عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
الحوار الوطني
البنك الاهلي
الحوار الوطني.. فرصة تاريخية لتعزيز الشراكة الوطنية

الحوار الوطني.. فرصة تاريخية لتعزيز الشراكة الوطنية

شرفت بالأمس بالمشاركة في الجلسة الافتتاحية لجلسات الحوار الوطني، التي استهلها الرئيس عبد الفتاح السيسي بكلمة مُسجلة، جدد التأكيد خلالها أن "الاختلاف في الرأي لا يُفسد للوطن قضية"، محددًا أهداف الحوار الذي دعا إليه في إفطار الأسرة المصرية العام الماضي.



 

ولعل ما أُنجز خلال عام من تهيئة بيئة الحوار، وتشكيل أمانته الفنية ولجانه النوعية، ومحاوره الرئيسية، لينتقل بالأمس لبدء مرحلة النقاش حول كل القضايا الوطنية؛ فرصة حقيقية تاريخية لبناء مستقبل أفضل لهذا الوطن الغالي، ورسم خريطة جديدة لأولويات تواجه التحديات، نابعة من نقاش مجتمعي يتشارك في رسمها أطياف شعب مصر كافة، بمختلف مكوناته واتجاهاته.

 

ويمكن استخلاص مؤشرات عدة أساسية من تلك الجلسة الافتتاحية على النحو التالي:

أولًا: بعثت الجلسة الافتتاحية برسالة مفادها أن الإرادة السياسية- ممثلة في رأس الدولة الرئيس عبد الفتاح السيسي- عازمة على نجاح ذلك الحوار الوطني غير المسبوق تاريخيًا، وتلك الإرادة، كما قال الرئيس، نابعة من "يقين راسخ لدي، بأن أمتنا المصرية، تمتلك من القدرات والإمكانيات، التي تتيح لها البدائل المتعددة، لإيجاد مسارات للتقدم في كل المجالات، سياسيًا واقتصاديًا ومجتمعيًا، وأن مصرنا الغالية، تمتلك من كفاءات العقول، وصدق النوايا، وإرادة العمل، ما يجعلها في مقدمة الأمم والدول وأن أحلامنا وآمالنا، تفرض علينا، أن نتوافق ونصطف للعمل، ونجتمع على كلمة سواء".

 

فهو حوار بين مكونات شعب لا بين سلطة حاكمة ومعارضة، فمشهد أمس ضم الحكومة- ممثلة في رئيس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولي وعدد من الوزراء، ونواب بمجلسي النواب والشيوخ- وقيادات النقابات المهنية والعمالية، ورؤساء الأحزاب وممثلي القوى السياسية الشرعية التي تحترم الدستور وتعمل في ظل ضوابطه.

كما ضم المشهد ممثلي الاتجاهات السياسية، ورؤساء مجالس إدارات كبرى الأندية الرياضية، وقيادات قبلية وخبراء بالمراكز البحثية وأساتذة جامعات وشبابًا، ليشمل الحوار تمثيلًا متوازنًا للجغرافيا والفئات العمرية والاتجاهات السياسية.

 

في الجلسة الافتتاحية كانت مصر جميعها ممثلة، كل مكونات شعب مصر كانت حاضرة باستثناء من ارتكبوا جرائم سفك الدماء الطاهرة، أو من حرضوا على العنف، أو أنكروا الشرعية الدستورية.

 

ثانيًا: بدأت الجلسة الافتتاحية بكلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رأس السلطة بالدولة، الذي جاء الحوار الوطني استجابة لدعوته، محددًا أهداف الحوار، معلنًا دعمه الكامل له، واعدًا بحضور فعالياته بجلساته الختامية وهنا الأهداف:

١- يستهدف الحوار تبادل الرؤى، مبتغين صالح وطننا العزيز ولرسم ملامح جمهوريتنا الجديدة، دولة ديمقراطية حديثة.

٢- وضع خارطة طريق للأبناء والأحفاد، لمستقبل واعد مشرق.. يليق بهم.

٣- يتطلع الرئيس "لأن يكون الحوار شاملًا وفاعلًا وحيويًا يحتوي كل الآراء، ويجمع كل وجهات النظر، ويحقق نتائج ملموسة ومدروسة، تجاه جميع القضايا على جميع المستويات".

٤- اقتحام المشكلات والقضايا وتحليلها، وإيجاد الحلول والبدائل لها.

 

ثالثًا: التوافقات والاستثناءات 

١- جميع المجتمع مشارك ومدعو للمشاركة في الحوار، باستثناء من اقترف جريمة إراقة الدماء أو حرّض على العنف، أو رفض الشرعية الدستورية، ممثلة في دستور 2014.

