبًا قال: "هدفنا اتحاد إفريقي الآن ليس لدينا وقت نضيعه.. إما أن نتحد أو نهلك". 

 

كان نكروما يرى أن الوحدة يجب أن تكون سياسية في صورة ولايات متحدة إفريقية، حكومة إفريقية واحدة وجيش موحد، وعملة واحدة وبنك مركزي إفريقي وسياسة خارجية واحدة.

 

بينما مجموعة روزفلت لم يكن لديها أدنى استعداد للتخلي عن جزء من سيادتها لصالح اتحاد فيدرالي إفريقي، وتمسكت بأن يكون الاتحاد تعاونًا اقتصاديًا أولًا تعقبه مراحل أخرى.

 

نكروما رأى أن التنمية الاقتصادية لا تتحقق إلا من خلال وحدة سياسية وليس شيئا آخر، رابطًا أفكاره حول الوحدة الاقتصادية بمخاطر الاستعمار الجديد المتمثل في البلقنة والتقسيم وتغذية الصراعات المسلحة لعرقلة بناء الدولة الإفريقية، والمواجهة تكون من خلال دولة إفريقية.

 

الاستعمار الجديد أسوأ أشكال الاستعمار فهو يعني لمن يمارسونه السيطرة دون مسؤولية، قالها نكروما، متوقعًا في حال التباطؤ في إجراءات الوحدة السياسية، نشوب صراعات وحروب وانقسامات في الدول المستقلة حديثًا، فقوة الأفارقة في وحدتهم وقوة دول الاستعمار في ضعف وانقسام الأفارقة.

 

كانت مصر في مؤتمر الدار البيضاء، وفي مؤتمرات الدول المستقلة قائدة للتحرر وداعمة لمواصلة القضاء على القواعد العسكرية للمستعمر، وداعمة للوحدة الإفريقية للتخطيط الاقتصادي الشامل والمتكامل وتنمية القدرة الصناعية، للتحرر الفعلي من سيطرة الاستعمار.

 

فيما تزعمت نيجيريا معارضة أفكار نكروما، مؤكدة أنها أفكار عاطفية تحمل مغالاة وطموحًا أكثر من الممكن، داعية للتطور التدريجي في التعاون والتكامل فالأفكار التي تتطور تدريجيًا أكثر دوامًا واستمرارًا، بل قال بلغ بمؤيدي هذا التوجه القول: "إذا تصور أي شخص خطًا أن المسيح هو الذي أرسل ليتزعم بناء وحدة سياسية إفريقية فإن الوحدة كلها سيكون مآلها الفشل والإخفاق".

 

وأمام هذا التباين الكبير في الرؤى، تم الأخذ برؤية وسطية تتبنى البناء التدريجي، وتم إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية بمشاركة 32 دولة إفريقية مستقلة عند التأسيس 1963.

 

لم ييأس نكروما وعاود طرح فكرته في القمة الإفريقية بالقاهرة 1964، وقررت القمة إحالة المشروع للجنة فنية للدراسة، تمهيدًا لعرضه على مؤتمر القمة المقبل في أكرا 1965، وعرض لكنه لم يبق تأييدًا وفي العام التالي 1966 أطاح انقلاب في غانا بحكم نكروما.

 

وواصلت منظمة الوحدة الإفريقية جهودها في قمم متوالية من العام 1963 وحتى العام 2001، نجحت خلال تلك الفترة في تحقيق أهداف رئيسية أهمها القضاء على أشكال الاستعمار التقليدية بتحرر كل دول القارة وجلاء المحتل، لكنها أخفقت في إنهاء الصراعات الإفريقية.

 

ليحل الاتحاد الإفريقي عام 2002 محل منظمة الوحدة، ويبدأ في بناء 8 تجمعات اقتصادية إقليمية تسعى لتكامل يتم البناء عليه، ويبلغ عدد الدول الأعضاء اليوم بالاتحاد 55 دولة إفريقية، ونجح الاتحاد بمؤسساته في الحد من الصراعات ودعم جهود التنمية، رغم حجم التحديات المتزايد وتنامي الصراعات بين دول إفريقية وبين قوى داخل الدولة الواحدة.

 

فرغم ما تملكه القارة من ثروات متنوعة تواجه تحديات اقتصادية وأمنية ومناخية، يسعى الاتحاد الإفريقي لمجابهتها، سعيًا لمرحلة أكبر من التكامل الاقتصادي والتنمية الشاملة والدفاع المُشترك.

وحول الإمكانات الإفريقية والتحديات الواقعية للحديث إن شاء الله بقية.

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز