في ذكراه الأولى.. محمد عبدالمنعم زهران.. القاص الذي عشق التجريب
تحل غدا الذكرى السنوية الأولى للكاتب والقاص محمد عبدالمنعم زهران، الذي رحل عن دنيانا رسميا في التاسع والعشرين من مارس عام 2022، عن عمر يناهز التاسعة والأربعين، بعد صراع لم يطل مع المرض.
وعما يميز أدبه، تقول الكاتبة الصحفية والقاصة سمية عبدالمنعم، زوجة الراحل محمد عبدالمنعم زهران:
كعادة "زهران"، فهو يجنح للإنسانية ويراها الهدف الأسمى لوجود الانسان على هذه الأرض، وهي السمة التي تجمع أدبه عامة.
فالإنسان البسيط وآلامه وأحلامه هو بطل قصص زهران جميعا، وخاصة ذلك الإنسان الذي لا يستطيع تحقيق حلمه.
وتضيف: كما تميز زهران بقدرته الفائقة على التجريب في السرد، فالكتابة بالنسبة إليه مثلما قال يوما "لعبة جميلة"، وكما ورد في آخر تصريح له: "أحب الألعاب السردية وأحب التجريب في القصة القصيرة".
مضيفة: فلم تخل مجموعة قصصية وربما قصة له من تنوع الرواة في السرد، فكان يتنقل بين أكثر من راو "عليم، متعدد، سارد، مشارك"، في القصة الواحدة بسهولة ويسر دون أن يفقد القاريء عنصر الجذب والإثارة، وهو ما يندر أن يتسم به قاص في وطننا العربي، وربما استطاع زهران اكتساب تلك الصفة من كونه قارئا جيدا للأدب العالمي، وبخاصة أدب أمريكا اللاتينية، والأدب الروسي، وهو ما يجعل أدبه متصفا بالعالمية شكلا، يمتد إلى جذور المصرية معنى وأفكارًا.
وأشارت إلى أن مجموعاته القصصية تحفل بتلك السمة وربما كانت مجموعة "بجوارك بينما تمطر" أكثرها ثراء بالتنوع السردي والحكائي، تليها مجموعة "سبع عربات مسافرة"، التي حازت على جائزة يوسف إدريس في القصة القصيرة 2020، ثم "حيرة الكائن"، الحائزة على جائزة الشارقة 2000، و"هندسة العالم"، مجموعته الأخيرة.
كما أشارت إلى تأثر زهران بفرناندوا بيسوا، وميلان كونديرا، وتتمثل نقطة التأثر ببيسوا في تناوله للإنسانيات وأفكاره التأملية، والتمحور والحديث عن الآخر، الا أن الآخر عند بيسوا هو شخصيات متخيلة، من خلق مخيلته وليست حقيقية، لكن الآخر عند زهران هو شخصيات حقيقية، يراها حوله، فهو يتأثر بكل ما يدور في عالمه وعوالم الآخر، ولديه قدرة عظيمة على التقاط التفاصيل وبناء عالم كامل من الإبداع.
كما أن هناك نقاط التقاء بين أدب زهران وبيسوا، فقد انطوت أعمال بيسوا على دلالة الحنين، والحنين بمعناه اللغوي هو الرغبة في رؤية ما تم فقده ولم تعد في استطاعتنا استعادته، وتلك نقطة التوافق، فمفردة الفقد ودلالتها يزخر بها أدب زهران، على اختلافه، من قصة أو شعر، وهو المعنى الرئيسي الذي تقوم عليه معظم أفكاره، فقد الحبيب، الصديق، الأخ، أو حتى فقد الإنسانية وقيمها، الفقد بمعناه الأشمل والأعم.
كما يبدو جليا تأثر زهران بميلان كونديرا الروائي التشيكي، ويظهر ذلك ربما في تناول كونديرا الفلسفي والتأملي وهو الأمر ذاته الذي يميز عمق أفكار زهران، واعتبار كونديرا أن الرواية هي الانسان ويجب أن تدور حول ذاته، وهو منطلق أدب زهران وأساسه؛ الإنسان.
وتؤكد سمية أنه مثلما كان يمارس الألعاب السردية في القص، فقد جاء شعره النثري مختلفا، يبدو ذلك جليا في ديوانه الوحيد "دون ضجيج"، الذي صدر عن دار أكوان للنشر عام ٢٠٢٢، فقصائده تأتي مزيجا عبقريا بين عمق الرؤية الفلسفية، وبساطة التعبير عن الذات الإنسانية، وهو ما كان سيتيح له مكانة مختلفة في عالم الشعر لو أن القدر تمهل عليه قليلا.
وتختتم سمية قائلة: إن مبدعا طرق الكثير من أشكال الإبداع نثرا وشعرا، فكتبت القصة القصيرة والمسرحية والرواية وقصص الأطفال والشعر، بالمهارة والتمكن ذاتهما، لخليق بأن يحتفي الجميع بإبداعه ويطالعوه ويعتزوا به.
يذكر أن محمد عبدالمنعم زهران، قاص وروائي وشاعر ومسرحي مصري، ولد عام 1972،وتوفي في مارس 2022.
صدر له :
- في المسرح:
أشياء الليل – مسرحية – دار سعاد الصباح – الكويت – 2000 م.
ساحر الدراما- مسرحية – طبعة محدودة - إصدارات المجموعة الأدبية 2008 .
زيارة عائلية – مسرحية – المركز الأدبى للنشر والترجمة – أسيوط - 2013
- في القصة القصيرة:
حيرة الكائن – قصص – دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة – الشارقة 2001 طبعة ثانية- دار النسيم للنشر والتوزيع – القاهرة -2016 م
بجوارك بينما تمطر – دار الأدهم للنشر والتوزيع – مصر 2013، وطبعة جديدة_ دار أكوان_2022
سبع عربات مسافرة- قصص – دار النسيم للنشر والتوزيع- القاهرة- 2017، طبعة جديدة دار اكوان 2022
هندسة العالم- قصص- منشورات المتوسط- ميلانو 2020
المتجول في الأحلام_ مجموعة مترجمة للإنجليزية_ دار أكوان2022.
- في الشعر:
ديوان دون ضجيج _ شعر نثري_ دار أكوان 2022.
- في أدب الأطفال:
أنا ومجتمعى – سلسلة قصص للأطفال – دار أصالة للنشر والتوزيع – بيروت-2017
- الجوائز
تحصل على عدة جوائز في مجالي القصة والكتابة المسرحية، منها عربيا:
جائزة أخبار الأدب للقصة1999
جائزة الهيئة العامة لقصور الثقافة القصة المفردة 2000.
الجائزة الأولى في مسابقة سعاد الصباح للتأليف المسرحي، 2000. عن مسرحية " أشياء الليل".
جائزة الشارقة للإبداع العربي في القصة القصيرة، 2002 عن مجموعة " حيرة الكائن".
جائزة يوسف إدريس في القصة القصيرة 2020 عن مجموعة " سبع عربات مسافرة"،
وخمس جوائز أخرى إقليمية ومحلية، كما تم تكريم اسمه في مؤتمر أدباء مصر 2023،
وقد تم إطلاق جائزة في القصة القصيرة تحمل اسم محمد عبدالمنعم زهران، برعاية دار أكوان للنشر.