٢- مجلس أمناء الحوار الوطني توافق على ثلاث قضايا بالإجماع:

أ- لا مساس أو تعديل بالدستور الحالي للبلاد، فمسار تعديله محدد والموافقة على التعديلات باستفتاء شعبي.

ب- لا مساس بالسياسة الخارجية للدولة ولا أدواتها، فهناك إجماع على سلامتها وبذل الجهات المعنية أقصى جهد في التعامل مع المتغيرات والأزمات الإقليمية وآخرها ما يحدث في السودان.

ج- لا تطرق للأمن القومي الاستراتيجي، فهناك ثقة في إدارة القوات المُسلحة المصرية له.

 

رابعًا: الثوابت 

١- الحوار ليس مؤسسة بديلة عن الحكومة، أو مؤسسات الدولة، بل هو شعب يتحدث ويحاور ويطرح البدائل في شكل مقترحات بقرارات قابلة للتنفيذ أو مقترحات بتعديلات تشريعية، يتم رفعها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، ليتخذ بشأنها القرارات اللازمة.

وقد اتخذ الرئيس فعليًا قرارًا بالإشراف القضائي الكامل على كل الاستحقاقات الانتخابية، استجابة لتوصية أمانة الحوار الوطني.

٢- الحوار الوطني ليس منصة لمحاسبة الحكومة، فالمؤسسات التشريعية هي المعنية، بل هو مؤسسة لطرح الرؤى والبدائل وحلقة وصل لإيصال مقترحات مكونات الشعب المصري للرئيس رأس السلطة السياسية.

٣- وما دون ذلك فلا خطوط حمراء على ما يتم اقتحامه من مشكلات، وما يطرح من قضايا، وما يراه المتحاورون بشأنها.

ولعل هذه الأهداف التي وضّحها الرئيس السيسي، والدعم الذي يعكس إرادة سياسية حقيقية في تعزيز الشراكة المجتمعية في بناء الجمهورية الجديدة، دولة مدنية حديثة، والثوابت التي توافق عليها أعضاء الأمانة العامة وأوضحها المنسق العام للحوار الوطني ضياء رشوان، والجهد التنظيمي للجان الذي أوضحه المستشار محمود فوزي رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني، يقدم قواعد انطلاق ذلك الحوار التاريخي.

 

خامسًا: مؤشرات البدايات المطمئنة 

١- منح الكلمات في الجلسة الافتتاحية عكس إدارة احترافية متوازنة على النحو التالي:

أ- بدأت الجلسة بكلمة رئيس الدولة الداعي للحوار وراعية، التي وجه فيها الشكر لكل المشاركين من مختلف مكونات الشعب، واعدًا بدعم لا محدود، متطلعًا لنتائج ملموسة ومدروسة واعدًا بحضور الجلسات الختامية.

تلى ذلك كلمة المنسق العام، كاشفًا ما انتهت إليه الأمانة العامة من توافقات على الاستثناءات والثوابت، تلاه رئيس الأمانة الفنية، موضحًا ما خلص إليه عام كامل من العمل، لتأتي كلمة السيد عمرو موسى، بصفته رئيس لجنة الخمسين، التي صاغت نصوص دستور 2014، يليه رسالة بعث بها السيد حمدين صباحي المرشح الرئاسي السابق مؤسس حزب الكرامة، الذي حال دون حضوره وفاة شقيقته الكبرى قبل ساعات من موعد الجلسة الافتتاحية.

ثم كلمات رؤساء الأحزاب بتنوعهم واختلافهم، والذين طرحوا آراءهم بكل جدية.

٢- مضامين الكلمات وما شهدته من لغة حماسية، واقتحام كل القضايا الاقتصادية والحريات، والتأكيد على الحرص على المشاركة، رغم اختلاف الرؤى ومعدلات الثقة فيما يمكن أن يسفر عنه الحوار من مخرجات، مبعثه إدراك الجميع لحجم التحديات التي يواجهها الوطن وإدراك الجميع لمسؤوليته الوطنية.

وهنا نخلص إلى أن الفرصة تاريخية وسانحة لحوار حقيقي يقدم فيه الجميع ما يمكن إدخاله من إصلاحات على خارطة الأولويات الوطنية، وما يمكن أن يسفر عنه من تعزيز الحريات التي كفلها الدستور والحماية المجتمعية للطبقات الفقيرة، وتعزيز تفعيل التزامات الدولة والمجتمع والنهوض بالسياسات الاقتصادية.

إن المشاركة في الحوار بوعي، ومن خلال دراسة عميقة لأبعاد القضايا فريضة وطنية، لمنح جهود الإصلاح التي نلمسها جميعًا دفعة قوية للأمام، فالوطن يستحق العطاء ويمتلك من الثروات ما يضعه في مقدمة الأمم، وأهم ثروات مصر شعبها ورجالها المخلصون.

 

حفظ الله مصر

 

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز